الخميس 13 أيار , 2021 03:00

انقسام بين المستويين العسكري والسياسي وتصدع في المجتمع الاسرائيلي

بعد ختام اجتماع للمجلس الوزراي المصغّر في كيان العدو الاسرائيلي لتقيم الوضع القائم في الاراضي المحتلة والذي عُقد الثلاثاء بحضور القادة العسكريين، خرج رئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتانياهو ليعلن مواصلة العمل ضد قطاع غزة والدفع بتعزيزات إضافية إلى حدوده، وقال إن "هذه الحملة ستستغرق وقتا وتحتاج إلى الوقوف متحدين...".

كلام نتانياهو يبدو انه منفصم عن الواقع تماما فالساعات الاولى لبدء العدوان الصهيوني على غزة كانت كفيلة لتظهر تباشير النتائج التي ستخرج بها هذه الجولة من التصعيد الاسرائيلي ضد قطاع غزة، سواء على المستوى الميداني او على المستوى السياسي والداخلي الاسرائيلي.

-على المستوى الميداني: المقاومة الفلسطينية أعلنت منذ بدء العدوان ان استمرار التصعيد على القدس المحتلة والمسجد الاقصى ما عاد مقبولا وان على الاحتلال ان "لا يلعب بالنار"، ومع ذلك ازدادت القيادة الاسرائيلية بعنادها وقررت المواصلة ما دفع بالمقاومة الى رفع مستوى الرد وتكبيد الاحتلال المزيد من الخسائر على مساحة واسعة من مدن ومستوطات الكيان التي أمطرتها المقاومة بصليات من الصواريخ وصفه البعض أنه "الأوسع منذ تأسيس هذا الكيان على أرض فلسطين المحتلة".

-على المستوى السياسي والداخلي الاسرائيلي: حدة رد المقاومة على العدوان دفع بإعلام الاحتلال لتوجيه أسئلة لنتانياهو وأيضا للقيادة الأمنية والعسكرية، عما يفعلونه وعن الجدوى من التصعيد باتجاه غزة وهل هذا الامر سينتج أي شي للكيان المحتل؟ فالاعلام الاسرائيلي منذ اليوم الثاني للعدوان بدأ بالحديث ان "اسرائيل" في ورطة حقيقية باعتبار ان الاستمرار في العملية العسكرية سيزيد من خسائرها ماديا وبشريا، والتوقف عنها لن ينفع بأي شيء لانه ببساطة لن يحقق شيء.

أما عن الأسباب التي تدفع نتانياهو للاستمرار في التصعيد ضد قطاع غزة، فإن مصادر مطلعة على الشأن الفلسطيني أوضحت ان "نتانياهو لديه مشاكل وأزمات داخلية تدفعه الى التصعيد في محاولة لايجاد مخارج لها، ومنها ما يتعلق بإمكانية محاكمته عن ملفات الفساد أو حتى إخراجه من السلطة ونهاية حياته السياسية بعد فشله اكثر من مرة في تشكيل حكومة او الحصول على أغلبية شعبية تمنحه الثقة التي طالما كان يعوّل عليها"، ولفتت الى ان "نتانياهو وحبه للسلطة والبقاء فيها يدفعه للانتحار ويأخذ في هذا الاطار معه الكيان المحتل كله الذي بات بتعبير بعض الاسرائيليين في خدمة شخص واحد والمقصود هنا هو نتانياهو".

ولفتت المصادر الى ان "وزير الحرب الصهيوني بني غانتس يساعد نتانياهو في هذا الانتحار عبر مجاراته في العدوان على غزة ودفعه الى مزيد من التصعيد، زاعما ان حركات المقاومة الفلسطينية تضررت من القصف الاسرائيلي على غزة وان الاستمرار بالعدوان سيضاعف خسائرها"، وأشارت المصادر الى ان "غانتس يريد ان يتخلص من نتانياهو بالحرب بعد ان فشل من التخلص منه في السلم"، وأضافت "إلا ان الأخير لم يتعلم ايضا من تجارب الماضي وبالتالي هو سيرافق نتانياهو الى خارج السلطة بعد إعلان فشل العدوان على غزة".

وبالسياق، بدأت الانقسامات تتوسع في القيادة والمجتمع في كيان الاحتلال، حيث خرج الرئيس الاسرائيلي رؤوفين ريفلين ليحذر من "حرب أهلية" بعد الممارسات والعمليات التي جرت في القدس المحتلة ومن ثم في قطاع غزة واتساع رقعة المواجهات لتشمل مناطق في الضفة والداخل الفلسطيني المحتل، وذهب ريفيلن الى أبعد من موضوع الخلافات السياسية واختلاف وجهات النظر بين القيادات السياسية والعسكرية، للاشارة بشكل غير مباشر الى وجود تصدع عميق داخل المجتمع الاسرائيلي ويظهر اليوم اكثر فأكثر، حيث قال "على جميع القادة إخبار الناس بأننا مواطنون في دولة واحدة وأننا مجتمع واحد"، والحديث عن هذا الامر في العلن يظهر مدى الانقسامات الحادة التي كانت موجودة ابتداء وجاء العدوان الحالي على غزة ليزيدها ويعمقها، وفي هذا الجانب ترجح المصادر المطلعة على الملف الاسرائيلي ان "هناك اسئلة كثيرة يجب إيجاد الأجوبة لها من قبل من اتخذ القرار بالذهاب الى الحرب ضد غزة وممن لم يقيّم الوضع الميداني جيدا ولم يدرك النوايا الحقيقية لفصائل المقاومة وقدراتها".

وبنفس الإطار، قال محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" يوسي يهوشع إن "مؤسسة الجيش الإسرائيلي فشلت في تقدير نوايا حماس"، وأضاف "جميع الأجهزة قالت إن حماس لا تريد حربا وجميعهم أخطأوا التقدير"، ولفت الى "المشكلة في إسرائيل هي أن كل المؤسسة العسكرية والامنية أجمعت وبصوت واحد على ذلك ولم تتوقع أن حماس كانت تجهز نفسها وتستعد للحرب". 

وأشارت المصادر الى ان "المشكلة الأصعب لكيان الاحتلال تتعلق بكيفية الخروج من هذه الورطة التي دخلوا بها بالمواجهة الحالية مع غزة مع عدم وضوح الرؤية بامكانية تحقيق أي إنجاز في الصورة النهائية للمواجهة"، ولفتت الى ان "المقاومة الفلسطينية فرضت معادلات جديدة وتقدمت بالنقاط على الاحتلال في ملف القدس وفي تحريك ملف عرب الـ48"، ورأت ان "ما يفعله الاحتلال اليوم هو الهروب الى الامام ولكن يبقى السؤال الى متى والى أين؟".

الأكيد ان المقاومة الفلسطينية لن تتراجع عن تحقيق الأهداف وعلى رأسها ردع الاعتداءات الاسرائيلية على القدس وأهلها ومنع التمادي بالانتهاكات اليومية التي تجري في المدينة المقدسة، وذلك عبر تثبيت معادلة ان "التعرض للقدس يستدعي تحرك صواريخ غزة"، وهذا ما أعلن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية حين قال إن "المقاومة لن تبقى مكتوفة الأيدي وأن هناك ميزان قوى جديدا قد انطلق من ساحات المسجد الأقصى وان سياسة الاستفراد بالقدس لم تعد أمرا مقبولا لا على المستوى الشعبي ولا للمقاومة".

وما يجري في الاراضي الفلسطينية ستكون نتيجته واحدة هو انتصار الحق على الباطل، انتصار القدس وفلسطين ومقاومتها وشعبها على الاحتلال الاسرائيلي الذي أسس كيانه المختلق على أرض شرّد أهلها منها واستقدم مستوطنين من بلدان شتى ليسكنوا فيها، والنتيجة ستكون تأكيدا للقاعدة الحقوقية والتاريخية ان "ما بُني على باطل فهو باطل".


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور