الثلاثاء 29 حزيران , 2021 11:20

الإعلام العبري: جولة القتال الجديدة مسألة أسابيع

قطاع غزة

مطلع هذا الأسبوع سيعود وفد الكيان الإسرائيلي إلى القاهرة لمتابعة ملف المفاوضات مع الفصائل الفلسطينية بالتوازي مع تمسك حركة حماس بمطالبها -تحييد ملف الأسرى عن إعادة الإعمار- مع إصرار فصائل المقاومة وعلى رأسها حماس على تثبيت المعادلة التي تم تحديدها خلال "سيف القدس" واستثمارها فعليا بكل الملفات العالقة بين الجانبين مع اعتبار حماس انه "سيأتي وقت وتتراجع إسرائيل عن مطالبها".

مركز القدس للشؤون الأمنية والسياسية العبري وفي مقال له تحت عنوان: " إسرائيل و"حماس" تدركان أن التصعيد أقرب من أي وقت مضى" قالت انه "في تقدير حماس، الحكومة الجديدة في ورطة، وبإمكان الحركة الحصول على تنازلات إسرائيلية بواسطة عودة العمليات المسلحة بصورة تدريجية، في ضوء ضغوطات إدارة بايدن والمجتمع الدولي على حكومة بينت-لبيد".

النص المترجم:

تهدد "حماس" والفصائل الفلسطينية باستئناف التحركات الشعبية (بالونات مشتعلة وعمليات إزعاج ليلية بالقرب من السياج) إذا لم تفِ إسرائيل بوعودها وعرقلت إعادة الإعمار.

في ختام اجتماع طارئ الأسبوع الماضي في مكتب يحيى السنوار في غزة أعلنت الفصائل معارضتها مطالبة إسرائيل بربط إعمار غزة باستعادة 4 أسرى ومفقودين إسرائيليين.

عاد وفد أمني إسرائيلي بعد نقاشات أجراها في القاهرة مع الاستخبارات المصرية بشأن فرص الدفع قدماً بصفقة تبادُل أسرى جديدة بين إسرائيل و"حماس". لم تحرز الاجتماعات أيّ تقدُّم، وبعد عودته إلى إسرائيل قدّم الوفد تقريره إلى نفتالي بينت، طالباً منه التوجيهات لما يجب فعله لاحقاً. وستبحث مصر مع قيادة "حماس" الموقف الإسرائيلي، وسيعود الوفد الإسرائيلي إلى القاهرة هذا الأسبوع لمواصلة النقاشات.

تقول مصادر أمنية إسرائيلية إن إحراز تقدّم في موضوع استعادة 4 أسرى ومفقودين تحتفظ بهم "حماس" هو مفتاح إعادة إعمار غزة. المستوى السياسي في إسرائيل اتخذ هذا القرار بعد عملية "حارس الأسوار"، لكن "حماس" تعارض بشدة هذا الربط وستبذل كل شيء لفكّه. بالنسبة إليها، صفقة تبادُل الأسرى هي "ملف منفصل" تريد "حماس" بواسطته الحصول من إسرائيل على ثمن أكبر من ثمن صفقة شاليط في سنة 2011.

قبل 3 أسابيع حدد السنوار رقم 1111، وفسرت مصادر في "حماس" كلامه بأنه رقم الأسرى الأمنيين الذين تطلب "حماس" من إسرائيل إطلاق سراحهم في إطار صفقة تبادُل أسرى جديدة. وكانت إسرائيل أطلقت في صفقة شاليط سراح 1027 أسيراً مقابل جندي إسرائيلي واحد في قيد الحياة.

موضع خلاف آخر بين إسرائيل و"حماس" هو المال القطري، أي المساعدة الشهرية القطرية البالغة 30 مليون دولار، والتي تسمح إسرائيل بإدخالها نقداً إلى غزة كل شهر. جزء من هذا المال مخصص لشراء الوقود لمحطة توليد الطاقة في مدينة غزة والباقي لدفع الرواتب لـ"حماس" والعائلات المحتاجة، لكن يبدو أن أغلبية هذا المال تذهب لمصلحة بناء القوة العسكرية لـ"حماس"، وحفر أنفاق، وإنتاج صواريخ.

إسرائيل تعارض حالياً تحويل المال نقداً وتطالب بإدخاله بواسطة السلطة الفلسطينية، لكن "حماس" ترفض ذلك بشدة.

فشل الاجتماع بموفد الأمم المتحدة

التقى زعيم "حماس" في غزة يحيى السنوار في 21 حزيران موفد الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط تور وينسلاند وبحث معه في المساعدة الإنسانية لقطاع غزة وعملية التهدئة واعادة إعمار القطاع. موفد الأمم المتحدة أوضح للسنوار موقف إسرائيل الذي يربط بين إعادة إعمار غزة واستعادة 4 أسرى ومفقودين إسرائيليين. في هذه الأثناء لا تزال المعابر الحدودية بين غزة وإسرائيل مغلقة ومجال الصيد لا يزال في حدود 6 أميال فقط.

تقول مصادر في "حماس" إن اللقاء بين السنوار وبين موفد الأمم المتحدة كان صعباً، إذ رفع السنوار صوته أكثر من مرة، وهدد بأنه إذا لم تسمح إسرائيل فوراً بدخول المال القطري نقداً فإن "حماس" ستستأنف التصعيد على حدود القطاع. وتضيف مصادر في "حماس" أن الحركة ستستأنف التصعيد تدريجياً، وستبدأ بإطلاق البالونات المشتعلة على إسرائيل، وكل قصف إسرائيلي سيُرَد عليه "بالمسّ مباشرة بمستوطنات غلاف قطاع غزة."

إن جولة قتال جديدة بين إسرائيل و"حماس" هي مسألة أسابيع، في رأي مصادر أمنية إسرائيلية رفيعة المستوى، وفي مطلع الأسبوع استمع المجلس الأمني الجديد إلى تقارير قادة في الجيش الإسرائيلي بشأن الاستعداد لجولة جديدة.

في تقدير "حماس"، الحكومة الجديدة في ورطة، وبإمكان الحركة الحصول على تنازلات إسرائيلية بواسطة عودة العمليات المسلحة بصورة تدريجية، في ضوء ضغوطات إدارة بايدن والمجتمع الدولي على حكومة بينت-لبيد، من أجل التوصل إلى تهدئة على حدود القطاع.

مصادر في "حماس" تقول إن الحركة بلّغت كل الوسطاء أنها ليست مُلزَمة بوقف إطلاق النار مع إسرائيل، وهي تطالب بإعادة إعمار غزة فوراً، وتهدد بأن عرقلة إعادة الإعمار ستؤدي إلى تجدد أعمال العنف.

لكن في "حماس" يعرفون جيداً أن الوضع اليوم يختلف عن الوضع الذي كان سائداً في صيف 2014 بعد عملية "الجرف الصامد". الظروف تغيرت تغيراً جذرياً وإعادة إعمار غزة تبدو بعيدة أكثر من أي وقت مضى، والمؤشرات تنذر بالأسوأ وتشير إلى أن إسرائيل و"حماس" على طريق مواجهة عسكرية جديدة لعدة أسباب هي:

أعلنت "حماس" تطبيق معادلة جديدة "غزة- القدس". وما دام الوضع في القدس الشرقية لم يهدأ بسبب مشكلة حي الشيخ جرّاح، وفي قرية سلوان، والحرم القدسي أمس، حيث جرت مواجهات عنيفة بين عائلات يهودية وعائلات فلسطينية في حي الشيخ جرّاح، وبحسب المعادلة الجديدة، يمكن أن تستأنف "حماس" إطلاق بالونات مشتعلة وصواريخ على إسرائيل. في سيناريو من هذا النوع سيتعرض القطاع لقصف مكثف من إسرائيل، ومن الصعب أن يكون هناك أي إعادة للإعمار.

تعارض إسرائيل أي إعادة للإعمار من دون استعادة 4 أسرى ومفقودين لدى "حماس". وهي لن تقبل مطالب "حماس وليست مستعدة لإبداء مرونة مقابل إطلاق زعماء ومئات الأسرى. لا ينوي المستوى السياسي في إسرائيل ارتكاب الأخطاء عينها التي ارتُكبت في صفقة شاليط في سنة 2011، ولا تريد "حماس" فهم التغير في المستوى السياسي في إسرائيل، والصحيح حتى الآن عدم حدوث انعطافة في اتصالات صفقة تبادُل الأسرى بين "حماس" وإسرائيل.

المجتمع الدولي متردد ويتخوف من تحويل الأموال لإعادة إعمار القطاع. معظم الأموال التي حُوّلت لإعادة إعمار غزة بعد عملية "الجرف الصامد" في سنة 2014 اختفت ودول العالم تتساءل ما الفائدة من إعمار القطاع إذا كانت "حماس" تبادر إلى الحرب ضد إسرائيل كل بضعة أعوام. من جهتها أعلنت مصر مساهمتها بـ500 مليون دولار لإعادة إعمار غزة، والتقدير في العالم العربي أن هذا المال هو من دولة الإمارات التي تريد نفوذاً لها في القطاع في مواجهة المحور القطري -الحماسي. وباستثناء المساعدة المصرية، فإن سائر الأطراف العربية والدولية تتردد في المساهمة في إعادة إعمار القطاع.

أغلقت إسرائيل المعابر مع غزة وترفض إدخال مواد إلى القطاع من أجل إعادة الإعمار (الأسمنت والحديد والخشب والكابلات الكهربائية) من دون وجود آليات رقابة ناجعة تضمن عدم وصول هذه المواد إلى "حماس" لترميم شبكة الأنفاق ("المترو") وتحصين الحركة. كما طلبت إسرائيل من مصر وقف دخول مواد البناء من مصر إلى القطاع عبر معبر رفح، واستجابت مصر لهذا الطلب موقتاً.

ترفض حركة "حماس" اقتراح السلطة الفلسطينية إنشاء "طاقم لإعادة إعمار غزة" بمشاركة ممثلين للسلطة وإسرائيل والأمم المتحدة. مصادر في "حماس" تقول إن الحركة ستحبط إقامة أي نظام رقابة على مواد البناء، وفي رأيهم، سيأتي وقت وتتراجع إسرائيل عن مطالبها. ويدّعون في "حماس" أنه حتى لو جرى تسليم مواد البناء مباشرة إلى العائلات التي دُمرت منازلها فستصل في نهاية الأمر إلى الحركة لأن أغلبية سكان القطاع من مؤيدي "حماس" وفكرة "المقاومة" والنضال المسلح ضد إسرائيل. حتى الآن يبدو الوضع معقداً ويحاول مختلف الوسطاء إيجاد حلول مبتكرة.


المصدر: مركز القدس للشؤون الأمنية والسياسية

الكاتب: يوني بن مناحيم




روزنامة المحور