الثلاثاء 23 أيلول , 2025 12:33

تفويض الحرب المقترح قد يسمح لترامب باستهداف أكثر من 60 دولة

ترامب والدول الـ 60 المهددة

يحلّل هذا المقال الذي نشره موقع " Responsible Statecraft" وترجمه موقع الخنادق الالكتروني، ما تم الكشف عنه من مسودة قانون تفويض استخدام القوة العسكرية (AUMF) في أمريكا، والتي يصفها بأنها واسعة بشكل جنوني قد تمنح الرئيس الأمريكي صلاحيات واسعة لملاحقة ما يُسمّى بـ "إرهابيي المخدرات" (وفقاً لزعم الرئيس الأمريكي دون الحاجة الى أي دلائل تثبت مزاعمه). ويحذّر كاتب المقال بريت هاينز من أن هذا التفويض قد يجمع "الحرب على المخدرات" و"الحرب على الإرهاب"  في إطار واحد قد يوسع نطاق النزاعات المسلحة عبر نصف الكرة الغربي بأكمله وما بعده، ليشمل مال لا يقل عن 60 دولة.

النص المترجم:

تفيد تقارير نيويورك تايمز الأخيرة بأن مسودة مقترح لتفويض استخدام القوة العسكرية الأميركية ضد عصابات المخدرات تتداول حالياً بين الكونغرس والبيت الأبيض. ورغم أن نسخة رسمية من المقترح لم تُنشر بعد، إلا أن المعلومات المتاحة علناً تشير إلى أنه يمكن استخدامه لتبرير تدخل عسكري أميركي فيما لا يقل عن 60 دولة.

لقد تصاعدت "الحرب على المخدرات" التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية بسرعة خلال الشهر الماضي: فبعد أن وقّع البيت الأبيض على توجيه سري يجيز شن هجمات على عصابات المخدرات في أميركا اللاتينية، عززت واشنطن وجودها العسكري في المنطقة وبدأت بتنفيذ سلسلة غارات جوية قاتلة ضد قوارب مدنية يُزعم أنها تهرّب المخدرات في المياه الدولية للبحر الكاريبي. منظمة هيومن رايتس ووتش وصفت تلك الضربات بأنها "عمليات قتل خارج نطاق القانون".

مدى ما يجب أن تذهب إليه واشنطن في حملتها الجديدة لمكافحة المخدرات كان موضع جدل داخل إدارة ترامب. فعندما اقترحت وكالة مكافحة المخدرات (DEA) استخدام الجيش الأميركي لضرب العصابات داخل الأراضي المكسيكية خلال اجتماع في البيت الأبيض أوائل هذا العام، اعترض مسؤولون من وزارة الدفاع وجهات أخرى جزئياً، لأن السلطة التنفيذية لم تكن تملك تفويضاً قانونياً كافياً لذلك.

يُعد تفويض استخدام القوة العسكرية (AUMF) الأداة القانونية الأكثر استخداماً لتبرير الأعمال العدائية العسكرية اليوم. فالتشريع الذي صدر بعد هجمات 11 أيلول / سبتمبر شكّل الأساس لـ "الحرب العالمية على الإرهاب" التي استهدفت كثيراً من الأشخاص لا علاقة لهم بالهجمات. وبسبب صيغته الفضفاضة للغاية، استُخدم ذلك التفويض منذ عام 2001 لتبرير تدخلات عسكرية فيما لا يقل عن 22 دولة.

المقترح الذي يُقال إن النائب الجمهوري كوري ميلز (فلوريدا) قدّمه الأسبوع الماضي، يهدف إلى استصدار AUMF جديد ضد "إرهابيي المخدرات". ويبدو أنه مستوحى من تفويض 2001، وهو واسع النطاق بالمثل: فرغم أنه محدد بخمس سنوات فقط، إلا أن التفويض لا يحدد أهدافاً بعينها ولا يفرض قيوداً جغرافية.

قال البروفيسور جاك غولدسميث من جامعة هارفارد لصحيفة التايمز إن المقترح "واسع بشكل جنوني"، ويمثل عملياً "تفويضاً مفتوحاً لحرب ضد عدد غير محدود من الدول والمنظمات والأشخاص الذين قد يعتبرهم الرئيس مشمولين ضمن نطاقه". النسخة المنسوبة لميلز تمنح الرئيس سلطة استخدام "كافة أشكال القوة الضرورية والمناسبة ضد تلك الدول أو المنظمات أو الأشخاص الذين يقرر الرئيس أنهم إرهابيو مخدرات"، بما في ذلك الممولين أو الداعمين لهم.

في وقت سابق من هذا العام، أضاف البيت الأبيض قائمة طويلة من عصابات المخدرات في أميركا اللاتينية إلى لائحة "المنظمات الإرهابية الأجنبية (FTO) "، وإذا طُبّق مقترح ميلز، فقد يُمنح الرئيس سلطة شن الحرب ضد أي من هذه المنظمات أينما كانت تعمل. ونظراً للطابع العالمي للغاية لتجارة المخدرات والغموض حول تعريف "عصابات المخدرات"، فقد يشمل ذلك عمليات عسكرية أميركية في عشرات الدول.

على سبيل المثال، كارتيل سينالوا، الذي صنفته إدارة ترامب منظمة إرهابية في شباط / فبراير، ينشط في "ما لا يقل عن 47 دولة" بحسب وكالة DEA. الباحثة فاندا فلباب-براون أعدّت سلسلة من 5 مقالات حول "السياسات الخارجية لكارتيل سينالوا وكارتيل CJNG، وأشارت إلى دول من بينها: ألبانيا، أستراليا، بلجيكا، الرأس الأخضر، تشيلي، الصين، كولومبيا، الكونغو الديمقراطية، الإكوادور، فرنسا، ألمانيا، غانا، غينيا-بيساو، إيرلندا، الهند، إيطاليا، مالي، المغرب، موزمبيق، هولندا، نيوزيلندا، دول "المثلث الشمالي" في أميركا الوسطى، نيكاراغوا، نيجيريا، بيرو، البرتغال، رومانيا، السنغال، صربيا، سلوفاكيا، إسبانيا، والمملكة المتحدة. وهناك نشاط أيضاً في بليز، كندا، كوستاريكا، جمهورية الدومينيكان، غويانا، بنما، وتايلاند.

لو كان التفويض يستهدف كارتيل سينالوا وحده، لكان من الممكن نظرياً أن يجيز تدخلات عسكرية أميركية فيما لا يقل عن 42 دولة. لكن هذا واحد فقط من العديد من الكارتيلات المصنفة إرهابية من قِبل إدارة ترامب. الحرب ضد CJNG ستضيف الأرجنتين والبرازيل وباراغواي وتركيا وأوروغواي وفنزويلا إلى القائمة. أما كارتيل "ترين دي أراوغا" فله حضور في كوستاريكا. وبالموازاة، صنّفت إدارة ترامب دولاً عدة كـ "طرق عبور مخدرات ذات أولوية عالية" مثل أفغانستان وبوليفيا وكولومبيا وميانمار وفنزويلا، معتبرة أن "مساعدتنا" لها "حيوية للمصالح القومية الأميركية".

معاً، قد يسمح تفويض ميلز والتصنيفات الإرهابية للكارتيلات للرئيس الأميركي بالتدخل في معظم دول القارة الأميركية. وإذا أُخذ حرفياً، فقد يُساء استخدام التفويض حتى لتبرير أعمال عدائية داخل الولايات المتحدة نفسها، إذ إن عصابة MS-13 المصنفة إرهابية قد تأسست في لوس أنجلوس ولها نشاط واسع داخل البلاد. ومع ذلك، يُعد ذلك احتمالاً غير واقعي عملياً.

توضح إليزابيث بيفرز، أستاذة القانون في جامعة وايدنر، أن "هناك جملة من الحمايات الدستورية ضد الاستهداف خارج نطاق القضاء داخل الولايات المتحدة لا يمكن لتفويض AUMF إلغاءها". لكنها حذّرت من أن كل ذلك يفترض التزام الرئيس بتلك القيود: "هذه المحادثة برمتها حول الشرعية تعتمد كلياً على ما ستفعله السلطات الأخرى، بما في ذلك المحاكم، حيال هذه الانتهاكات".

لطالما سعت السلطات الأميركية لتوسيع صلاحياتها بدمج "الحرب على المخدرات" مع "الحرب على الإرهاب"، مستخدمة مفهوم "الإرهاب المرتبط بالمخدرات" المثير للجدل. ففي عام 2011، زعمت DEA أن 39% من المنظمات الإرهابية الأجنبية لديها "روابط مؤكدة مع تجارة المخدرات". وبالتالي، يمكن تطبيق التفويض الجديد أيضاً على منظمات إرهابية تقليدية مثل القاعدة، حزب الله، وطالبان. هذا يعني أن التفويض قد يمنح واشنطن صلاحيات إضافية (فوق ما سبق من تفويضات) للتدخل في الدول التي تنشط فيها هذه الجماعات: من مشاركة طالبان في أفغانستان وباكستان، إلى حزب الله في لبنان، وصولاً إلى قائمة طويلة من الدول التي تزعم واشنطن وجود فروع للقاعدة فيها: الجزائر، بوركينا فاسو، إيران، العراق، ليبيا، مالي، الصومال، سوريا، واليمن.

كما اتهمت واشنطن منذ زمن جيش التحرير الوطني الكولومبي (ELN) بالاتجار بالمخدرات. وبسبب دور كوبا في التفاوض بين الـ ELN والحكومة الكولومبية، أصرت واشنطن على تصنيف الجزيرة كـ "دولة راعية للإرهاب". نظرياً، قد يتيح التفويض المقترح شن عمليات عسكرية ضد كوبا. وبالمثل، فإن محاولات واشنطن ربط القيادة الفنزويلية بما يسمى "كارتيل الشمس" قد تستخدم لتبرير حرب ضد الجيش الفنزويلي، وليس فقط العصابات.

إجمالاً، يخلق المقترح أرضية قانونية للرئيس الأميركي لشن عمليات عسكرية في أكثر من 60 دولة. ورغم عدم وجود مؤشرات على أن الكونغرس متحمس لتبني مثل هذا التفويض الفضفاض وتمريره، إلا أنه في حال إقراره سيجمع بين اثنين من أكبر إخفاقات السياسة الأميركية — الحرب على المخدرات والحرب على الإرهاب — في إطار واحد قد يوسع نطاق النزاعات المسلحة عبر نصف الكرة الغربي بأكمله وما بعده.


المصدر: Responsible Statecraft

الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور