عادت الحرب على غزة، بضوء أخضر أميركي، على لسان المتحدثة باسم البيت الأبيض، التي صرّحت لفوكس نيوز"الإسرائيليون تشاوروا مع إدارة الرئيس دونالد ترامب والبيت الأبيض بشأن هجماتهم على غزة الليلة، وكما أوضح الرئيس ترامب، بأن حماس والحوثيين، وكل من يسعى لإرهاب ليس إسرائيل فحسب، بل الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً، سيدفع ثمناً باهظاً، وستُفتح عليه أبواب الجحيم".
وأضافت: "على جميع الإرهابيين في الشرق الأوسط ووكلائهم الإرهابيين المدعومين من إيران، وإيران نفسها، أن يأخذوا الرئيس ترامب على محمل الجد عندما يقول إنه لا يخشى الدفاع عن الشعب الملتزم بالقانون".
مع الساعات الأولى لمنتصف ليل الثلاثاء، أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير حربه، إسرائيل كاتس، باستئناف القتال في غزة، مع إجماع رؤساء الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، متهمين حركة حماس بـ"الرفض المتكرر" لإطلاق سراح الرهائن وكذلك جميع العروض المقدمة من المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف والوسطاء. إلا أن حماس أوضحت في بيان صحفي بأن "نتنياهو وحكومته المتطرفة يأخذون قراراً بالانقلاب على اتفاق وقف إطلاق النار، ويعرّضون الأسرى في غزة إلى مصير مجهول".
عقب ذلك، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي هجوماً واسعاً، على مختلف مناطق قطاع غزة، طالت مناطق مدنية وسكنية وخيام النازحين ومحيط المستشفيات. وقدّر عدد الشهداء حتى الآن بـ 356 شهيد فلسطيني.
المستتر في قرار إعادة القصف الجوي على قطاع غزة، أزمة مكانة نتنياهو المتصاعدة في الداخل الإسرائيلي، منها ملف المحكمة العليا الإسرائيلية، وفشل الحرب الأخيرة من تحقيق "الانتصار المطلق" على حماس، التي أخرجت سردية نصر من رحم صمود شعبها، وثبات مقاتليها، وهو ما ظهر جلياً في مشاهد تبادل الأسرى الأخيرة. بالإضافة إلى أن مشاركة حماس في الحكم الذاتي الفلسطيني القادم أمر غير مقبول بالنسبة للكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة.
أما على الصعيد الداخل الإسرائيلي، اتهمت هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين حكومة بنيامين نتنياهو، بـ"اختيار التضحية بحياة الأسرى"، وحذّرت من أنّ "العودة إلى القتال قبل عودة آخر أسير ستكلّف 59 أسيراً لا يزالون في غزة".
في جانب آخر، يبدو أن ترامب تخلّى عن هدف واشنطن بـ"استقرار" الشرق الأوسط، ولجأ إلى إشعال جبهة اليمن وغزة من جديد، الأولى بشكل مباشر، والثانية بتوكيل "إسرائيل"، بهدف الضغط لإحداث تغييرات دراماتيكية، من شأنها أن تعود بالنفع على أمن الولايات المتحدة وحليفتها "إسرائيل"، بالإضافة إلى تعزيز مصالحها ومصالح حلفائها، ومحاولة إضعاف خصومها في الشرق الأوسط وعلى رأسهم إيران.
في هذا السياق، تقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية اليوم عند حافة صدام عسكري مباشر مع الولايات المتحدة، وأفاد مصدر إيراني أن السيد علي الخامنئي أمر القيادة العليا في البلاد بالاستعداد لكافة السيناريوهات التي قد تحدث في المستقبل القريب.
وقد أرسلت إيران رسالة عاجلة إلى مجلس الأمن الدولي تحذّر فيها من أن "أي أعمال عدائية ستكون لها عواقب وخيمة وكارثية على الولايات المتحدة".
إذاً، دخلنا اليوم مرحلة جديدة من الحرب، عنوانها نقض اتفاق وقف إطلاق النار، ومواصلة الإبادة الجماعية بحق المدنيين الفلسطينيين، في انتهاك صارخ لكل المواثيق الدولية والإنسانية، وتحوّل قطاع غزة من جديد إلى منطقة منكوبة بكل ما تحمل الكلمة من معنى. فأفاد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إلى تعذر وصول عدد كبير من الشهداء إلى المستشفيات، أكثرهم من النساء والأطفال، بفعل صعوبة الوضع الإنساني الميداني وشل قطاع المواصلات وانعدام توفر الوقود في جميع محافظات قطاع غزة.
الكاتب: غرفة التحرير