الجمعة 08 تشرين أول , 2021 09:33

الصهيونية المسيحية وإسرائيل

الصهيونية المسيحية

الصهيونية في الولايات المتحدة ليست مجرد حركة سياسية يقوم بها متنفذون يهود، لخدمة الكيان الاسرائيلي وأهدافه. لكن هناك صهيونية أوسع انتشاراً وأقوى نفوذاً، يحمل لواءها مسيحيون انجيليون وتدعى حركتهم "الصهيونية المسيحية". علماً أن هذه الحركة لا تمثل الكنائس الانجيلية المتعددة في الولايات المتحدة وخارجها، بل أن معظم الكنائس الانجيلية الكبرى تعارضها بشدة، وتعتبرها خارجة عن التعاليم المسيحية، كما أنها لا تمثل المسيحية في قيمها ومثُلها.

ما هي الصهيونية المسيحية؟

إن الصهيونية المسيحية هي تشكل بشكل أساسي الدعم المسيحي للصهيونية، وتلخّص "كريس هالسل" رسالة الصهاينة المسيحيين كالتالي:" كل عمل تقوم به إسرائيل هو من ترتيب الله وتصميمه، ولذا يجب علينا أن نتغاضى عنه وندعمه، ونقدّم المدح والثناء له".

الصهاينة المسيحيون، سواء بإدراكهم أو بخلاف ذلك، يقدّمون الدعم والموافقة للبرنامج اليهودي الديني الذي عبَّر عنه بأفضل ما يمكن الحاخام "شلومو أفنير" الذي يدّعي قائلاً:" يجب علينا أن لا ننسى أنَّ الهدف الأسمى لتجميع الذين في الشتات ولتأسيس دولتنا هو بناء الهيكل. إنَّ الهيكل هو قمة الهرم"، ويشرح حاخام آخر هو "إسرائيل ميدا" الرابط بين السياسة واللاهوت ضمن حركة الصهيونية المسيحية كالتالي: "إنَّ القضية كلها تتعلق بالسيادة، فمن يسيطر على جبل الهيكل يسيطر على القدس، والذي يسيطر على القدس، يسيطر على أرض إسرائيل".

نشأة الصهيونية المسيحية في بريطانيا

كان البداية المتواضعة في القرن التاسع عشر في المناطق الريفية البريطانية، بدأت مع حركة الإصلاح البروتستانتية، وفي عام 1621 نشر السير هنري فينتش، وكان محامياً وعضواً في مجلس النواب الإنكليزي، كتاباً بعنوان:" أكبر عملية لعودة اليهود أو دعوتهم، ومعهم كل أمم وممالك الأرض، إلى الإيمان بالمسيح". وبحلول الجزء الأخير من القرن السابع عشر وخلال القرن الثامن عشر بكامله، وخصوصاً أثناء فترة الصحوة الكبرى، ساعدت عقيدة ما بعد المُلك الألفي المتعلقة بالأزمنة الأخيرة في البروتستانتية الأوروبية والأميركية. ونشر "جورج وايتفيلد" العقيدة القائلة بأن المُلك الألفي قد بدأ.

شهدت نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر حركة دراماتيكية ابتعدت عن تفاؤل عقيدة ما بعد المُلك الألف، وذلك بنتيجة فترة متواصلة من الاضطرابات على كلا جانبي المحيط الأطلسي. فقد اندلعت حرب الاستقلال الأميركية (1784-1775)، والثورة الفرنسية (1793-1789)، ومن ثم حروب نابليون (1815-1809).

كان يمكن الصهيونية أن تبقى نموذجًا مثاليًا دينيًا لو لم تتدخل حفنة من السياسيين الارستقراطيين البريطانيين المؤثرين، وخاصة اللورد شافتسبيري (1885-1801) الذي دافع عن وجود بريطاني أكبر في فلسطين بسبب ذكريات حملة نابليون، ورأى أنه بالإمكان تحقيق هذا الوجود عن طريق رعاية وطن لليهود هناك، بناء على أسس دينية وسياسية. كما زعم أنَّ الحماية البريطانية لليهود ستكون بمثابة ميّزة استعمارية على فرنسا للسيطرة على الشرق الأوسط، وتضمن الوصول إلى الهند بشكل أفضل من خلال طريق بري مباشر، وتفتح أسواقاً تجارية جديدة للمنتوجات البريطانية.

وفي عام 1893 كتب شافتسبيري مقالة غير مُعنونة من 30 صفحة لمجلة Quarterly Review عنوانها "الدولة وعودة اليهود". وفي هذه المقالة دافع عن إقامة وطن قومي يهودي وعاصمته القدس، على أن يبقى تحت الحكم التركي ولكن بحماية بريطانية.

كان تأثير اللورد شافتسبيري عظيماً في تعزيز ونشر القضية الصهيونية في المؤسسة السياسية والدبلوماسية والكنسية في بريطانيا.

ساهم في تحقيق الحلم الصهيوني أيضاً كل من: "لورنس أوليفانت" (1888-1829)، ووليم هيشلر (1931-1845)، و"ديفيد لويد جورج" (1945-1863)، وربما أبرزهم "آرثر بلفور" (1930-1848).

وليم هيشلر كان متشبعاً بالعقيدة الألفية الانجيلية، ونشر كتاب بعنوان " عودة اليهود إلى فلسطين" (1894)، وأصبح الحليف المسيحي الرئيسي لتيودور هرتزل في تحقيق رؤيته للدولة الصهيونية.

كان "آرثر جيمس بلفور (1930-1848) السياسي البريطاني الأكثر أهمية لأنه بادر إلى إطلاق إعلان بلفور في عام 1917.

كان بلفور، مثل لويد جورج، قد ترعرع في بيت إنجيلي وكان متعاطفاً مع الصهيونية بسبب تأثير تعليم العقيدة التدبيرية. واعتبر أنَّ التاريخ "أداة لتحقيق القصد الإلهي"، وابتداءً من عام 1905 بدأ وايزمان اجتماعاته المنتظمة مع بلفور، وبدأ المشروع الصهيوني يتبلور.

يتبع... الجزء الثاني حول نشأة الصهيونية المسيحية في الولايات المتحدة


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور