الإثنين 10 تشرين ثاني , 2025 03:28

العين والقبضة: القوة الاستخبارية للمقاومة في معركة أولي البأس

جنود خلف شاشات ومعركة أولي البأس

لقد شكّلت معركة أولي البأس التي أُعلن عن تسميتها رسميًا في 30-10-2024 على لسان الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، محطة محوريّة في الحرب على الجبهة الشمالية، فهي لم تكن مجرد اشتباك حدودي، بل تحوّلت إلى نموذج مصغّر لحرب تدمج المناورة بالتصعيد الإستراتيجي المدروس. هذه الكفاءة التي ظهرت في معركة أولي البأس من جهة المقاومة لم يكن من السهل تحقيقها من دون جهد استخباري تكتيكي واستراتيجي دقيق، يُصطلح على تسميته ب "الاستعلام الميداني"، الذي مكّن المقاومة من اختيار ضرباتها بدقة عالية ضد الأهداف الإسرائيلية الحساسة وتحديد النقاط الساخنة والتحركات أو التموضعات الإسرائيلية.

تقدم الدراسة أدناه "العين والقبضة: القوة الاستخبارية للمقاومة – معركة أولي البأس" قراءة تحليلية معمّقة في الأداء الميداني والاستخباري لحزب الله خلال المعركة التي دارت بين 17 أيلول و27 تشرين الثاني 2024، والتي اعتُبرت من أبرز مراحل الحرب على الجبهة الشمالية اللبنانية.

توضح الدراسة أن معركة أولي البأس لم تكن مجرد اشتباك حدودي، بل شكلت نموذجًا لحرب ذكية تجمع بين المناورة العسكرية والاستخبار الميداني، إذ اعتمدت المقاومة على "الاستعلام الميداني" في تحديد الأهداف الحساسة داخل الكيان الصهيوني، ما مكّنها من إدارة ضربات دقيقة ومؤثرة

سجلت المقاومة خلال المعركة 1666 عملية عسكرية بمعدل 23 عملية يوميًا، شملت استهدافات امتدت حتى عمق 150 كلم داخل الأراضي المحتلة، وأسفرت عن مقتل أكثر من 130 جنديًا وجَرح أكثر من 1250 آخرين، ونزوح نحو 300 ألف مستوطن.

وشملت العمليات أكثر من 100 مستوطنة و211 قاعدة عسكرية و55 مركز قيادة، إضافة إلى استهداف مطارات ومصانع ومخازن عسكرية، ما يعكس شمولية بنك الأهداف ودقّة الرصد.

أما وحدتا الدروع والهندسة فكان لهما دور نوعي، إذ دمرتا 59 دبابة ميركافا و11 جرافة ومدرعات وناقلات جند عدة، مستخدمتين العبوات والكمائن والهجمات المباشرة.

من الناحية التسليحية، أبرزت الدراسة استخدام المقاومة مروحة واسعة من الأسلحة: من الصواريخ القصيرة والبعيدة المدى (كاتيوشا، غراد، فادي، قادر)، إلى المسيّرات الاستطلاعية والانقضاضية، والعبوات والكمائن، ما يعكس قدرة تكتيكية متقدمة تعتمد على الردع غير المتماثل الذي يوظف التكنولوجيا والاستخبار في تحقيق التفوق على العدو.

تُظهر الدراسة أنّ معركة أولي البأس نقلت المواجهة إلى مستوى جديد من دمج الاستخبارات في العمل القتالي. فالمقاومة لم تكتفِ باستهداف المواقع الحدودية، بل نفذت عمليات دقيقة خلف الخطوط الإسرائيلية، طالت القواعد الجوية (رمات ديفيد، شمشون) ومراكز القيادة اللوجستية، بفضل منظومة استطلاع فعالة وشبكة معلومات مستقلة عن الاتصالات المعرضة للاختراق.

الجانب الأهم الذي خلصت إليه الدراسة هو أن هذه المعركة حطّمت ركائز العقيدة الأمنية الإسرائيلية القائمة على نقل المعركة إلى أرض الخصم، بعدما نجحت المقاومة في جعل العمق الإسرائيلي ساحة مواجهة، وخلخلت صمود الجبهة الداخلية، وأجبرت العدو على إخلاء مستوطنات الشمال.

وفي الخلاصة، ترى الدراسة أن حزب الله أثبت في هذه المعركة تفوقًا استخباريًا عملياتيًا مكّنه من تجاوز آثار الاختراقات الأمنية. فقد جمع بين المعلومة الدقيقة والتنفيذ الميداني الفعّال، وأدار الحرب بعقلية عصرية تدمج الذكاء البشري بالتقنية، مؤكدًا أنه يمتلك منظومة استعلام ميدانية قادرة على العمل المستقل والفعّال حتى في ظل التفوق الجوي الإسرائيلي.

وبحسب ما نقله الباحث، فإنّ تصريحات لرئيس العمليات في الموساد حاييم تومر أشارت إلى أن "حزب الله يمتلك استخبارات تكتيكية أفضل من إسرائيل"، وهو ما يلخّص مضمون الدراسة: أن "العين" الاستخبارية للمقاومة باتت قبضةً ضاربة في الميدان، تمزج بين المعلومة الدقيقة والنار الذكية لتعيد صياغة معادلة الردع شمال فلسطين المحتلة.

لتحميل الدراسة من هنا


الكاتب: إبراهيم شمس الدين




روزنامة المحور