الخميس 29 أيار , 2025 02:10

المجلس الأطلسي يكشف تفاصيل جديدة عن التعاون الأمني بين الأردن وإسرائيل

الملك الأردني برفقة مساعديه

يكشف هذا المقال الذي نشره موقع "المجلس الأطلسي – Atlantic council" وترجمه موقع الخنادق الالكتروني، حقائق وتفاصيل جديدة عن التعاون العسكري والاستخباراتي بين النظام الملكي الأردني والكيان المؤقت. ويشير المقال بوضوح الى الموقف المنافق لمسؤولي الأردن، حيث يقومون في العلن بمهاجمة إسرائيل، لكنهم في الخفاء يستمرون بتعاونهم مع كيان الاحتلال "بهدوء ودون انقطاع".

ومن أبرز الحقائق والتفاصيل الجديدة التي أكّدها هذا المقال، حصول اجتماع في حزيران / يونيو 2024، شاركت فيه الأردن مع مسؤولين من البحرين والإمارات والسعودية ومصر في العاصمة البحرينية المنامة، ضمّ رئيس أركان الجيش الإسرائيلي وقتها الجنرال هرتسي هليفي وقائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال مايكل إريك كوريلا، لمناقشة "التعاون الأمني الإقليمي". ثم ذكر المقال بأن اللقاءات السرية استمرت "بين المسؤولين الأردنيين والإسرائيليين لبحث قضايا أمنية مشتركة، بما في ذلك تداعيات الإطاحة ببشار الأسد في سوريا والحملة العسكرية الإسرائيلية اللاحقة هناك"!!

النص المترجم:

في الفترة التي قاربت السنتين منذ هجوم حماس في 7 تشرين الأول / أكتوبر 2023 واندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، قامت الأردن بعدة خطوات دبلوماسية قد تُشير إلى تدهور علاقتها مع إسرائيل، من بينها: الانسحاب من اتفاقية "الماء مقابل الطاقة" المشتركة مع الإمارات وإسرائيل في تشرين الثاني / نوفمبر 2023، استدعاء سفيرها من تل أبيب، التصويت في أيار / مايو 2024 على طرد السفير الإسرائيلي من عمان، والدعوة إلى فرض حظر أسلحة على إسرائيل.

ومنذ انهيار وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في كانون الثاني / يناير 2025، أطلق مسؤولون أردنيون، مثل الملك عبد الله الثاني ووزير الخارجية أيمن الصفدي، تصريحات حادة ضد إسرائيل ورفضوا المقترحات المتعلقة بترحيل الفلسطينيين من غزة إلى دول الجوار.

ومع ذلك، لا تزال مستويات التعاون العسكري والاستخباري بين الجانبين نشطة. ففي نيسان / أبريل 2024، وبالتنسيق مع الولايات المتحدة، ساعدت الأردن في إسقاط العديد من الصواريخ والطائرات المسيّرة التي أطلقتها إيران ووكلاؤها (أكثر من 300) باتجاه أهداف في إسرائيل. كما اعترضت مقاتلات "رافال" الفرنسية بعض تلك الأسلحة بطلب من عمان. وجاء هذا الدعم وسط تقارير من وكالة إيرانية مرتبطة بالحرس الثوري تُفيد بأن طهران هدّدت الأردن بأنه سيكون هدفاً إذا تعاون مجددًا مع إسرائيل.

وبعد شهرين، شاركت الأردن مع مسؤولين من البحرين والإمارات والسعودية ومصر في اجتماع بالعاصمة البحرينية المنامة، ضمّ رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال هرتسي هليفي وقائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال مايكل إريك كوريلا، لمناقشة التعاون الأمني الإقليمي. كما استمرت اللقاءات السرية بين المسؤولين الأردنيين والإسرائيليين لبحث قضايا أمنية مشتركة، بما في ذلك تداعيات الإطاحة ببشار الأسد في سوريا والحملة العسكرية الإسرائيلية اللاحقة هناك.

ضرورة الاستمرار في التعاون

ترى عمان أن اتخاذ خطوات دبلوماسية، مثل الانسحاب من اتفاقية "الماء مقابل الطاقة"، من شأنه تهدئة الرأي العام الداخلي — الذي يُشكّل الفلسطينيون أكثر من 50% منه — دون أن يُحدث تغييرًا جذريًا في ترتيباتها الأمنية طويلة الأمد مع إسرائيل.

رغم أن العلاقات بين الأردن وإسرائيل سبقت توقيع معاهدة السلام بين البلدين عام 1994، إلا أن طبيعتها تطورت كثيرًا منذ ذلك الحين، لتشمل تبادل المعلومات الاستخباراتية، والمساعدة الأمنية، وحتى تسليم بعض الأسلحة — مثل نقل إسرائيل 16 مروحية هجومية من طراز "كوبرا AH-1" للأردن عام 2015 لتعزيز قدرته على مواجهة تنظيم "داعش" وغيره من المسلحين في العراق وسوريا. كما تشمل العلاقة فوائد في مجالات غير عسكرية، مثل حصول الأردن على أكثر من 100 مليون متر مكعب من المياه سنويًا من إسرائيل، بالإضافة إلى كميات كبيرة من الغاز الطبيعي. كما أن تعاون الأردن يُعدّ حافزًا رئيسيًا لاستمرار الولايات المتحدة في تقديم 1.45 مليار دولار كمساعدات سنوية لعمان.

في الوقت نفسه، تلعب العلاقة مع إسرائيل دورًا مهمًا في جهود الأردن لكبح النفوذ الإيراني المتزايد داخل أراضيه، والذي شهد تصاعدًا خلال العام والنصف الماضيين. فقد انتهكت ميليشيات مدعومة من إيران في العراق واليمن المجال الجوي الأردني مرارًا لتنفيذ هجمات بالطائرات المسيّرة على إسرائيل. كما أحبطت السلطات الأردنية والأمريكية عدة محاولات لتهريب أسلحة إلى المملكة، شملت ألغام "كلايمغور"، ومتفجرات C4 و"سيمتكس"، وبنادق كلاشينكوف، وصواريخ كاتيوشا من عيار 107 ملم، وكان بعضها موجّهًا إلى الضفة الغربية، بحسب مصادر أردنية.

وقد بلغ القلق الإسرائيلي من تهريب السلاح والمخدرات إلى درجة دفعت الحكومة الإسرائيلية، في أيار / مايو، إلى إقرار خطة بقيمة 1.4 مليار دولار على مدى خمس سنوات لتأمين الحدود مع الأردن، تتضمن تعزيز الوجود العسكري الإسرائيلي في المنطقة، وبناء سياج حدودي عالي التقنية بطول 425 كيلومترًا يمتد من "حمّة غدير" شمالاً إلى "رمال السامر" شمال إيلات. وذكرت إسرائيل أن القرار جاء استجابةً لزيادة محاولات التسلل وتهريب الأسلحة من الحدود.

ومن المرجّح أن تتفاقم قضية الوجود الإيراني في الأردن قريبًا، إذ قد ترى طهران في قرار الحكومة الأردنية الأخير بتجريم جماعة الإخوان المسلمين — بل وحتى الترويج لأيديولوجيتها — فرصة سانحة لتوسيع نفوذها، وربما تعويض بعض خسائرها الناتجة عن تدمير القدرات العسكرية والقيادية لحماس، وتصفيات كبار قادة حزب الله بمن فيهم أمينه العام التاريخي حسن نصر الله، وسقوط نظام الأسد في سوريا. حتى قبل القرار، أشارت تقارير إلى سعي إيران لتجنيد شباب متطرفين من صفوف جماعة الإخوان في الأردن، وهو ما تأكد في أيار / مايو 2024 عندما أحبطت السلطات الأردنية خطة لتهريب أسلحة من ميليشيات مدعومة من إيران في سوريا إلى جماعة الإخوان داخل الأردن لاستخدامها في أعمال تخريبية غير مُعلنة. وفي نيسان / أبريل 2024، أعلنت ميليشيا "كتائب حزب الله" المدعومة من إيران أنها تعتزم تزويد 12 ألف أردني بالصواريخ والمتفجرات لمحاربة إسرائيل.

ورغم هذه التهديدات، تدرك القيادة الأردنية أن إثارة غضب داخلي واسع بسبب الظهور بمظهر الداعم لإسرائيل قد يُفجّر حالة الاستياء الشعبي القائمة أصلاً بسبب الأزمة الاقتصادية وضعف السياسات الاجتماعية، ما قد يقود إلى انتفاضة. وتزداد هذه المخاوف حدة في ضوء ما جرى عام 2021 من اتهامات للأمير حمزة بن الحسين، الأخ غير الشقيق للملك عبد الله وولي العهد السابق، بالتورط في محاولة انقلابية ضد الحكومة.

يعلم الملك عبد الله أنه يجب أن يُوازن بين الدعم الأمني والاقتصادي الحيوي الذي يتلقاه من إسرائيل، وبين الضغوط الداخلية المتزايدة لقطع العلاقات معها. غير أن الحفاظ على هذه الشراكة سيُصبح أكثر صعوبة إذا استمرت حرب غزة وربما تصاعدت، وهو ما يبدو مرجحًا بعد موافقة مجلس الأمن الإسرائيلي في 5 أيار / مايو على خطة جديدة شاملة لتصعيد الهجوم على حماس واحتلال قطاع غزة.

توصيات سياسية

لحماية وتعزيز الشراكة الإسرائيلية-الأردنية في هذا السياق المتقلب، ينبغي للطرفين السعي إلى تعاون بعيد عن الأضواء، لكن أن يحمل قيمة استراتيجية حقيقية.

على سبيل المثال، وبينما تنتظر الأردن منذ فترة طويلة تزويدها بمنظومات باتريوت من الولايات المتحدة، يمكن لإسرائيل أن تدعم الدفاعات الجوية الأردنية بهدوء من خلال نشر نظام "القبة الحديدية" أو حتى "سهم-3" بالقرب من الحدود الأردنية-الإسرائيلية. من شأن هذه الخطوة أن توفر تغطية دفاعية حاسمة ضد تهديدات الطائرات المسيّرة والصواريخ المدعومة من إيران، دون إثارة غضب داخلي واسع كالذي قد ينتج عن نشر هذه الأنظمة داخل الأراضي الأردنية نفسها.

ثانيًا، ينبغي للطرفين تعزيز التعاون الاستخباري رسميًا في مجالات مكافحة التهريب، والدفاع السيبراني، وقدرات الإنذار المبكر. ويمكن أن يشمل هذا إنشاء خلايا استخباراتية مشتركة أو منصات تبادل بيانات تسمح للمسؤولين الإسرائيليين والأردنيين والأمريكيين بمشاركة المعلومات والتحليلات لحظيًا، بما يُعزز من قدرة الأطراف على التنبؤ بالتهديدات الأمنية والاستجابة لها.

ثالثًا، ينبغي للطرفين البناء على دور الأردن في مشروع "الجسر البري" بين الخليج وإسرائيل — وهو طريق بري يُتيح نقل البضائع من آسيا إلى أوروبا عبر موانئ إسرائيل — من خلال توسيع البنية التحتية وتنسيق الإجراءات التنظيمية. وللحد من الغضب الشعبي المرتبط بهذه المشاريع الحساسة سياسيًا، يجب دمجها ضمن مبادرات متعددة الأطراف مثل "ممر الهند-الشرق الأوسط-أوروبا الاقتصادي" (IMEC) أو شبكة سكك حديدية إقليمية. من شأن هذه المشاريع أن تدعم الاقتصاد الأردني المتعثر، ما يُساعد الحكومة في احتواء الضغوط الداخلية ويُعزز صلابة شراكاتها الإقليمية.

وأخيرًا، يمكن لإسرائيل والأردن العمل على إحياء اتفاقية "الماء مقابل الطاقة" بمشاركة أطراف دولية مثل الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة أو البنك الدولي، الأمر الذي قد يُخفف من حساسية الرأي العام في الأردن تجاه العلاقة المباشرة مع إسرائيل، ويزيد من قابلية المشروع للتنفيذ. إن اتخاذ هذه الخطوات لن يُعزز فقط الاستقرار الإقليمي والعلاقة بين إسرائيل والأردن، بل سيساعد الملك عبد الله الثاني في التعامل مع الاحتقان الداخلي، والضغوط الاقتصادية، والتهديدات الأمنية المتزايدة في منطقة تزداد اضطرابًا يومًا بعد يوم.


المصدر: المجلس الأطلسي - Atlantic council

الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور