الأربعاء 12 نيسان , 2023 01:08

الدفاع الجوي: تكتيك ملحوظ لتطور أداء المقاومة الفلسطينية

قائد في وحدة الدفاع الجوي في سرايا القدس الشهيد بلال البنّا

يعتبر تطور القوّة العسكرية لمحور المقاومة، هو صلب الإحياء الحقيقي والبنّاء ليوم القدس العالمي الذي أطلقه الإمام روح الله الخميني، لشدّ أواصر ارتباط الأمّة العربية والإسلامية بالقدس والقضية الفلسطينية. فالأساس، الى جانب تحديد الموقف من كيان الاحتلال الإسرائيلي، هو إعداد العدّة وتمهيد الساحات نحو الحرب الكبرى.

في الساحة الفلسطينية، أظهرت فصائل المقاومة تطورًا في القدرات العسكرية، وثبّتت معادلات استراتيجية خلال السنة الماضية، منذ يوم القدس 2022. لتدخل، مع يوم القدس هذا العام، بتنغيص سماء قطاع غزّة على الاحتلال وذراعه الجوي، العامود الفقري لجيشه. كذلك تكريس مبدأ وحدة الساحات التي لا يمكن العودة الى ما قبلها، أي ما قبل معركة "سيف القدس" عام 2021، حين تلاحمت غزّة والقدس، ومعركة "وحدة الساحات" حين تلاحمت غزّة والضفة الغربية المحتلّة.

شنّ الاحتلال خلال الفترة الماضية، غارات وضربات على القطاع، زاعمّا استهداف مواقعٍ تابعة للمقاومة، لكن سرعان ما يتبيّن أن المواقع ليست الا مساحة خالية من الأهداف الفعلية، ولا يضربها الاحتلال الا لاستعادة صورة تهشّمت بفعل العمليات الفدائية التي ينفّذها الشباب الفلسطيني في القدس والضفة.

كانت هذه الضربات، فرصة للمقاومة الفلسطينية، وفي مقدمتها كتائب القسّام (الجناح العسكري لحركة حماس)، لتفعيل دفاعاتها الجوية، كتكتيك جديد، يربك الاحتلال ويقوّض نشاط طائراته الحربية وطائرات الاستطلاع في أجواء القطاع، ويحدث تأثيرًا وتداعيات على الجبهة الداخلية للعدو.

كيف يكون الدفاع الجوي تكتيكًا ناجحًا؟

تهدف المقاومة الفلسطينية من خلال إطلاقها لصواريخ الدفاع أرض – جو، للمناورة والمشاغلة، كمبدئين أوليين. وذلك لأنّ:

_ إطلاق الصواريخ يعمل على تفعيل القبة الحديدية المحيطة بحدود قطاع غزّة وغلافه. يصيب تفعليها ودويّ صافرات الإنذار المستوطنين في تلك المناطق المحتلّة بحالة من الذعر وانعدام الأمن، وقد يتجه بعضهم، خاصة حين ينشر في الإعلام العبري عن التأهّب والطوارئ لدى المستوى العسكري والأمني عند وقوع عملية أو حدث ما، الى الملاجئ والغرف المحصّنة لقضاء ساعات أو ليلة كاملة فيها.

_ إنّ كل صاروخ دفاع جوي يطلق، يستلزم من القبة الحديدية إطلاق صاروخين الى 3، وأكثر في بعض المرات، لاعتراضه. كلّ صواريخ القبة الحديدية وشظاياها تسقط في الجبهة الداخلية وبمحاذاة المستوطنين، ممّا يعرّض حياتهم للخطر ويوقع الإصابات في بعض الأحيان. فصاروخ القبّة لا ينطلق الا عند دخول "الهدف" الى نقطة قريبة تغطيها القبّة، وبالتالي فإن سقوطه سيكون حتمًا في جبهة الاحتلال.

_ تجبر الدفاعات الجوية للمقاومة، طائرات الاحتلال على التحليق في ارتفاعات عالية في السماء، وعدم الاقتراب من الأرض مسافة تجعل منها في دائرة أهداف صواريخ المقاومة. ما يصعّب المهام على جيش الاحتلال.

لا يقاس، في الوقت الراهن وقبل فترة إنضاج هذا التطوّر لدى المقاومة الفلسطينية، أهمية ونجاعة سلاح الدفاع الجويّ، في إصابة أو اسقاط طائرات الاحتلال الحربية والاستطلاعية، بل في قدرته على المناورة ضمن الحرب النفسية في صفوف المستوطنين وجعل مستويات الاحتلال ترزح تحت ضغط الجمهور. ثمّ في إحداث إرباك يعقّد نشاط الجيش وتمهيد الطريق، على المدى البعيد، لخفض اختراق الاحتلال لسماء القطاع اذ ما باتت هذه الطائرات ضمن بنك أهداف للمقاومة.


الكاتب: مروة ناصر




روزنامة المحور