الثلاثاء 25 أيار , 2021 09:38

الصواريخ الدقيقة لحزب الله: تهديد وجودي "لإسرائيل"!

منظومة الصواريخ

لم تكن الحرب الأخيرة التي خسرتها "إسرائيل" مع لبنان، هي حرب 2006، بل كانت اللحظة التي أعلن فيها أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، عن امتلاك الحزب صواريخ نقطوية ودقيقة، حيث باتت تمثل تهديداً خطيراً على أمنها القومي بل ربما على وجودها، رغم مساعيها الدؤوبة لمواجهتها.

"مشروع الدقة" هو التعبير الذي يطلقه كيان الاحتلال على مساعي المقاومة الإسلامية لامتلاك وإنتاج وتطوير الصواريخ الدقيقة، وأصبح خلال السنوات الأخيرة محورًا "للاشتباك الساخن" ميدانياً وسياسيًا، بين حزب الله والكيان على امتداد الجبهة الشمالية التي تصل إلى حوالي 155 كلم.

ميزان القوى بين المقاومة وجيش الاحتلال

ترتكز القوة العسكرية للجيش الإسرائيلي على:

- المناورة البرية المدعومة بمختلف الأسلحة المدرعة والمتطورة، وقدرتها على التوغل داخل الأراضي التي تنوي احتلالها في وقت قياسي

ولمعالجة هذا الجانب، عملت المقاومة على نقطتين: أولاً، حيازتها للصواريخ الموجهة المضادة للدروع، التي أثبتت قدرتها على تحطيم أحدث الأسلحة التدريعية، وأبرزها دبابات الميركافا من الجيل الرابع "أسطورة الجيش الإسرائيلي"، حيث شكّلت واقعة وادي الحجير صدمةً غير مسبوقة بالنسبة لاحتلال.

وثانيًا، التصور العملاني، القائم على احتراف واتقان تكتيكات حرب العصابات، التي تتميّز بها المقاومة، الأمر الذي من شأنه أن يحوّل أي محاولة للسيطرة البريّة إلى حالة استنزاف مميت، إضافة للخبرة الهائلة التي اكتسبها مقاتلو الحزب خلال مشاركتهم في الحرب السورية عام 2011، والمعارك ضد التنظيمات الإرهابية في الداخل اللبناني.

- التفوق الجوي، والقدرة على الوصول إلى أي هدف واصابته بدقة متناهية

لمواجهة هذا التهديد الجوي، قام حزب الله بتطوير قدرته الاعتراضية، من خلال تطوير القوّة الصاروخية التي تتمتع بإمكانات هجوميّة وقدرة عالية على الوصول إلى العمق الإسرائيلي "عقب أخيل"، والمتجسد بالجبهة الداخلية، ومن البديهي ان الوصول إليها سيغيّر مسار ونتائج أي حرب مقبلة.

بهذا تكون "إسرائيل" أمام خطر مزدوج، حيث وجدت نفسها أمام تحدٍ وجودي بامتلاك الحزب للصواريخ الدقيقة، بالإضافة لخطر الصواريخ غير الدقيقة التي قدّرها اللواء في جيش الاحتلال اسحاق بريك، بما يقارب 150 ألفاً، والتي أخفق الجيش الإسرائيلي في التأثيرٍ على الكم العددي المتراكم لهذه الصواريخ، وبات الجهد الاستخباراتي، العملياتي، الاستباقي والوقائي ضده غير مجدٍ وعبثي.

الصواريخ "الغبية" دقيقة بيد حزب الله

ولكن، ومع التخبّط الذي شغل الأوساط العسكرية الإسرائيلية طيلة السنوات الماضية، وفي ظل تكتم استخباراتي شديد من قِبل المقاومة، حول عدد ونوع الصواريخ التي بحوزتها، رأى رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، تامير هايمن انه: "بخصوص مشروع الدقة لدى حزب الله، فهو مشغول بتحويل الصواريخ الى دقيقة بشكل يهدد أمن دولة إسرائيل، وهذا التهديد يعدّ من ناحية الأمن القومي الإسرائيلي خطيراً جداً، وهو يزعزع الاستقرار في حال استمراره، ويمكن بنسبة معينة أن يؤدي الى عملية مضادة".

ذهبت التقارير العسكرية الإسرائيلية إلى أبعد من ذلك حيث رأت ان: "الحزب تمكّن من جمع بضع مئات من الصواريخ الدقيقة المتوسطة المدى إلى البعيدة المدى حتى الساعة... وأنَّه يعزز جهوده في تحويل صواريخ "غبية" إلى صواريخ دقيقة من خلال مجعدات مصنوعة في إيران، يتم تركيبها على الرأس الحربي وتزويدها بالقدرات الملاحية، والواقع أنَّ هذه الأدوات التكنولوجية يمكن تهريبها حتى في حقيبة يد، وتشير التقديرات إلى أنَّ لبنان يضم حالياً مواقع مختلفة يتم تصنيع صواريخ دقيقة فيها" وفق الإسرائيليين.

ويرى خبراء أن الصواريخ بنسختها "الغبية" ستضرب عمق الكيان بشكل عشوائي، وسينتج عنها ضربات تدميرية غير مركّزة، غير أن إدخال ميزة "الدقة" إلى الرمايات النارية العميقة، من شأنه أن يضفي قيمةً مضاعفة على فعاليتها الحربية، فيما لو استهدفت مراكز ومنشآت حيوية واستراتيجية داخل الكيان، من خلال هذه المسارات:

- الخروج من دائرة السلاح الكلاسيكي، والارتقاء بفعالية الصواريخ إلى حد السلاح غير التقليدي من خلال استهداف منشآت بتروكيميائية أو نووية.

-28 % من مجمل الطاقة الكهربائية المنتَجة في الكيان، تبلغ نحو 18 ألف ميغاوات، يجري إنتاجها في معملين فقط لا غير، فيما يتوزع إنتاج 51% منها على 6 معامل أخرى، حسب تقرير نشره معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي.

-إضافة لمنشآت انتاج ونقل الغاز الطبيعي في البحر وعلى الساحل ومحطات تحلية المياه وهي 5، تزوّد الكيان بنصف مياه الشفة التي يستهلكها.

ذلك يعني، ان عددًا قليلًا من الصواريخ الدقيقة، يمكن أن يتسبب بكارثة اقتصادية خدماتية، وخصوصًا إذا ما أضفنا منشآت البيتروكيميائية، والمرافق الأساسية مثل مرافئ حيفا وأسدود وإيلات ومطار بن غوريون، ومع احتمال وصول الصواريخ إلى المفاعل النووي الموجود في ديمونا جنوب فلسطين، والتي تبعد حوالي 36 كلم عن بئر السبع.

- يتيح السلاح الدقيق ممارسة الضغط المباشر على القدرة القتالية للجيش الإسرائيلي، من خلال استهداف الثكنات العسكرية، ومناطق التحشيد، ومنشآت السيطرة والتحكم، وقواعد سلاح الجو.

- إمكانية التشويش وشلّ منظومات البنى التحتية المدنية لفترات طويلة، والتسبّب بأضرار تُقدّر بمليارات الدولارات.

بهذا المعنى، أصبحت الصواريخ الدقيقة، القوة الموازية للتفوق الجوي الإسرائيلي، فهي تمنح المقاومة القدرة على فعل بما يقوم به سلاح الجو، أي استهداف أي نقطة داخل العمق الإسرائيلي.

الكيان الذي يعتبر متطوراً، ببنى تحتية حيوية حديثة، يفتقر إلى العمق الآمن، بمساحة جغرافية محدودة، ذلك يعني أن تهديداً يتضمن عدداً قليلاً من الصواريخ الدقيقة، بإمكانها اختراق الطبقة الدفاعية الاعتراضية، وإصابة هذه المنشآت، وبالتالي إحداث كارثة، لم تختبرها "إسرائيل" في تاريخها.

رئيس شعبة العمليات في جيش الاحتلال اللواء ايتسيك ترجمان، عبّر عن هواجسه تجاه هذا التهديد، مشيراً إلى أنه لم يستطع أن يتقبل ولو نظرياً، فرضية أن تتعرض هذه المنشآت للصواريخ الدقيقة، وتابع في معرض حديثه ليديعوت احرنوت عام 2017 أن: "في كل دولة هناك أرصدة حيوية يجب ألا تصاب، مصادر الطاقة، خزانات الوقود، مصانع السلاح، المراكز السكانية... 50 متراً يمكن أن تشكل فارقاً مهمّاً بين ضرر غير مهم وقدرة على شلّ هذه المرافق، والإضرار بالقدرة التشغيلية للدولة ومؤسستها الأمنية.. إذا كنتَ قادراً على إطلاق 100 ألف صاروخ على لبنان، لكنك بواسطة 20 صاروخاً تقدر على شلّ عمل الدولة، هذا هو الفارق".

منظومات الدفاع الصاروخية الإسرائيلية

إن فشل المنظومة الدفاعية بصد الصاروخ الذي أطلق من سوريا ووصل إلى العقبة قرب مدينة ديمونا، وضع القيادة الإسرائيلية أمام أسئلة مهولة: ماذا لو استهدف الصاروخ المفاعل حقاً؟ وماذا لو أُطلق من مكان أقرب، من الجبهة الشمالية التي يسيطر عليها حزب الله؟

بالنسبة لهذا الأمر، ثمة معضلة لدى القادة الإسرائيليين، هي أن خاصية الدقة في الصواريخ التي بات يمتلكها حزب الله من شأنها أن تقلل من أهمية الجبهة الداخلية ببعدها المدني، وتدفعها إلى المرتبة الثانية في سلّم الأولويات، بعد أهمية وتأثير الأهداف ذات الطابع العسكري حال استهدافها في الحرب. بمعنى آخر، إن أولوية الحماية التي يُفترض أن تؤمنها منظومات الاعتراض الدفاعي "القبة الحديدية"،"حيتس" و"مقلاع داوود" ستكون للمنشآت العسكرية الضليعة بالجهد القتالي، على حساب كشف المدنيين أمام الهجمات الصاروخية المتوقعة، والذي سيكون من أبرز نتائجه تنامي حدة الغضب والنقمة الشعبية على الحكومة الإسرائيلية، وانعكاس ذلك في إدارتها لأي حرب مقبلة.

المنظومة الصاروخية التي يمتلكها حزب الله

شبّه المحلل العسكري في القناة الثانية العبرية ألون بن دافيد موقف "إسرائيل" من الصواريخ الدقيقة، بحكاية ضفدع يغلي ببطء في إناء من المياه، وأوضح: "نقول لأنفسنا إنَّ الماء دافئ جداً ولكنه لا يزال محمولاً، ويمكن ارجاء القفز خارجه.. يفتخر الجيش الإسرائيلي باستخباراته الدقيقة عن لبنان، لذا يمكن للمرء أن يفترض أنَّه يعرف بالضبط درجة حرارة الماء. اليوم، مع اقترابنا من نقطة الغليان، علينا تحديد درجة الحرارة التي لن نكون قادرين على تحملها وتحديدها بشكل صريح".

ويتابع: "لا يرغب أحد في اندلاع حرب ثالثة في لبنان. السؤال الأساسي هو متى يبدأ الأمر بإثارة قلقنا، عندما يصير هناك في لبنان 1000 صاروخ دقيق؟ 2000؟ 10000؟".

إن القدرة الاستخباراتية العميقة، التي راكمها حزب الله طيلة السنوات الماضية، حالت دون حصول كيان الاحتلال على أبسط معلومة حول كم ونوع الصواريخ الموجودة بحوزته، وتركت القيادات الإسرائيلية تتكّهن معلومات حسب تقديرات. وهنا عرضٌ لأبرز التصريحات التي تناولت تقديرات القوّة الصاروخية لدى المقاومة:

قسّم مختصون إسرائيليون الوسائل القتالية لـ "حزب الله" بعد عدوان 2006 إلى مجموعات هي:

أ- وسائل قتالية من الصناعات الإيرانية: منها منظومة الصواريخ بعيدة المدى من طراز "فجر 5" بمدى 75 كم، و "فجر 3" بمدى 43 كم، وقد جرى استعمال قسم من هذه الوسائل القتالية من قبل "حزب الله"، طبقاً لاعتباراته، ووفقا لاحتياجات الحرب.

ب ـ وسائل قتالية من إنتاج الصناعات العسكرية السورية: من بينها منظومة صواريخ 302 ملم، يصل مداها إلى ما يزيد على 100 كم، صواريخ 220 ملم يصل مداها إلى 75 كم، وقد فضّل الحزب استعمال السلاح السوري في الحرب.

ج ـ وسائل قتالية من إنتاج دول أخرى جرى تحويلها إلى حزب الله من سوريا      وإيران: صواريخ متطورة مضادة للدبابات من طراز Kornet وMetis و29 RPG، أو صواريخ مضادة للطائرات من طراز SA-7 وSA-14 من إنتاج روسي، أو صاروخ شاطئ - بحر من طراز 802 ــC من إنتاج الصين.

إضافة لعدد من الصواريخ:

1-"كاتيوشا": هي صواريخ روسية بالأساس تعود إلى حقبة الاتحاد السوفييتي، يمكن إطلاقها بوساطة راجمة أو بوساطة منصة ثابتة يدوياً أو حتى من دون الحاجة إلى وجود مشغل بشري، اعتمادًا على التوقيت الذي يمكن ضبطه للانطلاق في وقت لاحق، ولا أهمية استراتيجية أو عسكرية كبرى لهذه الصواريخ، رغم قدرتها التدميرية، بقدر ما هو الرغبة في إحداث هلع أو انهيار وضغط نفسي لدى الطرف الآخر. ويمتلك "حزب الله" حوالي 13 ألف صاروخ منها أو أكثر معظمها ضمن مدى (12- 25) كلم، حسب تقديرات الاسرائيليين.

2- صواريخ "رعد": هو صاروخ إيراني الصنع تم إنتاجه عام 2004 بعدما خضع للعديد من التجارب، وفق تصريح سابق لوزير الدفاع الإيراني علي شامخاني آنذاك، يعمل على الوقود السائل وتبلغ نسبة دقته في إصابة الأهداف 75%، ذو مهمة وقدرة تدميرية قوية، ويستطيع حمل رأس متفجر بوزن 100 كغ.

3- صواريخ "فجر": هو صاروخ إيراني الصنع بدعم صيني وكوري شمالي، ويتم إطلاقه من قواعد وعربات متحركة، يمتلك الحزب منها سلسلة "فجر3"، يبلغ مداه حوالي 45 كم؛ و"فجر4" و"فجر5" يبلغ مداه حوالي 75 كلم.

تقديرات عام 2004 تشير إلى أن الحزب يمتلك حوالي 500 صاروخ من هذه الصواريخ التي تتيح له القدرة على الوصول إلى حيفا.

4- صواريخ "زلزال": هو صاروخ باليستي، يبلغ مداه حوالي 150 كم، ويعمل على الوقود الصلب؛ يستطيع الوصول إلى تل أبيب مما يجعله في منظومة الصواريخ المتطورة جدا.

وبحسب بعض التقديرات الإسرائيلية دائمًا فإن حزب الله يمتلك منها ما بين 10 و20 صاروخاً، إضافة لصاروخ "زلزال2"، الذي يبلغ مداه حوالي 200 كم، وهو يستخدم لضرب المواقع المهمة المتعلقة بالمدن والاتصالات وبالمواقع الحيوية، لأنه يستطيع حمل رؤوس تحتوي على مواد متفجرة قد تصل إلى 600 كغ.

- صواريخ كوثر: من عائلة صواريخ كروز الإيرانية القصيرة المدى ويوجد منه نموذجان، الأول يُطلق من منصات بريّة وآخر يطلق من الجو، ويتم توجيه هذا الصاروخ بطريقتين تلفزيونية ورادارية، وهو من أدق صواريخ كروز الايرانية في اصابة الأهداف، ويبلغ مداه بين 15 و20 كيلومتراً. وقد استعمله حزب الله باستهداف البارجة الإسرائيلية ساعر مقابل السواحل اللبنانية خلال عدوان تموز 2006.

- صواريخ "فاتح-110": أعلن السيد نصر الله حيازة الحزب لهذا الصاروخ منذ عام 2006، من خصائصه: هو صاروخ من نوع أرض-أرض إيراني الصنع، ظهر للمرة الأولى في عرض عسكري في طهران عام 2003.

 يزن الصاروخ ثلاثة أطنان، ويحمل رأساً حربياً شديد الانفجار، يصل وزنه إلى 500 كغ، أي أن القدرة التدميرية له غير معهودة بالنسبة إلى "إسرائيل" في حروبها السابقة مع المقاومة. وما يميز فاتح 110 إمكان إطلاقه من منصة ثابتة أو من آلية متحركة، ما يعطي وحدات الحزب الصاروخية مرونة أكبر في التحرك والإطلاق.

لم تغفل القيادة الإسرائيلية يوماً عن محاولة استجداء معلومات أو تقديرات عن الترسانة الصاروخية للحزب، في محاولة لبلورة حجم التهديد التي يحدق بها، وهذه بعض التصريحات لأوساط عسكرية وسياسية عقب المناوشات التي حصلت على الحدود مع فلسطين المحتلة طيلة السنوات القليلة الماضية:

مفوض شكاوى الجنود السابق في جيش الاحتلال، اللواء احتياط اسحاق بريك، أشار في مقابلة مع القناة السابعة العبرية، شباط 2021، إلى " أن "اسرائيل" تواجه تهديدًا وجوديًا مع 150 ألف صاروخ لدى حزب الله، المئات منها دقيق، وما ليس دقيقًا يستطيع أن يحمل عشرات الكيلوغرامات من المواد المتفجرة، وهذه الصواريخ تصل الى أي نقطة في إسرائيل.. هذا أمر فظيع، حيث أنه حتى لو كان لدى حزب الله بضع مئات من الصواريخ الدقيقة فقط، فهو كافٍ لإغراق إسرائيل في الظلام لسنوات طويلة.. انّ السيناريو الذي يجري الحديث عنه في المؤسسة الامنية هو 3000 صاروخ في اليوم".

المحلل العسكري الاسرائيلي ألون بن دافيد قال: "في أعقاب الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، راقب الجيش الإسرائيلي حزب الله يعزز جهوده لتسليح نفسه، واعتبر أن الصواريخ ستصدأ في المخازن؛ إلا أنَّ عام 2006، استهدفت آلاف الصواريخ "إسرائيل" فجأة، حينها كان يمتلك الحزب حوالي 14 ألف صاروخ، ويصل عدد صواريخه اليوم إلى حوالي 70 ألف صاروخ".

المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت" أليكس فيشمان: "كان في حوزة حزب الله قبل حرب لبنان الثانية أكثر من 16 ألف صاروخ، وكان بإمكان جزء من هذه الصواريخ أن يصل إلى مدينة الخضيرة. أما اليوم، فإن تقدير خبراء محايدين، مثل ضباط قوات الطوارئ الدولية، أن لدى حزب الله أكثر من ثلاثين ألف صاروخ، عدد منها يصل مداه إلى منطقة النقب بل إلى منطقة ديمونا".

مركز أبحاث "ألما" الإسرائيلي في تقرير له أشار إلى: " 28 موقعًا لإطلاق الصواريخ وتخزينها، وهي تتركز بشكل رئيسي في المناطق التي يسيطر عليها حزب الله في ضواحي بيروت والجنوب والبقاع.. يمكن من خلال هذه النقاط إطلاق وتخزين وإنتاج "فتح 110 / M600" متوسطة المدى، وهي من النوع التي يتضمنها مشروع الصواريخ الموجهة بدقة.

وبحسب التقرير يمتلك حزب الله ما يقدر بـ 600 صاروخ من طراز فاتح 110 / M600، يصل مداه إلى 300 كيلومتر، في حين يصل مدى النماذج المحسنة التي تسمى "ذو الفقار" إلى 700 كيلومتر.

مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية أورد في تقرير له عن قدرات الحزب قال فيه: "إن حزب الله يعد أضخم قوة عسكرية، خارج إطار الجيوش النظامية، في العالم.. انه يمتلك ترسانة هائلة من المدفعية الصاروخية، إضافة إلى صواريخ باليستية، ومضادات للطائرات، وأسلحة مضادة للدبابات إضافة إلى القذائف المضادة للسفن.

وتابع التقرير: "ان حزب الله كان يمتلك 15 ألف صاروخ وعدداً كبيراً من المركبات الصغيرة التي تحمل صواريخ غير موجهة، في عام 2006، منذ ذلك الوقت زادت قدرات حزب الله الصاروخية، حسب التوقعات، إن ترسانته الصاروخية باتت تضم 130 ألف قذيفة متنوعة".

 لم يتبنَّ حزب الله رسمياً أي من هذه الأرقام ولو لمرة واحدة، ويحرص دائماً على استخدام هذه الورقة للضغط على الاسرائيلي، وإخفاء المعلومات التي تتعلق بهذا الملف.

الصواريخ الدقيقة تهديد وجودي

لكن السيد نصرالله، دائماً ما كان يوصل الرسائل الدفاعية للاحتلال عبر خطاباته، فبالنسبة لمفاعل ديمونا، توجه في مهرجان "القادة الشهداء"، عام 2017 إلى القيادة الإسرائيلية بالقول: "هذا الخزان سنطاله أينما أخذوه، أنا اليوم في هذه الذكرى أدعو العدو ليس فقط لإخلاء خزان الأمونيا في حيفا بل إلى تفكيك مفاعل ديمونا النووي، نحن نستطيع أن نحول التهديد إلى فرصة، والنووي الإسرائيلي إلى تهديد لإسرائيل وكيانها ومستعمريها، العدو يؤمن بقوة وقدرة المقاومة في لبنان وأنها عندما تقول تستطيع أن تنفذ ما تقول...أنتم في حرب تموز بنيتم معلومات ظننتم أنها كافية عن المقاومة فهجمتم، نحن دائما لدينا ما نخفيه، وستتفاجؤون بما نخفيه، والذي يمكن أن يغير مسار أي حرب".

وكان الأمين العام لحزب الله قد أعلن في أيلول عام 2018 عن امتلاك الحزب للصواريخ الدقيقة رسمياً: "أقول له مهما فعلت في قطع الطريق لقد انتهى الأمر وتم الأمر وأنجز الأمر، وباتت المقاومة تملك من الصواريخ الدقيقة وغير الدقيقة، ومن الإمكانيات التسليحية ما يسمح إذا فرضت إسرائيل على لبنان حربًا، ستواجه إسرائيل مصيرًا وواقعًا لم تتوقعه في يوم من الأيام".

عرّف الجيش الإسرائيلي خطر الصواريخ الدقيقة، بأنَّه: "تهديد استراتيجي لإسرائيل، وعندما يكون حزب الله قادراً على إطلاق الصواريخ على قاعدة كيريا العسكرية في تل أبيب، ولا على أي مكان حولها بين شارع كابلان وشارع الملك شاؤول، بل على قلب المقر العام للجيش الإسرائيلي، ستكون هذه الإمكانات قادرة على إغلاق مواقع استراتيجية كاملة أساسية لإسرائيل، ولكن هذا النوع من التعريف للتهديد لم يترجم بعد إلى خطة عملية من شأنها أن توقف مشروع الصواريخ الدقيقة لـحزب الله".

بذلك يصبح من البديهي أن تخرج "إسرائيل" عن طورها في مساعيها للحؤول دون امتلاك المقاومة لهذا السلاح، وأن تسعى الأخيرة إلى امتلاكه رغماً عن كل شيء.

مع حيازة حزب الله للصواريخ الدقيقة والتي تجاوزت مرحلة أن يؤثر فيها أي جهد إسرائيلي عملاني، استخباراتي او سياسي، ارتسمت معالم جديدة في المواجهة بين المقاومة وجيش الاحتلال، حيث باتت "إسرائيل" مردوعة، بل قلقة على أمنها القومي ووجود كيانها، رغم مساعيها وأحلام قادتها المتواصلة بالعدوان، والسيطرة على المنطقة.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور