الثلاثاء 06 تموز , 2021 07:33

السعودية والإمارات: حرب غير معلنة

بن سلمان وبن زايد
الخلاف بدأ يتعمق بشكل سريع محدثا هوة قد يصعب إعادة ترميمها حيث بدأت خطوات الرد والرد المضاد بين الجانبين

لم تكن العلاقات السعودية-الإماراتية يوما علاقات "أخوية" قائمة على التفاهم والتنسيق الكامل، فمنذ قيام دولة الامارات وهي تتطلع إلى اليوم الذي يمكّنها من استعادة أراضيها الغنية بالنفط والتي سُلبت منها بمساومة والتفاف سعودي تطبيقًا لمبدأ "الأرض مقابل قيام الدولة" -اتفاقية جدة 1974- إضافة للكثير من الخلافات. إلا ان الدولتين اللتين نجحتا طيلة سنوات في إخفاء الصراع "كجمر الصبر تحت رماد المصلحة" لم يعد باستطاعتهما ستر التنافر بينهما، فقد وصلت الخلافات إلى القرارات الاستراتيجية وعلى أكثر من صعيد.

بدا واضحا في جلسة "أوبك" الأخيرة حجم الخلاف بين أبو ظبي والرياض والذي تسبّب بإلغاء  جلسة المنظمة التي كان من المقرر عقدها يوم الإثنين الفائت. حرب تصريحات مفتوحة نشبت بين الجانبين، حيث اعتبر وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي ان بلاده تطلب العدالة "ولا يمكن أن نقبل باستمرار الظلم والتضحية.. أكثر مما صبرنا وضحينا"، من جهته قال وزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان ان "المقترح السعودي الروسي بشأن تمديد اتفاق خفض الإنتاج حظي بقبول الجميع، ما عدا الامارات. وإذا كان هناك تحفظات لدى أي دولة فلماذا سكت عنها سابقا".

جولة "الكباش" هذه جاءت بعد تضارب المصالح بينهما في مواقف عدة: 

عام 2009 كانت أبو ظبي تطمح ان يكون المصرف المركزي لمشروع الاتحاد النقدي على أراضيها، لكن اختيار الرياض ان تكون مقرا لهذا المصرف، انسحبت الامارات من مجلس التعاون الخليجي في ضربة موجعة خاصة بعدما كانت أول من ترشح لهذا الأمر وتعتبر نفسها الأحق بذلك. لترد السعودية وفي العام نفسه برفض دخول الاماراتيين لأراضيها عبر بطاقة الهوية فقط بذريعة انها تظهر أراضي سعودية على انها جزء من الامارات. 

5 حزيران 2017 أعلنت السعودية والإمارات إضافة للبحرين ومصر قطع علاقتهم الدبلوماسية مع قطر، غير ان القرار الذي أتى بالتوافق بين الطرفين، سرعان ما تحول إلى نقطة خلاف إضافية بعدما ابدت السعودية نية التقارب والمصالحة مع قطر في خطوة سريعة اعتبرتها الامارات "مريبة"، خاصة في ظل مخاوف الأخيرة من الدور الفعال الذي قد تلعبه الدوحة على الساحة الإقليمية بين الرياض وطهران من جهة وبين أنقرة والرياض من جهة أخرى. 
مع بداية الحرب على اليمن اتخذت الامارات قرار الانخراط بالتحالف العربي الذي تقوده الرياض، لجهة تقاسم "الغنائم" والثروات من جهة، وإرضاء للإدارة الأميركية التي كان "يهندسها" دونالد ترامب، غير ان صراع النفوذ الذي ترجمه الانتقالي المدعوم اماراتيا والإصلاح المدعوم سعوديا كشف حجم الخلاف بين قيادات الصف الأول في كلا البلدين، حتى قررت أبو ظبي الانسحاب من الحرب وترك السعودية تراكم مزيدا من الخسائر، مع متابعة نشاطها في "احتلال" الجزر اليمنية سقطرى ومايون مما يكشف زيف ادعاءات الامارات بأن انسحابها "لأسباب تكتيكية واستراتيجية".
يضاف إلى ذلك طموح أبو ظبي في انتزاع المرتبة الأولى لحلفاء "إسرائيل" في المنطقة، بعد اتفاقية التطبيع التي وقعتها، ومباشرتها لتنفيذ المشاريع الاقتصادية والسياحية وتعزيز أواصر التعاون في خطوة تثير استفزاز الرياض التي تؤجل توقيع اتفاقية ابراهم مجبرة غير مخيرة. 
هذا وتجلس الامارات والسعودية على طاولة متقابلة في كثير من القضايا الأخرى كالملف الفلسطيني والتركي والسوري وغيره..
هذا الخلاف بدأ يتعمق بشكل سريع محدثا هوة قد يصعب إعادة ترميمها حيث بدأت خطوات الرد والرد المضاد بين الجانبين: 
فقد عدلت الرياض قواعد استيرادها من دول مجلس التعاون الخليجي، باستبعاد السلع المنتجة من المناطق الحرة في البلاد من الامتيازات الجمركية، بقرار يشمل أيضا ما تنتجه شركات بنسبة عمالة محلية تقل عن 25%، واي منتج صناعي تقل نسبة TVA فيه عن 40% بعد التصنيع. 
من جهتها قررت الامارات وقف رحلاتها الجوية إلى السعودية، القرار الذي بادلته الأخيرة بوقف رحلاتها أيضا بذريعة الإجراءات الصحية وفايروس كورونا.

 


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور