الإثنين 17 نيسان , 2023 12:33

سياسة الصين بوجه العقوبات: إجراءات انتقامية حذرة!

الصراع الصيني الأميركي

منتصف شباط/ فبراير الماضي، فرضت الصين عقوبات جديدة على أكبر شركتين للدفاع في الولايات المتحدة، شركة لوكهيد مارتن وذراعًا لشركة Raytheon Technologies Corp. في خطوة ترافق مسار الصراع المتصاعد بين واشنطن وبكين. ومع تزايد حجم العقوبات الصينية ضد الشركات الأميركية، وصفت الإجراءات الأخيرة، بأن "الصين قد بدأت انتقاماً جراحيًا ضد الشركات الأجنبية بعد الحصار التكنولوجي الذي تقوده الولايات المتحدة".

بدأت الصين في استهداف المصالح الغربية في البلاد بعد 5 سنوات من القيود التجارية المتصاعدة والتكنولوجية التي قادتها الولايات المتحدة في عهد الرئيسين دونالد ترامب وجو بايدن.

على مدار الشهرين الماضيين، فرض المسؤولون الصينيون عقوبات جديدة على شركتي الأسلحة الأمريكيتين Lockheed Martin وRaytheon، وفتحوا تحقيقًا في شركة Micron الأمريكية لصناعة الرقائق، وداهموا شركة Mintz الأمريكية للصيانة، واعتقلوا موظفين محليين، واحتجزوا مسؤولًا تنفيذيًا كبيرًا من مجموعة Astellas Pharma اليابانية.

وتشير صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، ان إدارة الرئيس شي جين بينغ، تدرس الآن كبح وصول الغرب إلى المواد والتقنيات الضرورية لصناعة السيارات العالمية، وفقًا لمراجعة وزارة التجارة.

ويقول مستشار الصين السابق لرئيس الولايات المتحدة جورج دبليو بوش وباراك أوباما، بول هاينل، ان "هذا الرد على ما وصفته بكين بأنه "حصار تكنولوجي" بقيادة الولايات المتحدة يكشف عن استراتيجية شي المتمثلة في استهداف الصناعات والشركات بشكل موضعي مع القليل من مخاطر الإضرار بمصالح الصين الخاصة".

ويضيف الصحفي إدوارد وايت، في تقريره في فايننشال تايمز، إن "قرار إجراء مداهمات واحتجاز موظفين من الشركات الأجنبية أثار شبح تصعيد بكين لدبلوماسية الرهائن إذا تدهورت العلاقات مع الغرب". وقال الخبراء إن اليابان كانت معرضة بشكل خاص لدبلوماسية الرهائن في بكين لأنها تفتقر إلى وكالة استخبارات متطورة خاصة بها وتفتقر إلى الأدوات اللازمة للتفاوض بشأن عودة مواطنيها.

وتشير التوقعات الى ان الإجراءات الحذرة التي تقوم بها بكين، ناتجة عن انها تعمل خلال هذه المرحلة على تطبيق خطة التعافي بعد وباء كورونا. وبالتالي، من المتوقع أن تمتنع بكين عن العمل ضد الشركات والصناعات التي يُنظر إليها على أنها حاسمة في التعافي الاقتصادي. ويقول زميل أقدم في أتلانتيك كاونسيل، -وهو مؤسسة فكرية في واشنطن-، ديكستر روبرتس، "كل هذا يعود إلى حقيقة أن الصين تواجه الكثير من التحديات هذا العام، لا سيما على الجانب الاقتصادي...آخر شيء يتعين عليهم فعله هو تشتيت انتباههم بعلاقة أكثر عدائية مع الولايات المتحدة".

قال تو لي، مؤسس شركة استشارية في بكين وهي Sino Auto Insights، إن أي قرار تتخذه الصين "لتسليح هيمنتها في التعدين والتكرير للمواد المستخدمة في صناعة السيارات الكهربائية سيخلق "قلقًا فوريًا للولايات المتحدة وأوروبا واليابان وكوريا". من جهته أشار رئيس الأبحاث في Gavekal Dragonomics، آرثر كروبر، إلى إن "القيود يمكن أيضاً استخدامها كوسيلة ضغط للمساومة من أجل تخفيف ضوابط أشباه الموصلات".

الصين قوة عظمى في مجال الذكاء الاصطناعي؟

تتبع واشنطن، توازياً مع العقوبات الاقتصادية الممنهجة على بكين، سياسة استنزاف العقول لأفضل المهندسين وهو ما يجعل وصولها إلى قيادة العالم في مجال الذكاء الصيني تحدياً كبيراً.

في تشرين الثاني/ أكتوبر 2017، حدد مجلس الدولة لجمهورية الصين الشعبية (PRC)، الذكاء الاصطناعي "كأولوية وطنية"، مشيرًا إلى طموحها في أن تصبح "مركز الابتكار الأول في العالم للذكاء الاصطناعي" بحلول عام 2030.

وتشير صحيفة ذا نايشن، انه إلى جانب مجرد التعبير عن الإرادة السياسية، تتمتع الصين بمزايا لا شك فيها. على سبيل المثال: يتأهل حوالي 1.4 مليون مهندس سنوياً، أي ستة أضعاف عدد المهندسين المؤهلين في الولايات المتحدة، وثلثهم على الأقل في الذكاء الاصطناعي. كما أشارت صحيفة نيكاي آسيا اليومية التجارية اليابانية، ان "الصين هي البطل بلا منازع في أوراق أبحاث الذكاء الاصطناعي ... وتتفوق كثيرًا على الولايات المتحدة من حيث الكمية والنوعية". أصبحت Tencent وAlibaba وHuawei الآن من بين أفضل 10 شركات في العالم تنتج هذا النوع من الإنتاج.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور