القائد خضر عدنان: عهد الاستشهاديين الأسرى

اجتهد كيان الاحتلال منذ عام 2005، في إيجاد حل لمعضلة عصيبة كانت تؤسس لمعادلة جديدة بين الأسرى تُدعى "الشيخ خضر عدنان"، دون ان ينجح. 6 معارك خاضها الشهيد عدنان على مدى 18 عاماً، كانت شاهدةً على ارتباك المؤسسة الأمنية للاحتلال، التي كانت أمام خيارين أحلاهما مُرّ: الافراج عنه ليعود من جديد إلى جنين حاملاً فكره التعبوي الجهادي المؤثر، أو اعتقاله إدارياً لينقل المعركة إلى الداخل فتخرج الأمور عن السيطرة، تماماً كما توقّعت مصلحة السجون الإسرائيلية التي أعلنت النفير العام بعيد استشهاده.

أبلغت مصلحة السجون الإسرائيلية، الحركة الأسيرة استشهاد القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، صباح اليوم الثلاثاء، بعد إضرابه عن الطعام لمدة 87 يوماً، رفضاً لاعتقاله. وجاء في بيان مصلحة السجون انه قد "عُثر على سجين أمني مضرب عن الطعام فاقداً الوعي داخل زنزانته بسجن "نيتسان"، وأضاف أنه "نُقل إلى المستشفى ثم توفي لاحقاً"، وفق الرواية الإسرائيلية.

واتهم نادي الأسير، الاحتلال الإسرائيلي باغتيال الشيخ عدنان عن سبق إصرار، وطالبت هيئة شؤون الأسرى بتسليم جثمان الشهيد فوراً من أجل "تشييعه بشكل يليق بتاريخه". كما أكدت الهيئة أنها قد علّقت العمل أمام المحاكم العسكرية الاسرائيلية، احتجاجاً على استشهاده.

واضحةٌ هي ملامح المعركة: الشيخ خضر عدنان قُتل عمداً، باغتيال سياسي كان كيان الاحتلال قد مهد له منذ اعتقاله، ثم رفضه الافراج عنه مع تدهور حالته الصحيّة، وهو الذي يدرك أن "مفجّر معركة الأمعاء الخاوية" سيعيد سيرته الأولى لنيل الحرية او الشهادة.

أيقونة أسيرة نالت حريتها غصباً

خلال مقابلة له مع موقع "الخنـادق" في 23 أيلول/ سبتمبر عام 2021، علّق الشهيد القائد على العمليات الفدائية التي تزداد وتيرتها في الضفة الغربية المحتلة وجنين، في تصريح يفتح الباب من جديد على علاقة الشيخ عدنان بالتأهيل التعبوي والدور الكبير الذي يلعبه سرّاً وعلانية في نشر ثقافة المقاومة واعداد المقاومين في الأراضي المحتلة. حيث أكد الشهيد عدنان على ان "جنين تريد من العمليات وحركات المقاومة الأخيرة فيها ان تثبت معادلات ردع جديدة -الارباك الليلي، واستنزاف أمن الاحتلال لا سيما عند حاجز الجلمة، والقول بأن هذا الاحتلال هشّ ويمكن مقاومته بالأدوات البسيطة كالعبوات محليّة الصنع، وبأنه جبان لا يدخل الا بمركبات عسكرية مدرّعة". مشيراً إلى "حرب الأدمغة والعقول وأهمية الحفاظ على سرية العمل بين المجاهدين"، ومتحدثاً عن تأسيس حركة الجهاد الإسلامي في جنين والضفة الغربية المحتلّة، وعن العمليات الأولى للحركة وسرايا القدس والتنسيق مع الفصائل الأخرى.

وأكد الشيخ الشهيد، خلال مقابلة كان قد أجراها موقع "الخنـادق"، على سياسة الصمت عند التحقيق، التي تُعد اليوم كوصيّة: "تُقطع أصابعنا وتقطع ألسنتنا ولا نعترف بكلمة".

تدرك المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أهمية المعركة النوعية التي كان يخوضها الشيخ خضر عدنان من داخل المعتقل وخارجه. لذلك، كان اغتياله أمراً ضرورياً. في حين كان قرار التنفيذ يتطلب مزيداً من الوقت وكثيراً من الحذر لما قد يترتب على هذه الخطوة من تداعيات بانت أولى ملامحها لحظة الإعلان عن استشهاده بقصف الأراضي المحتلة بـ 3 صواريخ من قطاع غزة.

وبينما صرّحت زوجة الشهيد في بيان جاء فيه: "لا نريد أن يرد أحد على مقتل الشيخ، لا نريدهم أن يطلقوا الصواريخ ثم تُهاجم غزة. لقد نال الشيخ عدنان ما أراد..."، تنتظر "إسرائيل" بحذرٍ ما قد يحدث خلال الأيام المقبلة، لِعلمِها، ان ما أسسه الشهيد القائد، سيُنتج حركةً مقاوِمة، يكون قوامها ربط ملف الأسرى بالعمليات الفدائية خارج المعتقل، إضافة لافتتاح مرحلة جديدة يصبح فيها الأسرى داخل المعتقل أكثر قدرة على المواجهة بتكتيكات يُخشى ان تكون مستحدثة نظراً لمدى تأثير فكر ونضال الشيخ عدنان كأيقونة أسيرة نالت حريتها غصباً.  

فصائل المقاومة: الحساب مفتوح

من جهتها، نعت الفصائل الفلسطينية المقاومة الشهيد خضر عدنان، مجتمعة على قرار المواجهة الحتمي. وقال الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة، إنّ "أبناء الحركة اختاروا طريق الشهادة بإرادتهم، وإنّ الأسير خضر عدنان خير من مثّل هذا الخيار... شهادة خضر عدنان هي عنوان لمسيرة شعبنا الشجاع والعنيد"، مضيفاً: "لو لم يكن لدى الشعب الفلسطيني أمثال خضر عدنان، لذهبت قضيتنا أدراج الرياح".

فيما أكد رئيس المكتب السياسي لحركة، حماس إسماعيل هنية، ان "هذه معركة مفتوحة مع العدو"، توازياً مع تحذير الفصائل من ان "جريمة اغتيال الأسير عدنان لن تمر من دون رد".

بدورهم أكدوا أسرى الجهاد في المعتقلات الإسرائيلية بأنهم لن يقبلوا العزاء بالشهيد خضر عدنان وان الحساب مفتوح.

الوصية: لا تسمحوا للعدو بتشريح جسدي

"الذين آمنوا لا خوف عليهم ولا هم يحزنون"، "ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً"، "وحقٌ علينا نصر المؤمنين".

الحمد لله رب العالمين أن وفقني للإضراب عن الطعام للحرية، الحمد لله على نعمائه التي لا تعد، ولا تحصى، والصلاة والسلام على سيد الخلق حبيب الحق سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

أبعث لكم بكلماتي هذه وقد ذاب شحمي ولحمي ونخر عظمي وضعفت قواي من سجني في الرملة الحبيبة الفلسطينية الأصيلة، وصيتي هذه لأهلي وأبنائي وزوجي وشعبي...

...أوصيكم أن لا تتركوا لأحد حق عليّ معنوي أو مادي فمحبكم الأكثر حاجة إلى رحماته تعالى، إذا كانت شهادتي فلا تسمحوا للمحتل بتشريح جسدي وسجوني قرب والدي واكتبوا على قبري هنا عبد الله الفقير خضر عدنان...