الإثنين 14 شباط , 2022 12:04

البحرين 11 سنة من القمع والاعتقال والإفلات من العقاب

تطوي الثورة البحرينية عامها الحادي عشر، ولا يزال النظام يمارس شتى أنواع القمع والتعذيب. أحد عشر عاماً والشعب الأعزل يواجه ويطالب بحقوقه، في المقابل يصب نظام ال خليفة جام غضبه على المعارضين السلميين. وبعد مرور أحد عشر سنة على بدء الثورة في 14 فبراير/شباط، لم يعد يكفي الحديث فقط عن الانتهاكات التي يرتكبها النظام البحريني بحق معارضيه. وعلى الرغم من أهمية تبيان هذه الانتهاكات، إلا إنه لا بد من البحث عن آليات توقف هذه الانتهاكات، والبدء بالحديث عن خطوات لردع هذا النظام وإيقاف إجرامه بحق أهل البحرين.

السؤال الأبرز الذي يمكن أن يسأله المتابع لهذه الثورة، ولطبيعة الأزمة ونظام البحرين، هو أين حقوق الإنسان في البحرين؟ أين أولئك الذين يتشدقون دائماً بعباراتهم الرنانة؟ لا نسمع أصواتهم تعلو على النظام وانتهاكاته المتكررة لحقوق الإنسان، واليوم لم يعد مجرد الكلام يكفي ولا البيانات المنددة تكفي، يجب التحرك سريعاً لإنقاذ شعب يقتل بدم بارد، بسوط الجلاد الظالم. 

الاف المعتقلين منذ سنوات يئنون في السجون، البعض تصل محكومياته إلى 1000 سنة، ولعل كثراً لا يعرفون أن المسجونين والمعذبين في البحرين، الذين قد وصلوا إلى حدود 3000، معتقل، هم من نخب المجتمع، منهم الطبيب، المحامي، الأستاذ الجامعي أو المدرس والمربي، وكذلك الصحافي، لا بل إن المبعدين أيضاً هم من تلك الشريحة والذي لا يعلم فليسأل أهل المعرفة بهم، هؤلاء لا يمكن أن يتصورهم الشخص بغير حلة الإنسان الواعي الغيور على بلده، الذي يريد أن يرى هذا البلد الصغير يعيش الأمن والأمان ويتمتع بالحريات ويصل إلى أعلى مراتب العلم والمعرفة.

نعم، هناك بعض البيانات الأممية أو التحركات أو النقاشات التي تحصل في مجلس حقوق الإنسان لكن ذلك كله لا يكفي، يجب وضع حدود ومحاسبة كل من يتعدى على حقوق المتظاهرين ومنع الإيقاف التعسفي والتعذيب والمعاملة القاسية في السجون وصولاً حتى منع الإفلات من العقاب، لكن للأسف فنحن دائماً نرى الازدواجية الدولية في التعامل مع شعب البحرين المظلوم، وقد نسيت الإدارة الأميركية أن في البحرين شعباً يعذب ويقتل من نظام مستبد تتجاوز سنيه في الحكم 50 عاماً، ونسي المجتمع الدولي أن النظام البحريني يستخدم القوة المفرطة لقمع الحريات.

وللأسف، فإن حرية الرأي والتعبير التي هي من المبادئ الأساسية في حقوق الإنسان ليست لها قيمة لدى نظام آل خليفة، علماً بأنها مكفولة في العديد من المواثيق والإعلانات الدولية. فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي صدر سنة 1948 تنص المادة 19 منه على أن «لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي وبالتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين.

لقد عبرت المنظمات الدولية عن قلقها الشديد من استئناف عمليات الإعدام والاستخدام المفرط للقوة والتضييق على حرية التجمع السلمي في البحرين. هذا كله يحصل إذاً، في ظل غياب الرقابة الدولية عن أفعال النظام البحريني، وفي ظل الإفلات من العقاب الذي يمكن تعريفه قانونياً، بأنه غياب العقوبة وغياب المسؤولية الجنائية عن المنتهكين لحقوق الإنسان. والإفلات من العقاب، هو عبارة عن إهدار الحقوق الأساسية للمتضرر، مقابل تراخي المسؤول في القيام بواجباته بتنفيذ حقوق شعبه.

وتقول المادة 16 من اتفاقية مناهضة التعذيب إن: كل دولة طرف تتعهد بأن تمنع، في أي إقليم يخضع لولايتها القضائية حدوث أي أعمال أخرى من أعمال المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.."

وتؤكد معاهدات حقوق الإنسان الدولية على التحقيق في كل الادعاءات الخاصة بانتهاكات حقوق الإنسان، وتشترط اتفاقية مناهضة التعذيب والمعاملة القاسية وغير الإنسانية، تحقيقاً سريعاً وحيادياً بها. ولا يجوز أن تقوم الهيئات التي مارس العاملون فيها انتهاكاتهم، بالتحقيقات فيها، أو عبر ولاية المحاكم العسكرية التابعة للسلطة بل لا بد من محاكمات نزيهة وعادلة وشفافة عبر أجهزة قضائية دولية معروفة. وتؤكد اتفاقية مناهضة التعذيب انه "على الدول أن تأخذ الخطوات اللازمة لضمان حماية المشتكين والشهود ضد أي سوء معاملة، أو تهديد لشكاواهم أو بسبب تقديم أدلة". ويمنع إرهاب الضحايا، حتى يلزموا الصمت عما حدث لهم.

لم تقدم السلطات البحرينية - التي تدعي أنها تريد الاصلاح - أياً من المسؤولين عن قتل المتظاهرين للمحاكمة. وللأسف فإنه حتى الآن ليس هناك اي استجابة من المجتمع الدولي الذي لم يكن فعالاً، على الرغم من أن البحرين لم تلتزم بما وقعت عليه من اتفاقيات دولية.

وبما أن الانتهاكات التي تم التحقيق بها تطابقت مع الانتهاكات الخطيرة التي تحدث عنها نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية، حول جرائم الحرب وضد الإنسانية، فإن نفاذ هذا النظام والالتزامات الناشئة عنه من شأنها أنها كانت يمكن أن تضع حداً لإفلات المجرمين في البحرين. وذلك لأن المحاكم البحرينية عاجزة عن التحقيق في هذه الجرائم.

ولكن المحكمة الجنائية الدولية اليوم هي أيضاً غير مفعلة لجلب المسؤولين عن الانتهاكات إلى العدالة لوقف الإفلات من العقاب. وللأسف فإن القانون الدولي لم يكن فعالاً، عبر الأجهزة التي تطبقه، في ردع النظام البحريني عن ارتكاب انتهاكات انسانية جسيمة بحق المدنيين العزل، وكان يجب تفعيل مكافحة الافلات من العقاب بحق هذا النظام، إلا أن دعمه من قبل واشنطن ولندن والرياض يمنع محاسبته ويطلق يده بقمع المعارضة.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة رأي الموقع


الكاتب:

د.علي مطر

باحث في العلاقات الدولية 

[email protected]



وسوم مرتبطة

دول ومناطق


روزنامة المحور