هو السيد حسن نصر الله الذي افتتح عهدًا جديدًا من الحرية والمقاومة والتحرر في العصر الحديث. لقد قدم السيد نصر الله النموذج العملي للقائد الملهَم والملهِم في تصالح الشعوب مع ذاتها، كل شعوب الأرض، عبر العودة إلى حقيقة النفس الإنسانية الرافضة للذل والخضوع والتوّاقة للحرية والعيش بكرامة.
جمع سمات الكاريزما القيادية في التواصل والتحفيز والثقة والالتزام والتواضع والتعاطف ووضوح الرؤية. هو القائد الاستثنائي في كل الميادين والمجالات: السياسية والعسكرية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية. قضى عمره الشريف في الدفاع عن لبنان وسيادته وحقق سلسلة من الإنجازات المشرقة في تحرير الجنوب وصدّ الاعتداءات الصهيونية، وإحباط مخططات العدو الخارجي في ضرب استقرار لبنان وأمنه.
قدّمت خطاباته أسسًا في بناء الرؤى الوطنية النهضوية لمشروع المقاومة حيث تتكامل ركيزتا مشروعية المقاومة وبناء الدولة في وحدة الأهداف وتوزيع الأدوار دون أي تناقض بينهما أو تضادّ؛ مركّزًا على ضرورة رفد أحدهما الآخر بالقوة اللازمة. في مسار المقاومة العسكرية أهدى نصر تموز لجميع الشركاء في الوطن بل للأمة كلها، وفي المسار السياسي لطالما شدّد على أن حزب الله من "دُعاة الشراكة الوطنية في بناء الدولة العادلة والقادرة والشراكة الوطنية والتعاون من أجل إخراج لبنان من أزماته" (خطاب الأمين، 10 أيار 2022).
ولطالما انتظر العدو خطابه قبل الصديق لأنه القائد الصادق، الحكيم، عميق الفكر وواسع البصيرة. أمضى السيد حياته ومن ضمن أولى أولوياته العمل على تعزيز الوعي السياسي لدى الشعب والأمة عمومًا والبيئة الحاضنة خصوصًا، وكانت خطاباته الغنية كمًّا ونوعًا ميادين مفاهيمية لكل شرائح المجتمع: من نخبه إلى عماله. كما قدم في مؤتمر تجديد الخطاب الإعلامي في تموز 2021 رؤية تأسيسية شاملة تأكيدًا منه على أهمية المعركة الإعلامية وضرورة مواكبة الخطاب للتطورات والتحولات في المنطقة في سياق دعم استراتيجية "جهاد التبيين" لنقل الحقائق وكشف التضليل والخداع الذي يمارس على الأمة لطمس القضية الفلسطينية وتشويه نماذج المقاومة.
هو الأب المحب، الذي حفظ منذ حرب التحرير "وعده الصادق" في الوفاء والحب والالتزام لعائلته الكبيرة، الشعب اللبناني كله. وانضم إلى قافلة عوائل الشهداء وواسى بابنه أهالي الشهداء. قضى العمر فداء لبنان على مذبح الوطنية في دروب النصر والتحرير وتعزيز الوحدة الإسلامية. وحتى النفس الأخير، حمل القضية الفلسطينية في قلبه وقدم روحه على طريق القدس، واستحق بجدارة لقب "شهيد الإنسانية". هو "الشهيد الكبير"، على لسان سماحة المرجع الأعلى السيد السيستاني، و "الشخصية العظيمة" و"القائد البارز ورافع راية المقاومة.. وقائد قلّ نظيره" في نعي سماحة الإمام القائد السيد الخامنئي، وهو "ابن موسى الصدر والمدرسة حسينيّة كربلائيّة مقاومة" كما نعاه رئيس مجلس النواب، الأستاذ نبيه بري. وتبقى الكلمات قاصرة عن مقامات القائد الذي يندر مثله. عاش مقاومًا حرًّا وارتقى في جبهته وغرفة عمليات إدارة الحرب بين أهله وشعبه قائدًا شهيدًا، وحفر قبره في قلوب شعبه ومحبيه وأبنائه المقاومين حيث العهد لا للمهادنة ولا للاستسلام وسيبقى الشعار النهج والفكر: "هيهات منّا الذلة".
في هذه الدراسة المرفقة أدناه، كرونولوجيا السيرة الذاتية لشهيد الأمة والإنسانية، السيد حسن نصر الله (٢٨ تشرين الثاني 1959- 27 أيلول 2024).
يمكنكم تحميلها من هنا