الإثنين 17 آذار , 2025 02:52

وحدة 8200 تبني نموذج لغة من مليارات الكلمات بالعربية

جندي إسرائيلي وشاب فلسطيني وشعار وحدة 8200

تمثل وحدة 8200 الإسرائيلية رمزاً للقوة العسكرية الإسرائيلية في مجال الابتكار التكنولوجي قلّ نظيره في العالم، وسداً منيعاً أمام التحديات الأمنية المستجدة في الحروب الحديثة، من خلال تقنياتها المتطورة في الحرب السيبرانية والتجسس الإلكتروني والذكاء الاصطناعي.

تعتمد هذه الوحدة على تقنيات متطورة وفرق من المهندسين والمحللين يقدّر عددهم بـ 5,000 إلى 10,000 مهندس وخبير، لتنفيذ عمليات تجسس وهجمات إلكترونية معقدة.

في هذا السياق، بدأت وحدة 8200 بتدريب نموذج ذكاء اصطناعي جديد عالي الفعالية، شبيه لبرنامجChatGPT، وذلك بناءً على كميات كبيرة من المحادثات بالعربية المحكية بين الفلسطينيين، هذا ما يتحدّث عنه تحقيق أجراه موقع "سيحا ميكوميت" وصحيفة الغارديان البريطانية.

وقالت ثلاثة مصادر أمنية ذات معرفة بالأداة الجديدة أوردها موقع "سيحا ميكوميت"، إن هدف النموذج هو "الإجابة على أسئلة" مسؤولي الاستخبارات حول أي موضوع يتعلق بالأشخاص الذين يتبعونهم، وبالتالي مساعدتهم على معالجة المعلومات بسرعة. وأشار أحدهم إلى أنه تم تدريب النموذج الجديد على مئة مليار كلمة باللغة العربية المحكية.

وأوضح ضابط استخبارات قدم نفسه كقائد للمشروع "لقد أردنا إنشاء أكبر مجموعة بيانات ممكنة، وجمع كل البيانات التي حصلت عليها دولة إسرائيل باللغة العربية على الإطلاق".

إن الفرق الجوهري بين النماذج الأصغر التي تستخدمها الوحدة (تسمح بشكل ناجع بتصنيف معلومات، وتنضيد محادثات، والبحث عن كلمات رئيسة) والنموذج الكبير الذي يجري تطويره الآن هو أن النموذج الجديد يستخدم أيضاً محادثات يومية لا قيمة استخباراتية لها. "أن يتصل شخص ما بشخص آخر ويخبره أن يخرج لأنه ينتظره خارج المدرسة، هي مجرد محادثة، وغير مثيرة للاهتمام. ولكن من ناحية نموذج مثل هذا، فإن هذا ذهبٌ خالص، لأن بحوزتي المزيد والمزيد من البيانات التي يمكنني تدريب النموذج عليها"، كما يقول مصدر أمني في وحدة 8200.

إن نقطة التحول داخل وحدة 8200 وقعت بعد اندلاع الحرب الأخيرة. فبعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تجند في سلك جيش الاحتياط لوحدة 8200 بحسب الصحيفة آنفة الذكر، فدخل "خبراء إسرائيليون من الصف الأول" في نماذج اللغة. وقد جاءوا من شركات مثل ميتا وغوغل ومايكروسوفت، وشاركوا في مشروع لتطوير نموذج لغوي كبير ومستقل. وقال مصدر أمني عمل في المشروع إن خبراء في المجال ممن يتمتعون بمعرفة "لم تكن متاحة من قبل، باستثناء مجموعة مغلقة للغاية من الشركات في العالم"، قد دفعتهم الحرب إلى القدوم لوحدة 8200. وقال مصدر أمني آخر إنه "بفضل هؤلاء الخبراء الذين جاءوا من السوق المدنية، أصبحت الوحدة 8200 خبيرة في هذا المجال، واشترت مزارع خوادم متقدمة بعشرات ملايين الدولارات لتدريب نموذج اللغة".

روت مصادر أمنية أيضاً بحسب الصحيفة، أن النماذج اللغوية الموجودة في الوحدة 8200 تسمح بتنضيد المعلومات باللغة العربية وترجمتها إلى العبرية وتصفيتها بفعالية، بحيث تصبح المواد اليوم متاحة بشكل أسرع ومباشر أكثر لدى الألوية وفرقة "يهودا والسامرة"، والتي تنفذ الاعتقالات في المناطق المحتلة كل ليلة. بعبارة أخرى، يمكن للقادة الوصول إلى المعلومات الاستخباراتية الخام، والتي تُترجم إلى العبرية مباشرة، حتى من دون معرفة اللغة العربية بأنفسهم ومن دون المرور بمراكز 8200، والاختيار من قائمة متزايدة باستمرار من المشتبه بهم لاعتقالهم في كل قرية. وقال أحد المصادر: "أحياناً يكون الأمر ببساطة أن قائد الفرقة يريد ثلاثين أو مئة اعتقال شهرياً في قطاعه".

يسمح هذا النموذج اللغوي، على أساس "كميات مجنونة" من المعلومات الاستخباراتية، عملياً على المراقبة المكثفة للفلسطينيين في الأراضي المحتلة والتي تقوم بها "إسرائيل" منذ عقود.

ختاماً، قالت بريانا روزن، وهي ضابطة أمن سابقة في البيت الأبيض وباحثة عسكرية وأمنية في جامعة أكسفورد، إن الباحث الاستخباراتي الذي يستخدم أداة مثل ChatGPT يمكنه "تحديد التهديدات التي ربما فاتت البشر قبل حدوثها، ولكن كيف يعرف الباحث ما إذا كانت [الأداة] قد وجدت الاتصال الخاطئ أو توصلت إلى استنتاج خاطئ؟" وقالت إنه من المهم لمنظمات الاستخبارات مراقبة التكنولوجيا بطريقة مفيدة وفهم المنطق وراء قراراتها.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور