الأربعاء 15 حزيران , 2022 03:11

لبنان يرسم خطاً جديداً وهوكشتاين يبتز اللبنانيين

زيارة هوكشتاين الى لبنان

بات شبه محسوم بحسب التسريبات الاعلامية المطّلعة على اجتماعات الموفد الأمريكي المفاوض بشأن ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلّة أن لبنان الرسمي مجمع على الحفاظ على السيادة اللبنانية في المنطقة البحرية مع التأكيد على "حق لبنان في الخط 23 وما فوق بمساحة تتراوح بين 300 و400 كلم 2 تجعل حقل قانا كاملاً ضمن نطاقها ما يعني ولادة خط جديد بين الخطين 23 و29 يرتكز على تقسيم الحقول والبلوكات بحيث لا يكون هناك ما هو مشترك فيها مع العدو".

لكنّ رئيس الموفد آموس هوكشتاين لم يكتفِ بالعمل وفقاً للدور الوسيط المناط به في هذه المرحلة والذي من المفترض أن يقتصر على نقل هذا الطرح اللبناني الى الكيان المؤقت والعودة بعد أسبوع بطرح الأخير، بل إن سلسلة من التحرّكات والتصريحات المثيرة للجدل والتساؤلات اختلطت بالزيارة منذ وصوله الى بيروت الاثنين الماضي.

تجاوز الأعراف الدبلوماسية

أولاً، التقى هوكشتاين بالنواب الجدد "المستقلين" وهم ملحم خلف، مارك ضو، ياسين ياسين ورامي فنج، ضمن "دعوة لحديث مفتوح لتبادل الآراء والأفكار" في مقر السفارة الأمريكية في عوكر. لم ينقل ما تم تداوله خلال هذا اللقاء الذي حضرته السفيرة دوروثي شيّا أيضاً، لكن هل يملك أحد تفسيراً أو مبرراً لهذا اللقاء؟ وأيّ قواعد أو أعراف دبلوماسية تسمح لموفد مفاوضات بإقامة هذا النوع من الاجتماعات؟

انحياز لمصالح الكيان المؤقت  

ثانياً، أثبتت تصريحات هوكشتاين المسرّبة من مقابلته على قناة "الحرّة" العربية - الأمريكية (التي تعرض على القناة في 15 - 6 – 2022) انحيازه الى الكيان الإسرائيلي، وهو ما يتعارض مع جوهر دور "الوسيط". حيث نكر هوكشتاين حقّ لبنان في الموارد الغازية والنفطية في حقول البحر المتوسط مدعياً ان بيروت يجب أن تفاوض من موقع من "لا يملك شيئاً" كي يحصل على بعض الأمور من كيان احتلال له "حق"! هذا الانحياز لا يبدو غريباً – بطبيعة الحال – من "مفاوض" خدم سابقاً في جيش الاحتلال، ويشغل حالياً منصب كبير المستشارين في وزارة الخارجية الأميركية لشؤون أمن الطاقة. وهو ما وصفه الأمين العام حزب الله في خطاباته السابقة بـ "الوسيط غير النّزيه". واختياره لم يكن الا "خدعة" أمريكية لتحسين شروط الكيان المؤقت. وقد تتمسّك واشنطن بأفضل الشروط لصالح الكيان في هذا الوقت أكثر من السابق، بعد أن فرض الاحتلال نفسه كبديل لتصدير الغاز الى القارة الأوروبية مستغلاً العقوبات الأمريكية على موسكو. في هذا السياق، وقّع الكيان الاسرائيلي مع الاتحاد الأوروبي – في 15 / 6 / 2022 – اتفاقية بنية تحتية لتصدير الغاز الطبيعي في منتدى دول الغاز بشرق المتوسط (EMGF) في القاهرة. ووفقًا لمذكرة التفاهم، "ستعمل الأطراف الموقعة معًا لتمكين الإمداد المنتظم للغاز الطبيعي لشركات الاتحاد الأوروبي من مصر وإسرائيل وجهات أخرى، باستخدام البنية التحتية الحالية لتسييل الغاز الطبيعي في مصر".

الغاز المصري: ورقة ضغط مقابل التنازل في الترسيم البحري!

ثالثاً، حاول هوكشتاين ابتزاز أو مقايضة اللبنانيين بغازهم مقابل ساعات معدودة من التيار الكهرباء التي يوفرها الغاز المصري. في حين تُعد هذه الزيارة الخامسة لهوكشتاين دون أن يتحرّر هذا الاستجرار من "الفيتو" الأمريكي المتمثّل بـ "قانون قيصر". فيما قال وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فيّاض أن "اللمسات الأخيرة توضَع على المسودة النهائية لهذه الاتفاقية" بعد أن اكتملت التجهيزات اللوجستية في الأشهر الماضية وجرت الاتفاقات مع الدول العربية المعنية (الأردن – مصر – سوريا).

كلّ هذه الخروقات للوساطة تسجّل في زيارة هوكشتاين دون حسيب، ليبقى الرّد الإسرائيلي المرتقب خلال أسبوع، مع إصرار الجانب اللبناني على المُضي بالشرط المطروح "قانا مقابل كاريش"، هو من سيحدّد سيناريو المرحلة المقبلة: فهل يلتزم الكيان أم يتجاوز تهديدات المقاومة ويزجّ بنفسه في تصعيدٍ وخيارات عسكرية يعترف بعض مسؤوليه أنه "غير مستعد" لها، ذلك وفق الاجتماع الأمني الذي عقد الأحد الماضي في الضفة الغربية المحتلّة؟


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور