الإثنين 28 حزيران , 2021 04:32

البطاقة التمويلية... بلا تمويل

البطاقة التمويلية
وفقًا لتقارير البنك الدولي، فإن أكثر من 55 % من سكان لبنان يعيشون في دائرة الفقر، بينما يقبع أكثر من 25 % من المواطنين تحت خط الفقر المدقع، ومن المتوقع ومع موافقة الكتل السياسية في البرلمان النيابي على خطة رفع الدعم أن ترتفع النسب لتصل إلى 80% من سيعيشون في دائرة الفقر، وأكثر من 50% تحت خط الفقر

يقف اللبنانيون اليوم على عتبة السنتين من الانهيار الاقتصادي والاجتماعي وشبه غياب للدولة، بعد أن عجزت الطبقة الحاكمة عن تقديم أدنى مقومات الحياة الكريمة لهم. اليوم يرزح اللبناني في بؤر الفقر والعوز، حيث تسعى السلطة السياسية الحالية إلى تخديره من خلال زرع الأوهام المتمثلة بـ "البطاقة التمويلية" التي لا جدوى ولا فائدة منها.

ووفقًا لتقارير البنك الدولي، فإن أكثر من 55 % من سكان لبنان يعيشون في دائرة الفقر، بينما يقبع أكثر من 25 % من المواطنين تحت خط الفقر المدقع، ومن المتوقع ومع موافقة الكتل السياسية في البرلمان النيابي على خطة رفع الدعم أو بعبارة أخرى "ترشيد الدعم" -وهي التي تستخدمها القوى السياسية للتخفيف من قساوة فكرة رفع الدعم الكلي وهو المصير المحتم والقريب- أن ترتفع النسب لتصل إلى 80% من سيعيشون في دائرة الفقر، وأكثر من 50% تحت خط الفقر.

لكن ما هو أساس مشروع البطاقة التمويلية؟

بحسب المستشارة القانونية للجنة الاقتصاد النيابية، جوديت التيني، فإن مشروع البطاقة التمويلية كان "ينص على أن تتضمن كل بطاقة مبلغ 137 دولارا، يسدد بالدولار وليس بالليرة اللبنانية، تحصل عليه كل أسرة مؤلفة من 4 أفراد. ويستفيد من البطاقة 750 ألف عائلة، 250 ألفاً تعتبر من العائلات الأكثر فقراً حيث لا مدخول شهرياً ثابتاً لها، بينما العائلات الـ 500 ألف الأخرى فتعتبر من العائلات الفقيرة التي لا يتجاوز دخلها الشهري الثابت المليوني ليرة، أما تكلفة البطاقة فتبلغ حوالي 1.24 مليار دولار سنويا".

لكن اليوم وبعد رفع الدعم التدريجي عن قطاع المحروقات، بحيث وقع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب على استيراد النفط على سعر 3900 ليرة لبنانية بديلا من 1500 ليرة، -ما سيؤدي بالتالي إلى ارتفاع ملحوظ بسعر تنكة البنزين إلى 70 ألف بعد أن كانت قد وصلت إلى 45 ألف أي بمعدل زيادة 25 ألف-، فإن قيمة البطاقة ستنخفض إلى 360 مليون دولار سنويًا، موزعة على 500 ألف عائلة.

ووفقًا لعملية حسابية بسيطة، إذا قسمنا 360 مليون على 500 ألف عائلة، فإن ما ستحصل عليه كل عائلة سنويًا يصل إلى 720 دولار وبالتالي فإن كل عائلة ستحصل على 60 دولار شهريًا بخلاف ما أعلنته الدولة عن 93 دولار.

رياض سلامة لم يوافق بعد

كان وزير الاقتصاد راؤول نعمة قد صرح حول موضوع ما إذا كان المصرف المركزي سيوافق على تمويل البطاقة التمويلية أم لا بأن "الحكومة لا تستطيع أن تفرض على رياض سلامة رفع الدعم أو إبقاءه، وهو لطالما اتّخذ القرار الذي يريده بهذا الشأن، بحيث يدعم ما يريد من السلع ويرفض دعم ما يريد، وآخر قراراته في هذا السياق كان رفعه الدعم عن الخميرة المستخدمة في صناعة الخبز، من دون الرجوع إلى أحد".

في هذا الإطار يمكن أن نستنتج بأن حاكم مصرف لبنان "ما في عندو كبير"، إذ من المتوقع أن يوقع المجلس النيابي على مشروع البطاقة التمويلية، لكن حتى الساعة لم يعطِ سلامة الموافقة على تمويلها، إذ تؤكد مصادر المصرف المركزي على عدم قدرته دعم البطاقة، إذ يشترط المقترح المقدم أن يتم دفعها بالدولار الأمريكي وبالتالي استخدام الاحتياطي الإلزامي، في المقابل يرفض المركزي دفع قيمة البطاقة بالعملة اللبنانية بحجة انها ستؤدي إلى تضخم كبير في اقتصاد البلاد.

واللافت هنا، ان المركزي يرفض أن يمول البطاقة من "أموال المودعين"، من دون توقيع رسمي من رئيس الجمهورية اللبنانية، علمًا انه يمتلك هذه الصلاحية ولا يحتاج إلى إذن او توقيع خاص وقد لجأ سابقًا إلى استخدام أموال المودعين عندما لم يفصل بين أموال المصرف المركزي والمصارف الأخرى.

اليوم وبعد ما يعانيه الشعب من أزمات، فإن البطاقة التمويلية أصبحت أمرًا أساسيًا لا يمكن الاستغناء عنها، لكن يجب مسبقًا تنفيذ إصلاحات شاملة. فالبطاقة التمويلية كان ينبغي العمل بها من قبل، وألا تقل قيمتها عن 125 والـ 150 دولار (أو ما يوازيها بالليرة اللبنانية)، لكن هذه البطاقة يجب أن تتعدل شهريًا مترافقةً مع زيادة الحد الأدنى للأجور، من دون أن تغفل الدولة عن ملاحقة المحتكرين ومافيات التجار المتحكمة بالسوق اللبنانية.

ويبقى السؤال هل ستبصر البطاقة التمويلية النور؟ أم أنها ستبقى مجرد حلم ووهم عند اللبنانيين؟


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور