الثلاثاء 04 آذار , 2025 11:50

معهد واشنطن: يجب أن يسعى ترامب إلى إنشاء "ريفييرا" في لبنان

ترامب ومن خلفه شاطئ الرملة البيضاء في بيروت

تحرضّ حنين غدار بالاشتراك مع مدير عام وزارة الحرب الإسرائيلية الأسبق زوهار بالتي، في هذا المقال الذي نشره معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى والذي ترجمه موقع الخنادق الإلكتروني، الإدارة الأمريكية لأن تتولى زمام المبادرة في الدفعة الأخيرة، من أجل تحقيق ما وصفته بالـ " فوز كبير في الشرق الأوسط" عن طريق لبنان، من خلال فرض وصاية سياسية وعسكرية ومالية وإنمائية على الدولة اللبنانية، بالتعاون مع الدول الأجنبية والعربية التابعة للمعسكر الغربي الأمريكي، الذي باعتقادهما سيؤدي الى تضييق الخناق بالكامل على المقاومة الإسلامية في لبنان – حزب الله، ومن بعدها سيتحوّل لبنان الى ريفييرا (على غرار خطة ترامب لتحويل قطاع غزة الى ريفييرا أيضاً).

لكن الخطير فيما اقترحته غدار بالاشتراك مع بالتي، هو أن أغلب البنود - إذا ما تم اعتمادها من قبل واشنطن - تريد استخدام الدولة والجيش اللبنانية كجهة تنفيذية تعمل ضد حزب الله، وبالتالي ستؤدي الى حتمية نشوء فتنة داخلية كبرى في لبنان.

النص المترجم:

في الـ 26 من فبراير/شباط، فازت حكومة رئيس الوزراء نواف سلام الجديدة بتصويت حاسم بالثقة بتأييد 95 من أصل 128 عضواً في البرلمان. وحتى المشرعين المنتمين إلى حزب الله صوتوا بالموافقة، على الرغم من حقيقة مفادها أن البيان الوزاري الافتتاحي للحكومة لا يدعم "المقاومة" بأي شكل من الأشكال.

في لبنان، تحدد البيانات الوزارية خطط الحكومة خلال فترة ولايتها، وكانت البيانات السابقة تميل تقليديا إلى الخضوع لحزب الله من خلال التأكيد على شعار "الشعب والجيش والمقاومة". ومع ذلك، أغفل بيان سلام هذه العبارة وسلط الضوء بدلا من ذلك على أولويات أخرى: الإصلاحات المالية، والإصلاحات القضائية، والتعيينات القائمة على الجدارة والشفافية، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من "الأراضي اللبنانية المحتلة في الجنوب، حتى الحدود التي حددتها هدنة عام 1949". كما أكد البيان على الحاجة إلى "سيادة الدولة اللبنانية على جميع أراضيها حصريا بقواتها الخاصة". وشمل هذا التعهد بتنفيذ التزام الرئيس جوزيف عون السابق بتأكيد "واجب الدولة في احتكار حمل السلاح" و"البت في الحرب والسلام".

والتحدي الرئيسي لكل هذه الأهداف يتلخص في شقين: التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل ونزع سلاح حزب الله في جميع أنحاء لبنان. ولتلبية هذه المتطلبات، تحتاج القوات المسلحة اللبنانية إلى الدعم الكامل والتزامن المستمر مع آلية إنفاذ وقف إطلاق النار، التي ترأسها حاليا الولايات المتحدة. إن وجود واشنطن على رأس الآلية هو ما يجعل وقف إطلاق النار الحالي أكثر إيجابية من ذلك الذي أنهى حرب 2006 وكرس قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 باعتباره النموذج الذي لم يتحقق إلى الأبد لكسر حلقة الصراع. وسوف يكون استمرار القيادة والتمويل الأميركي أكثر أهمية من أي وقت مضى في الأشهر المقبلة، على الأقل حتى يتم الوفاء بجميع شروط الاتفاق.

إن هذا الاحتمال أصبح ملموسا بشكل متزايد مع تحقيق الحكومة الجديدة انتصارا آخر وتقديم حزب الله تنازلات سياسية كبرى. والواقع أن الوضع الأكثر ملاءمة اليوم يرجع إلى حد كبير إلى الانتصارات المدوية التي حققتها إسرائيل في ساحة المعركة على الجماعة الإرهابية في العام الماضي. فقد ضعف حزب الله عسكريا وخسر هيكل القيادة المركزية بالكامل، الأمر الذي أدى إلى انحدار حاد في الروح المعنوية.

ونتيجة لهذا، فإن الحكومة الجديدة لديها فرصة تاريخية لم يشهدها لبنان منذ أكثر من أربعين عاما ــ وهي العودة إلى المجتمع الدولي، وإعادة الاتصال بالدول العربية السُنّية الرائدة، وتعزيز علاقاتها مع أوروبا، وربما حتى البدء في عملية الانضمام إلى اتفاقيات ابراهام مع إسرائيل. وهذه الفرصة ذهبية حرفيا أيضا ــ إذا كانت هناك دولة واحدة في الشرق الأوسط تعرف كيف تطور "ريفييرا"، وتبني الفنادق، وتتمتع بالحياة الطيبة مع إمكانية تحقيق ربح كبير للمستثمرين الأجانب والمحليين، فهي لبنان.

ولكن منذ صعود حزب الله إلى السلطة في ثمانينيات القرن العشرين، أصبحت البلاد رهينة للجماعة ومشلولة على جميع الجبهات. وحتى بعد انسحاب إسرائيل في مايو/أيار 2000، رفض حزب الله نقل المسؤوليات الأمنية إلى القوات المسلحة اللبنانية، الأمر الذي قوض بشدة سيادة الحكومة. والآن حان الوقت لكي تساعد واشنطن وشركاؤها الأوروبيون والخليجيون في كسر هذه الدورة التي استمرت عقودا من الزمن من خلال التركيز على الخطوات التالية:

_هزيمة حزب الله سياسيا وقطع جميع مصادر تمويله. لقد تم إضعاف حزب الله ولكنه لا يزال يتمتع بتمثيل كبير في الحكومة، وهو حليف رئيسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري، ووزير المالية المختار ياسين جابر، الذي قد يحاول تحويل مكتبه إلى قناة مالية للجماعة. بمرور الوقت، سيحاول حزب الله إعادة بناء موقفه واستعادة السيطرة الفعلية إذا تُرِك دون عوائق.

_الضغط على القوات المسلحة اللبنانية من خلال آلية الإشراف على وقف إطلاق النار. بصفتها رئيسة الآلية، تتمتع الولايات المتحدة بنفوذ بعيد المدى على المؤسسات الأمنية اللبنانية التي ستكون مسؤولة عن سحب التمويل وهزيمة حزب الله على الأرض، حيث يكون الأمر أكثر أهمية. وعلى وجه الخصوص، يجب على واشنطن الضغط على القوات المسلحة اللبنانية لوقف تدفق الأموال إلى حزب الله بالتنسيق مع المملكة العربية السعودية وغيرها من كبار المانحين لإعادة الإعمار.

_زيادة الدعم الأمني ​​الأمريكي من خلال التمويل العسكري الأجنبي، مع شروط صارمة مرتبطة بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار. وعلى الرغم من المراجعة الجارية التي تجريها الإدارة الأميركية لمستويات المساعدات الخارجية، فإن التعجيل بتمويل المساعدات العسكرية الأجنبية للبنان من شأنه أن يمنح واشنطن نفوذاً كبيراً على القرارات اللبنانية الرئيسية ويعزز جهودها الرامية إلى تحديد توقعات أداء واضحة للوزارات المعنية، ومراقبة جميع نفقاتها، والتهديد بفرض عقوبات على الوزراء الذين يتعاونون مع حزب الله.

_الضغط من أجل تعيين مسؤول كقائد للقوات المسلحة اللبنانية المقبل، لأن هذا الفرد سيكون مسؤولاً عن التنفيذ الكامل لوقف إطلاق النار، ومنع إعادة تسليح حزب الله، والعمل مع السلطات الانتقالية الجديدة في سوريا لتأمين الحدود.

_تنسيق المساعدات المالية مع المملكة العربية السعودية وقطر وغيرهما من الجهات المانحة لضمان أن يكون الامتثال لشروط وقف إطلاق النار والإصلاحات الاقتصادية شرطاً مسبقاً لأي مساعدات لإعادة الإعمار.

_وقف معاملات لبنان مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي حتى ينفذ إصلاحات اقتصادية وقانونية إضافية. وهذا من شأنه أن يساعد في الحد من خطر تلاعب حزب الله والوزراء التابعين له بأموال الدولة.

_مراقبة عملية إعادة الإعمار النهائية عن كثب لضمان عدم استفادة الجهات المعادية منها. وهذا يعني استبعاد حزب الله وشركائه المحليين من جميع مراحل العملية وتجاوز مجلس جنوب لبنان الذي تعرض لانتهاكات طويلة الأمد.

إن لبنان يقف على خط النهاية لتحقيق فوز كبير في الشرق الأوسط، ولكن هذا لن يتحقق إلا إذا تولت أميركا زمام المبادرة في الدفعة الأخيرة. ولتمكين هذه الدفعة الأخيرة، سوف تحتاج بيروت إلى الزعامة العسكرية المناسبة، والخطط الاستراتيجية، والميزانية اللازمة لهذه المهمة. وعلاوة على ذلك، سوف يحتاج الشركاء الرئيسيون مثل فرنسا وألمانيا والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى العمل جنباً إلى جنب مع واشنطن مثل قبضة مشدودة ضد حزب الله، الخصم الدائم الذي سُمح له بالبقاء والانتصار مرات عديدة في الماضي.


المصدر: معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى

الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور