الأحد 11 نيسان , 2021 09:10

لمن الردع ما بين إيران وأمريكا؟

وصل التوتر بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية عام 2020، إلى مستوى خطير كاد أن يتطور إلى اشتباك عسكري مباشر بين البلدين، إشتباك لا تقتصر ارتداداته على البلدين فحسب، بل يشعل المنطقة بأسرها. فبعد أن قام ترامب باغتيال الشهيد القائد قاسم سليماني والحاج أبو مهدي المهندس، والذي تبعه رد إيراني أولي قوي عبر قصف قاعدتي عين الأسد وأربيل. بعدها تم تهدئة الأجواء بين البلدين، عبر مساع دبلوماسية عربية ودولية، بشكل يفيد بأن كلا الطرفين لا مصلحة لهما في مواجهة شاملة، فكل دولة منهما تمتلك أوراق قوة، تجعل بينهما توازن ردع دقيق، سيؤدي أي خلل فيه إلى اشتباك عسكري مباشر متدحرج.

عناصر الردع الإيرانية

أولى العناصر هي القوة البشرية الكبيرة التي تتألف منها القوات المسلحة، عبر وحداتها المختلفة من جيش وحرس وباسيج. فهي تتكون من 523 ألف فرد نظامي، بالإضافة إلى 350 ألف فرد احتياط، وبذلك تكون القوة العسكرية الإيرانية هي الأكبر عددياً في المنطقة.

كما أن هذه العناصر مجهزة بحوالي 1634 دبابة، وحوالي 2345 مركبة قتالية مصفحة و190 قاذفة صواريخ.

ما يعني أن إيران تمتلك ذراعاً برية، عديدها كاف ومجهز ومستعد، للقيام بكافة أنواع العمليات العسكرية من دفاع وهجوم.

بالإضافة إلى الجانب البري، فإن القوى البحرية الإيرانية تحتل المرتبة الرابعة عالمياً في حجم الأسطول التابع لها، وتتمركز هذه القوى في قواعد بحرية على طول الساحل الإيراني، في الخليج وبحر عمان والجزر. كما أن الجمهورية الإسلامية أعدّت أسطولها البحري وحدثت أسلحته باستمرار، ورفعت مستواه القتالي عبر سلسلة طويلة من المناورات البحرية.

ويبيّن موقع "global fire power" أن طهران تمتلك 34 غواصة حربية، و6 فرقاطات، و3 كاسحات ألغام، و3 طرادات، فضلاً عن سفن الدوريات يبلغ عددها 88 سفينة.

كما أن إيران بدأت عام 2007 الدخول على خط الإنتاج الحربي الخاص بالمعدات البحرية، فقد صنعت بارجة حربية أطلقت عليها اسم «موج»، ودشنت عام 2010 مدمرة حربية من صنع محلي، سمتها «جمران». وتوالت فيما بعد القطع البحرية محلية الصنع من ضمنها مدمرة «سهند».

ويشمل عتاد القوة البحرية أيضاً، آليات برمائية بأحجام مختلفة، وسرب بحري مكوّن من 19 طائرة و30 مروحية.

أما على صعيد المنظومات الدفاعية الساحلية، فإن إيران تمتلك مدناً تحت الأرض مجهزة بمنصات إطلاق صواريخ بحرية من كافة الأنواع والمديات، ما يمكنها من التعامل مع أي هدف بحري، دون التعرض لخطر الرصد والقصف الجوي.

وعلى الرغم من امتلاك إيران، قدرات بحرية عسكرية كلاسيكية، إلا أنها تعتمد أيضاً إمكانيات توافق أسلوب القتال غير المتماثل (حرب العصابات أو الحب الهجينة)، عبر زوارق سريعة مجهزة بصواريخ وألغام بحرية.

إضافة للقوتين البرية والبحرية، تمتلك الجمهورية الإسلامية الإيرانية، سلاحاً رادعاً وحاسماً، وهو الصواريخ الباليستية. هذه الصواريخ توفر لإيران القدرة على ضرب كافة القواعد الأمريكية الموجودة في المنطقة، وأبرز مثال على مدى تأثيرها، هو ضربة قاعدتي عين الأسد وأربيل في العراق، حيث يشير الخبراء إلى أن الصواريخ أصابت أهدافاً حساسة بدقة نقطوية، وبقدرة تدميرية عالية. كما أن منظومات الدفاع الجوي الموجودة في القاعدة لم تتمكن من إسقاط الصواريخ لسرعتها العالية التي تفوق سرعة الصوت مرات عدة.

وفي المناورات الصاروخية الأخيرة، برزت نوعية جديدة للأهداف المستهدفة، حيث استطاعت إيران تدمير أهداف في شمال المحيط الهندي على بعد 1800 كيلومتر منها. وقد ذكرت شبكة "فوكس نيوز" خبر سقوط صاروخين باليستيين على بعد 180 كيلومتر من موقع حاملة الطائرات الأمريكية "نيميتز".

أما أحدث العناصر الردعية الإيرانية، فهي الطائرات بدون طيار محلية الصنع، فطهران تمتلك عدة أنواع مطورّة من هذه الطائرات: استطلاعية، مسلحة، مراقبة وهجوم، إنتحارية. ويعمل تقنييها باستمرار على زيادة المدايات، حتى بات لديها طائرة تصل الى مسافة 4000 كلم.

وزودت إيران الطائرات بمنظومات إلكترونية وذكاء اصطناعي، لمواجهة التشويش الإلكتروني واختراق أنظمة الدفاع الجوي المختلفة. وقد شهدت المناورات الأخيرة، استخدام الطائرات بتكتيك يدعم دقة إصابة الصواريخ الباليستية لأهدافها.

عناصر الردع الأمريكية

إن من أهم عناصر الردع الأمريكية، هي الوجود العسكري الكبير لها في المنطقة. حيث أنها تتواجد في العشرات من القواعد، والتي يشغلها ما لا يقل عن 60 ألف جندي، متوزعين على وحدات قتالية برية وبحرية وجوية، بالإضافة إلى أفواج تدخل سريع.

وكل المناطق والبلدان التي تنتشر بها، هي قريبة من إيران، فهي تتواجد في:

_ أفغانستان: 8 قواعد.

_ العراق: تسيطر على أكثر من 106 موقع استراتيجي.

_ سوريا: 5 قواعد، منها قاعدة التنف العسكرية التي تقع على الحدود العراقية السورية الأردنية، والتي تعد القاعدة الأمريكية الأكبر في سوريا.

_ تركيا: 26 قاعدة عسكرية بالإضافة الى مراكز الرصد والإنذار المبكر، مراكز الاتصالات اللاسلكية، وقواعد التجسس وجمع المعلومات.

_ قطر: فيها المقر الميداني للقيادة العسكرية المركزية للمنطقة الوسطى، وفيها قاعدة العديد الجوية.

_ البحرين: فيها قواعد دائمة لتخزين العتاد الأمريكي، وفيها المقر العام للقوات البحرية التابعة للقيادة المركزية الأمريكية للمنطقة الوسطى في قاعدة الجفير. أما قاعدة الشيخ عيسى الجوية، فهي الحقل الجوي الأمريكي الرئيسي في شبه الجزيرة العربية.

_ السعودية: 13 مرفق خاص، بالإضافة إلى استخدام 66 مرفقًا تابعًا للقوات المسلحة السعودية.

_ سلطنة عمان: 5 قواعد مع استخدام 24 مرفق عسكري عماني.

_ الكويت: معسكر الدوحة الذي تتمركز فيه قوات مشاة، وقوات تابعة لسلاح الجو مع أكثر من ثمانين مقاتلة، بالإضافة إلى بعض وحدات الانتشار السريع.

_ الإمارات: قاعدتان عسكريتان: الظفرة وجبل علي.

_ الأردن: قاعدتان عسكريتان جويتان، بالإضافة الى وجود قوة بحرية في ميناء العقبة.

_ فلسطين المحتلة: قاعدة الأسطول السادس الأمريكي بالقرب من ميناء حيفا، بالإضافة لمحطة رادارات ديمونة، وقاعدة ماشابيم الجوية.

أما ثاني عناصر الردع الأمريكية، فهي حاملات الطائرات، التي تتمتع بميزات قتال عديدة، كما أنها تعمل بالطاقة النووية. لذا فهي تركز على المهام الشاملة مثل الوجود الأمامي، وعرض القوة.

 فيما يلي خلاصة وافية لأهم القدرات التي تجعل من حاملات الطائرات لا غنى عنها أمريكياً لردع الحروب:

_ هي قاعدة جوية إحتياطية في البحر بدلاً عن القواعد الموجودة في البر والمعرضة للقصف.

_ يمكنها البقاء في منطقة واحدة أشهر عدة، دون التزود بالوقود والحاجات الحيوية.

_ يمكن من خلالها تنفيذ 270 طلعة جوية يومياً، لسرب طائراتها المكون من 14 طائرة.

_ إمكانية الدعم الجوي للقوات البرية، أفضل من دعم طائرات القواعد الثابتة.

_ تحتوي على العديد من أجهزة الرصد والاستشعار وحرب الكترونية، متعددة طبقات الحماية. كما أنها تحمل طائرتي رادار للتهديدات القصيرة المدى.

_ تحمل طائرة EA-18G Growler المخصصة للتشويش على أنظمة رادارات العدو.

_ الاستجابة السريعة للتدخل والدعم الجوي، حيث تستطيع التنقل ما يزيد عن 1000 كم باليوم.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور