الأربعاء 07 أيار , 2025 04:12

الهند وباكستان: ضربات متبادلة في سياق الصراع الأمريكي الصيني

جنديان هندي وباكستاني

لا يُمكن فصل اندلاع الصراع العسكري المباشر، التي بدأ في 06/05/2025، ما بين الهند وباكستان، عن التنافس والصراع الحادّ ما بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين. فعلى الرغم من أن الصراع ما بين هذين البلدين هو تاريخي، والذي يتركّز حول إقليم كشمير (بدأ النزاع حوله منذ سنة 1947)، إلا أن الصراع بينهما يتعلق أيضاً، بسياق التنافس والصراع الأمريكي الصيني، لما تشكله هاتان الدولتان من جزء كبير ومهم في منطقة أوراسيا، التي يصفها علماء الجيوبوليتيك بمنطقة قلب العالم.

وهذا ما عبّر عنه المفكر الروسي ألكسندر دوغين مؤخراً، حيث قال بأنه "في ظل تجدد التوتر بين الهند وباكستان، تعود المنطقة إلى واجهة الصراعات الجيوسياسية، ولكن هذه المرة في سياق دولي أكثر تعقيدًا". مضيفاً بأن "الولايات المتحدة الأمريكية، في إطار جهودها لاحتواء التوسع الصيني في آسيا، تدعم الهند بشكل واضح، لا سيما من خلال تحالفات استراتيجية مثل "الرباعية" (QUAD) يتكون هذا التحالف غير الرسمي من أربع دول: أمريكا، واليابان، والهند، وأستراليا". مشيراً إلى أن "هذه الشراكة المتنامية تُترجم إلى تعاون عسكري وتقني وسياسي متزايد". وإنه "على الطرف المقابل، تواصل الصين دعمها التقليدي لباكستان، ما يجعل من النزاع الثنائي بين الجارتين النوويتين ساحة لصراع أوسع بين واشنطن وبكين على النفوذ في آسيا".

تداعيات حادثة كشمير

وتعدّ حادثة كشمير التي حصلت في أواخر شهر نيسان / أبريل الماضي، هي شرارة المواجهات العسكرية المباشرة بالأمس. فقد سقط يومئذ 26 سائحا في الجانب الهندي من منطقة كشمير (المُتنازع عليها)، بعد أن أطلق عليهم النار عناصر تابعين لجماعات متطرفة لا صلة بهم بالحكومة الباكستانية. إلّا أن الهند، التي تشعر في هذه المرحلة بفائض من القوة (كونها على علاقة تحالف وثيقة بأمريكا وبالكيان المؤقت)، اتهمت باكستان وحملتها المسؤولية عن هذه الحادثة. وبدل أن تسعى إلى حلّ تداعيات الحادثة بالطرق الدبلوماسية، عمدت فوراً الى العديد من الإجراءات التصعيدية مثل قطع العلاقات وإغلاق السدود (التي تحكمها اتفاقية مياه السند)، وهو ما يُعتبر عملاً عدائياً ضد باكستان، كون الأخيرة تعتمد بنسبة 90% على المياه القادمة من الهند.

الجانب الجيوستراتيجي للصراع

أما على الجانب الجيوستراتيجي لأي صراع عسكري مباشر ما بين الدولتين، فإن هذا الأمر فيها فائدة كبيرة ومباشرة للولايات المتحدة الأمريكية بالدرجة الأولى، خاصةً بعد سلسلة الإخفاقات التي أصابت إدارة دونالد ترامب خلال 100 يوم، وأبرزها تداعيات حرب الرسوم الجمركية، والفشل في العديد من قضايا السياسة الخارجية.

فالصراع العسكري الهندي الباكستاني، سيؤدي بشكل مباشر الى قطع الطريق البحرية أمام انتشار الصين، وفي محطة أساسية من مسار "حزام وطريق" الصيني، الذي يشكل ميناء جوادار في باكستان عقدة وصل أساسية فيه.

ومن جهة أخرى، تشكّل باكستان (نظرياً)، تهديداً كبيراً للممر الهندي السعودي الأوروبي، الذي ترعاه الولايات المتحدة الأمريكية بمقابل مشروع حزام وطريق، والذي تشارك فيه الهند دول الخليج العربية والكيان المؤقت والاتحاد الأوربي.

هل يتحول الصراع ما بينهما الى صراع نووي؟

وفي سياق متصل، تدّق الأحداث الأخيرة ناقوس الخطر دولياً، من اندلاع اشتباك عسكري غير تقليدي بين الدولتين، كونهما يمتلكان أسلحة نووية منذ القرن الماضي (يمتلك كلا الطرفان أكثر من 170 رأس نووي). لكن إمكانية حصول هذا التطور الخطير، هي أمرٌ مستبعد بحسب الكثير من الخبراء، لأن هذا الأمر سيشكّل خطراً دولياً وانتحاراً لأي جهة ستبادر الى ذلك. وعليه سيبقى الردع النووي المتبادل قائماً بين البلدين، إلا إذا تطوّرت الأمور وباتت المواجهات تشكّل خطراً وجودياً على أحد الأطراف.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور