الإثنين 12 أيلول , 2022 03:39

الأسير أبو حميد.. مطالبة بالإفراج عنه فقط ليستشهد بين أهله!

الأسير ناصر ابو حميد

كلّ ما يتمناه الشارع الفلسطيني في هذه الأيام هو ألا يتلقى نبأ استشهاد الأسير المريض ناصر أبو حميد وهو بين السجّان المحتلّ ويداه مكبّلتان. وتطوف عائلته بين المؤسسات والجمعيات الحقوقية والأهلية وتطرق كلّ الأبواب في سبيل الإفراج عن ابنها فقط كي يستشهد بين أهله بعد أن قيّمت الأوساط الطبية حالته بـ "الميؤوس منها"، و"يحتضر" على حدّ تعبير نادي الأسير الفلسطيني.

مسلسل من المرض والألم والمعاناة يعانيه الأسير "أبو حميد" منذ أكثر من عام لكنّ وضعه الصحي تدهور وازداد خطورة في الشهرين الماضيين، اذ إن جسده الذي أنهكه "السرطان" لم يعد يتجاوب مع العلاج، إن صحّ وصف ما تقدّمه مصلحة سجون الاحتلال من خدمة طبية بـ "العلاج" الحقيقي.  

تفاقم الحالة الصحية للأسير

لا يزال الاحتلال يتعنّت بإهماله ويبقيه في الأسر رغم وضعه الحرج جداً. وأوضحت أوساط الاسرى أن "أبو حميد" واجه منذ آب / أغسطس من العام الماضي سياسة القتل البطيء، فرغم عوارض المرض الشديدة التي ظهرت عليه امتنعت مصلحة السجون عن نقله الى المستشفى وأبقته آنذاك في سجن "الرملة".

تبين أن "أبو حميد" منذ ذلك الوقت مصاب بمرض سرطان الرئة وهو في مرحلة متقدمة. والمرض جاء نتيجة أكثر من 30 عاماً من السجن في ظروف سيئة وسوء معاملة الاحتلال وتدنّي الخدمة الصحية وامتناع مصلحة السجون عن متابعة وضعه وإجراء الفحوصات اللازمة للأسير في إطار سياسة الإهمال الطبي الممنهجة التي تتبعها مع جميع الأسرى.

وبعد مطالبات المؤسسات الحقوقية والخطوات الاحتجاجية عديدة من المساندين من الشعب الفلسطيني في الخارج، خضع "أبو حميد" في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي لعملية جراحية جرى خلالها استئصال الورم بالإضافة الى 10سم من محيطه، إلّا إن إدارة السجون أعادته إلى سجن "عسقلان" قبل تماثله للشفاء من دون أن توفر له الرعاية اللازمة، ما أدى إلى تدهور حالته الصحية مجدداً.  

اضطرت بعدها مصلحة السجون الى نقل الأسير الى مستشفى "برزلاي" حيث دخل مباشرة الى قسم العناية الفائقة وكان في غيبوبة ووُضع تحت أجهزة التنفس الاصطناعي، إذ كان يعاني من التهاب حاد أصاب رئتيه بسبب تلوث جرثومي أسفر عن انهيار عمل الرئتين وجهاز المناعة لديه.

تحاول اليوم عائلة "أبو حميد" استنهاض الشعب الفلسطيني والمجتمع العربي والدولي لضرورة التحرّك من أجل الأسير والضغط على الاحتلال للإفراج عنه، وتنظم العديد من الوقفات الاسنادية والاستنكارية لاستمرار الاحتلال بإهماله، بالإضافة الى اللقاءات الرقمية. وتعتبر العائلة مناضلة أيضاً منذ أكثر من 40 عاماً، اذ يتواجد 6 من أبنائها حالياً في السجون؛ 5 منهم يواجهون السجن المؤبد، بالإضافة إلى تقديمها لشهيد، كما تعرّض منزلها للهدم 5 مرات.

أمّا المتحدث باسم شؤون الأسرى في الحركة الأسيرة حسن عبد ربه فقال "إن الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي لا يحركان ساكنًا تجاه الانتهاكات الإنسانية للأسرى، بل يكتفيان بتوثيق الأحداث لا أكثر، وبأحسن الأحوال تقوم المنظمات الحقوقية بإصدار بيانات الشجب والاستنكار والإدانة دون بذل أيّ جهد أو ممارسة ضغط على العدو لإنقاذ حياة الأسرى".

يسعى محامي الأسير الى أخذ التقرير الطبي وتقديم التماس عاجل أمام لجنة طبية مختصة بهدف الإفراج عن "أبو حميد" لكنّ سقف التوقعات باستجابة اللجنة ليس عالياً. وشرح رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس أن "مثل هذه الالتماسات تقدم أمام لجنة إسرائيلية طبية يمكن أن تقرر الإفراج عنه وفقاً للقانون الإسرائيلي الذي يسمح بذلك للأسرى الذين وصلوا لحالة أبو حميد ولكن تعديلا جرى على هذا القانون عام 2020 استثنى القانون الأسرى المتهمين بالقتل من ذلك".

سيرة الأسير

اعتقل الاحتلال ناصر أبو حميد (50 عاماً) للمرة الأولى وهو قاصر لم يتجاوز 11 عاماً، وتبعها 3 اعتقالات. ومع اندلاع انتفاضة الأقصى سنة 2000 شارك في تأسيس كتائب شهداء الأقصى (الجناح العسكري لحركة فتح) وأصبح قائداً لها في الضفة الغربية. وقد أشرف على العديد من العمليات العسكرية ضد قوات الاحتلال والمستوطنين أدّت الى مقتل 7 منهم.

وحاول الاحتلال اغتياله أكثر من مرة بعد أن تحول إلى مطارَد، إلى أن اعتقله في 22 نيسان/ أبريل 2002 في مخيم " قلنديا" في القدس المحتلّة. وتعرّض لتحقيق قاسٍ وتعذيب جسدي ونفسي.

بتاريخ 24 كانون الأول/ ديسمبر من العام نفسه، أصدرت ما تسمى "المحكمة المركزية" في القدس المحتلة بحقه حكماً بالسجن المؤبد سبع مرات، بالإضافة إلى 50 عاماً أُخرى.  خلال الأسر أصبح من قادة الحركة الأسيرة، ومثَّل الأسرى في كثير من المواجهات مع إدارة سجون الاحتلال.

يسجّل تاريخ الأسرى الفلسطينيين 73 أسيراً استشهدوا منذ العام 1967 في سجون الاحتلال نتيجة الإهمال الطبي، كانت آخرهم الشهيدة سعدية فرج الله التي استشهدت في يوليو/ تموز من العام الجاري. ولا يزال حوالي 600 أسير مريض في سجون الاحتلال حالياً ويواجهون أوضاعاً صحية وظروف اعتقال صعبة، بينهم نحو 200 يعانون من أمراض مزمنة، ومن بين هؤلاء 23 أسيراً مصاباً بالأورام والسّرطان بدرجات مختلفة.  

وفي الفترة الواقعة ما بين شهر أغسطس/ آب 2021 ويونيو/ حزيران 2022، سُجلت على الأقل 6 حالات إصابة بالسرطان، أبرزها الأسير إياد عمر، والأسير جمال عمرو، والأسير موسى صوفان الى جانب عبد الباسط معطان الذي اعتقل وهو يعاني من المرض.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور