تركز إيران وخلال النهج الاستراتيجي لها في المنطقة على تعزيز قدراتها الدفاعية وتحصين مصالحها الإقليمية. وتطوير منظومتها العسكرية، بما في ذلك الصواريخ والدفاع الجوي والشبكات الرادارية، إلى جانب التعاون مع قوى مثل الصين، لضمان استعدادها لمواجهة أي تهديد محتمل.
يوضح المقال الذي نشره موقع "ذا ناشيونال انترست" وترجمه موقع الخنادق الإلكتروني، الدور المركزي لحركات المقاومة الذي يضم حزب الله في لبنان، وحماس في غزة، والحشد الشعبي في العراق، وأنصار الله في اليمن، باعتبارها أدوات استراتيجية "لتمديد النفوذ الإيراني والدفاع عن مصالحها الإقليمية". ويشير المقال أيضاً إلى أن إيران ترى في هذه التحالفات وسيلة لإفشال محاولات فرض السلام الأحادي، وضمان استمرار قدرتها على الردع والتوازن الإقليمي، وهو ما يجعل أي تعامل معها بحاجة لفهم عميق لطبيعة استراتيجيتها وأهدافها طويلة الأمد.
النص المترجم:
إيران لا تتفاوض من أجل السلام. إنها تستعد للحرب. كان الرئيس دونالد ترامب يدرك هذا دائماً، والاعترافات الأخيرة للنظام تثبت أنه كان محقاً.
في مقابلة حديثة، وصف علي لاريجاني، الأمين الجديد للمجلس الأعلى للأمن القومي في إيران، خسائر طهران في صراعها مع "إسرائيل" بأنها "خسائر مجمّدة". وأوضح كيف تعمل إيران على إعادة تشكيل عقيدتها الدفاعية، وإعادة بناء دفاعاتها الجوية، وتعزيز قواتها الصاروخية، وتوسيع شبكات الرادار لديها، والسعي وراء أنظمة متطورة من قوى مثل الصين.
الأكثر لفتاً للانتباه كان إعادة تأكيده على "محور المقاومة"، ذلك النسيج العابر للحدود من الفصائل المسلحة الممتدة من لبنان إلى العراق وسوريا وغزة واليمن. فبدل أن يصفها بأعباء أو التزامات ثقيلة، شبّه لاريجاني هذه القوى بدعم واشنطن المطلق ل "إسرائيل"، معترفاً بشكل علني بأن حزب الله وحماس و"الميليشيات" الشيعية ما هي إلا أذرع متقدمة للقوة الإيرانية خارج حدودها.
لطالما زعمت طهران أن هذه الفصائل حركات مستقلة، لكن اليوم أحد أبرز مسؤوليها يقرّ بما هو واضح: إنها امتداد استراتيجي لقوة الردع الإيرانية. لم يكن ذلك زلة لسان، بل إعلاناً متعمداً للنوايا.
للوهلة الأولى، قد تبدو طهران أضعف مما كانت عليه منذ عقود. فقد خسر حزب الله قادة وقدرات، وتعرضت حماس لضربة ساحقة بعد ما يقارب العامين من الحرب، فيما حوّلت الميليشيات الشيعية في العراق اهتمامها نحو ثروات النفط بدلاً من القواعد الأمريكية. حتى الحوثيون التزموا الصمت بعد إطلاقهم الرمزي للصواريخ باتجاه "إسرائيل". لكن المظاهر قد تكون خادعة. إذ أوضح لاريجاني أن هذه الانتكاسات مؤقتة. فقد تم تكليف "مجلس الدفاع الأعلى" الجديد بإصلاح الإخفاقات البنيوية في القدرات الدفاعية للجمهورية الإسلامية. وسيعمل المجلس على تسريع برامج الصواريخ والطائرات المسيّرة، والسعي إلى شراكات خارجية للحصول على طائرات ورادارات من الجيل الجديد.
بالنسبة للمراقبين الخارجيين، قد يبدو هذا وكأنه فترة هدوء. أما بالنسبة لطهران، فهو فرصة لإعادة التسلّح. فالصمت لا يعني الاستسلام، بل هو مجرد تكتيك آخر. والتاريخ يثبت ما الذي يحدث حين يخطئ الخصوم في تفسير "التوقف المؤقت" على أنه سلام.
إن صراحة لاريجاني تبرز أيضاً اعتماد النظام الإيراني على الخداع. فالعقود طويلة، أنكرّت إيران سيطرتها على هذه "الميليشيات"، مؤكدة أنها تعمل بشكل مستقل. والآن يعترف قادتها: محور المقاومة هو جزء من البنية العسكرية لإيران، وأسلحة موزعة مصممة لضرب "إسرائيل" والولايات المتحدة والخصوم العرب بالوكالة. وقد حذّر ترامب من هذا الواقع منذ البداية، واليوم يؤكد النظام نفسه صحة هذه التحليلات.
لبنان يقدّم مثالاً واضحاً على طريقة عمل إيران. ففي أول مرة منذ سنوات، كلّفت الحكومة الجيش بوضع خطة لتجريد حزب الله من السلاح.
ومع ذلك، يواصل حزب الله حتى الآن مقاومته عبر الأساليب المعروفة. فهو يصوّر نزع السلاح على أنه هجوم على المجتمع الشيعي اللبناني، بينما تشيد إيران به لمقاومته التدخل الأجنبي.
الدرس واضح لا لبس فيه: لا يمكن كسر هذه الدورة إلا بالضغط المستمر. الحوار بلا عواقب يعزز موقف طهران. وما يُحتاج إليه الآن هو العزم على تصعيد التكاليف الحقيقية عقوبات خانقة تقطع صادرات النفط الإيرانية، وعمل منسّق لخنق شبكاتها المالية "غير المشروعة"، وإذا لزم الأمر، ضربات حاسمة ضد أصولها العسكرية و"الوكلاء" الذين تتحكم بهم خارج حدودها.
لقد رأى دونالد ترامب هذه الحقيقة بوضوح مطلق، أكثر من أي زعيم قبله. فقد أدرك أن السلام في الشرق الأوسط لا يُحفظ بالتمني، بل بالقوة واليقظة والاستعداد للعمل. ويجب على أمريكا أن تستدعي هذا الوضوح نفسه الآن لأن إيران لن تضع أسلحتها طواعية أبداً، وستواصل إعادة التسلح.
المصدر: The National Interest
الكاتب: Ahmed Charai