الأربعاء 19 آذار , 2025 03:19

التداعيات كارثية لأي عدوان أمريكي على إيران

العدوان الأمريكي على إيران

من الصعب أن يحسم أي أحد، مهماً كان ضليعاً في العلاقات الدولية أو حتى مضطلعاً على معطيات استخباراتية، حصول اعتداء عسكري أمريكي مباشر على الجمهورية الإسلامية في إيران. إلّا أن ما هو محسوم، هو أن حصول ذلك سيؤدي حتماً الى تداعيات دراماتيكية لن تقتصر مفاعيلها على منطقة غربي آسيا (الشرق الأوسط)، بل ستشمل حتماً دول العالم بأسره، لما تمثّله هذه المنطقة من قلب جيوستراتيجي للعالم.

أولاً: تداعيات الهجوم على منطقة غربي آسيا

1)القواعد الأمريكية والدول التي تتواجد فيها ستكون في خطر: تمتلك الجمهورية الإسلامية قدرات عسكرية كبيرة (منها ما تم الكشف عنه ومنها الكثير ما لا يزال سرياً)، كما تمتلك حلفاء أقوياء في العديد من دول المنطقة من باكستان وأفغانستان ومن العراق، ولبنان، واليمن، وصولاً الى فلسطين المحتلة.

لذلك فإن أي اعتداء أمريكي ضد إيران، سيدفع هؤلاء الحلفاء حتماً إلى شن هجمات ضد المصالح الأمريكية وحلفائها في المنطقة (وبالتحديد الدول التي تُستخدم لشن الاعتداء).

2)تهديد إمدادات الطاقة العالمية: منطقة الخليج هي أحد أهم مصادر الطاقة في العالم، وأي صراع عسكري في المنطقة يمكن أن يؤدي إلى تعطيل إنتاج وتصدير النفط والغاز، مما يرفع الأسعار عالمياً بشكل جنوني، وهو ما سيؤدي الى تداعيات اقتصادية خطيرة على الكثير من الدول.

فمضيق هرمز، الذي تمر عبره نحو 20% من إمدادات النفط العالمية، سيكون معرضًا لخطر الإغلاق أو الاستهداف، مما يهدد الأسواق العالمية ويؤدي إلى أزمة طاقة حادة.

3)إسرائيل ستواجه سيناريو عمليات الوعد الصادق بشكل مضاعف: من المرجّح جداً أن أي عدوان أمريكي سيكون بمشاركة إسرائيلية، وهذا ما سيشكّل فرصة للجمهورية الإسلامية بتنفيذ العديد من الهجمات المماثلة لعمليتي الوعد الصادق 1 و2، بوتيرة أضخم وبتكاليف باهظة على الكيان المؤقت (مادياً وبشرياً).

ثانيًا: التداعيات السلبية على الصعيد العالمي

1)أزمة اقتصادية عالمية: كما ذكرنا أعلاه، فإن ارتفاع أسعار النفط قد يؤدي إلى أزمة اقتصادية عالمية، حيث ستتأثر الدول الصناعية الكبرى مثل الصين والاتحاد الأوروبي واليابان، مما سيؤدي إلى انخفاض الإنتاج الصناعي وزيادة معدلات التضخم.

كما أن أمريكا نفسها لن تكون بمأمن من هذه الأزمة، حيث سترتفع تكاليف المعيشة فيها، مما سيؤدي إلى استياء شعبي واسع (وهو ما يحرص ترامب دائماً على تجنّبه).

أما الأسواق المالية العالمية فستشهد تقلبات كبيرة، خاصة إذا أدت الحرب إلى انهيار بعض العملات الإقليمية أو تراجع الاستثمار الأجنبي في الدول المتأثرة بالصراع.

2) تفاقم التوترات بين القوى الدولية الكبرى: فأي حرب أمريكية ضد إيران لن تبقى محصورة بين الطرفين فقط، بل ستجذب قوى عالمية أخرى إلى المشهد. مثل روسيا التي قد تستغل الموقف لتعزيز تحالفها مع إيران، مما قد يؤدي إلى مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن.

وفي سياق متصل، فإن الصين التي تعتمد بشكل كبير على النفط الإيراني، قد تعارض أي عمل عسكري أمريكي بشدة، وقد تقدم دعماً سياسياً واقتصادياً وباحتمال كبير عسكرياً لإيران.

3)التسلح النووي: من المحتمل جداً إذا تعرضت إيران لعدوان عسكري، رغم كل الدلائل على سلمية برنامجها النووي، ورغم التزامها بكل الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمنع انتشار الأسلحة النووية، وكون دونالد ترامب هو الذي نقض الاتفاق النووي الذي تم توقيعه في العام 2015، كل ذلك من الممكن أن يدفعها لأن تتخلى عن التزاماتها الدولية وتسعى لتطوير برنامجها النووي بسرعة أكبر وربما بمسار عسكري (إذا ما كان التهديد يطال وجود الجمهورية الإسلامية).

تجنب الكارثة ضرورة استراتيجية

إن الهجوم الأمريكي ضد إيران إن حصل – رغم كل المؤشرات التي تستبعده - لن يكون مجرد ضربة عسكرية محدودة، بل قد يؤدي إلى كارثة شاملة تمتد آثارها لعقود، ويجب على جميع الأطراف الدولية والإقليمية العمل على تجنب حصول هكذا سيناريو من خلال الدبلوماسية والتفاوض، لأن تكلفة الحرب ستكون باهظة ليس فقط على المنطقة، بل على العالم بأسره.


الكاتب:

علي نور الدين

-كاتب في موقع الخنادق.

- بكالوريوس علوم سياسية.

 




روزنامة المحور