الخميس 10 آذار , 2022 02:43

المتغطي بأمريكا عريان.. زيلينسكي نموذج آخر

فولوديمير زيلينسكي

" اللي بجرب المجرب عقله مخرب" مثل لبناني شهير طبّق على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي لم يأخد درساً من حالة اليأس التي تعرّضت لها أفغانستان الصديقة لأميركا جراء التخلّي الأخيرة عنها، لا بل صدّق وعودها الكاذبة بالوقوف بجانبه في قضية الأزمة الأوكرانية مع روسيا.  فكيف تخلّت اميركا عن اوكرانيا؟

باتت فكرة التخّلي الأمريكي سياسة من سياسات الولايات الأمريكية المتحدة للتعامل مع حلفائها أثناء الأزمات بعد استكمالها لتطبيق سياستين أساسيتين:  الدفع نحو الأزمة والإغراق بالوعود. واليوم، تطبّق هذه السياسة مع اوكرانيا ورئيسها الصديق لأمريكا فلاديمير زيلينسكي حيث دفعته لاستفزاز روسيا واشعال النزاع، وفي الوقت عينه، أغرق بايدن صديقه بالوعود الكاذبة بالوقوف الى جانبه، وتقديم مساعدات دولية، وفرض عقوبات قاسية على روسيا، وقيام بـ"ردّ فعل سريع وقاس" على روسيا إذا أقدمت على أي عملية عسكرية.

بحسب تقديرات الباحث السياسي البريطاني، شون أوغرايدي، يرى أنه على الرغم من قوة الغرب الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية، والتي تفوق قدرات روسيا بما لا يحتمل المقارنة.. ورغم أن الغرب كان قادرًا على إنقاذ أوكرانيا.. إلا أنه اختار ألا يفعل.

الوعود الأمريكية مقارنة بالإجراءات الفعلية

التدخل العسكري المباشر

كان الموقف الأوروبي الأمريكي في البداية، داعمًا لأوكرانيا ومساندًا لها في مواجهة احتمالات التصعيد الروسي، إلا أنه وبعد بدء العملية أكد كل من واشنطن وحلف الناتو على عدم نيتهما التدخل عسكريًّا في الصراع الدائر، وهي خطوة لاقت خذلاناً كبيراً في الجانب الأوكراني، حيث اعتبره زيلينسكي تخلياً أوروبياً أمريكياً عن كييف. وأكد رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، أن «هذا ليس نزاعاً مع الناتو، ولن يصبح كذلك، لم يرسل أيّ حليف قوات قتالية إلى أوكرانيا، وليس لدينا عداء مع الشعب الروسي، ولا نرغب في طعن أمة عظيمة وقوة عالمية". وعلى الرغم من التأكيدات الأوروبية الأمريكية للحليف الأوكراني بالمساندة والدعم، إلا أنه فور حدوث العملية العسكرية الروسية، شددت الإدارة الأمريكية على أنها "لن ترسل قوات أمريكية للقتال في أوكرانيا"، فيما اكتفى رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، في اتصال هاتفي مع الرئيس الأوكراني بالإعراب "عن أمله بأن تتمكن أوكرانيا من الصمود"، بحسب البيان الرسمي لمكتب "جونسون" عن تفاصيل المكالمة.

التلويح بالعقوبات المدمرّة

هددت الولايات المتحدة الأمريكية واوروبا بفرض عقوبات قاسية جدًّا على روسيا إذا أقدمت على أي خيار عسكري ضد اوكرانيا، بينما في الواقع، العقوبات التي تم فرضها لم تكن قاسية. حيث صرّح وزير الخارجية الروسي الأسبق أندريه كوزيريف في مقابلة مع شبكة CNN الخميس 2-3-2022 بأن العقوبات التي تستهدف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف "تشبه عدم القيام بأي شيء تقريبًا". كما أكد وزير الخارجية الروسي الحال، سيرغي لافروف بأن "لدى روسيا الكثير من الأصدقاء، ولا يمكن عزلها". وقال "كنا مستعدين لهذه العقوبات". وبحسب الباحث السياسي البريطاني، شون أوغرايدي فإن العقوبات التي فرضت على روسيا " ضعيفة إلى حد يستدعي السخرية بأفضل الأحوال".

تقديم الدعم العسكري

زوّدت الولايات المتحدة الأمريكية اوكرانيا بحفنة من الطائرات الحربية القديمة من طراز «ميغ - 29» تعود للحقبة السوفيتيية، بعد الاتفاق مع بولندا لتزويد كييف بهم، "بما أن الطيارين الأوكرانيين مدرّبون عليها"، وذلك بحسب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن. وكان حلف الناتو قد امتنع عن تقديم مساعدات عسكرية ثقيلة يمكن ان تؤدي الى توازن في الردع ضد روسيا. وبحسب أوغرايدي "لو أراد الغرب إنقاذ أوكرانيا، أي لو رغب بذلك فعلاً، لأمكنه إنقاذها عن طريق استخدام مزيج من الردع العسكري والاستعراض الصارم للقوة غير العسكرية. لكننا لم نفعل ذلك".

التهديد بعزل روسيا

في الوقت التي تناشد اوكرانيا حلفاءها الغرب لمساعدتها في هذه الأزمة، يرغب الاتحاد الأوروبي في تبادل النفط والغاز مع الكرملين. وفقاً لمركز Bruegel للأبحاث، لا يزال الاتحاد الأوروبي يدفع ما يصل إلى 660 مليون يورو (حوالي 722 مليون دولار) يومياً لروسيا، أي حوالي ثلاثة أضعاف المستوى الذي كان قائماً قبل العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا. يعتقد الخبير في «معهد الطاقة والتمويل»، سيرغي كونغراتييف، أنه وفقاً للظروف القائمة، «من المستحيل وقف استيراد الغاز الروسي من قِبَل الاتحاد الأوروبي»، مشيراً إلى أنه «ليس ثمّة بدائل جدّية في العالم، بالنظر إلى أن الدول القادرة على تعويض غياب روسيا في الساحة الدولية، أي إيران وفنزويلا، لا يمكنها لعب دور فعّال على المدى المنظور».

إذًا، نستطيع القول إن المعسكر الأمريكي – الغربي يعاني من العجز والإفلاس الأخلاقي والمادي والعسكري في تعامله مع الأزمة الأوكرانية الذي كان مسؤولًا عن حدوثها، ومن الواضح أن هذا المعسكر دفع اوكرانيا للتورط مع روسيا من أجل الضغط على اقتصاد روسيا وتحجيمه بما يتناسب مع المصالح الامريكية بغض النظر عنما تعيشه اوكرانيا وعن مصير هذه الأزمة وشعبها.

 بات مصير الوضع في اوكرانيا واضحًا مع التخاذل الأمريكي مع حليفهم، ولكن ماذا عن مصير الدول الخليجية التي تدفع المليارات الدولارات لشراء الاسلحة الأمريكية؟ هل لا زالت تثق بالوعود الأمريكية؟ بعد الخذلان الذي تعرضت له افغانستان واوكرانيا يجب على الدول العربية إعادة النظر بحليفهما الامريكي – الإسرائيلي. ومن الجيد استذكار عبارة الرئيس المصري السابق الصديق لأمريكا حسني مبارك عام 2005 حينما قال "المتغطي بأميركا عريان".

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة رأي الموقع


الكاتب: ضحى حمادي




روزنامة المحور