الخميس 25 آب , 2022 04:42

مطبخ العقوبات الأميركية

وزارة الخزانة الأميركية

عادة ما نسمع عن قيام الولايات المتحدة بفرض عقوبات اقتصادية وتجارية ضد الدول والكيانات المختلفة التي تعتبرها إرهابية أو ما تعتبرها دول خصوم تزعزع استقرار العالم. تاريخ الولايات المتحدة مع العقوبات طويل والعقوبات الأمريكية مع روسيا ليست الأخيرة ولن تكون كذلك، لقد فرضت الولايات المتحدة عقوبات ضد كوبا وفنزويلا وسوريا ولبنان وإيران وحزب الله وأفغانستان. تعتمد السياسة الخارجية بشكل متزايد على العقوبات الاقتصادية كأداة، في مراجعة حديثة للعقوبات التي تديرها، وقد وصفت وزارة الخزانة الأمريكية العقوبات بأنها "أداة سياسية أساسية وفعالة"، لكنها قالت إنها أكثر فاعلية عندما يكون هناك تنسيق متعدد الأطراف.

أهمية طرح هذا الموضوع تكمن في مستويين اساسيين: المستوى الاول يتعلق بموضوع العقوبات كمصطلح والذي تم ربطه بمصطلح اخر، أكثر دقة وتوجه وهو مصطلح "الاجراءات الاقتصادية العدوانية".  هذا المفهوم هو تسمية مفيدة في مواجهة الفعل العدواني الأمريكي (المتمثل في تسليط العقوبات بشكل احادي الجانب على دول وجهات وكيانات دولية تعتبرها الولايات المتحدة الامريكية معادية لسياساتها وقد تشكل تهديدا على مصالحها الإقليمية والدولية وخياراتها الاستراتيجية)، وهو أيضا مصطلح مهم واساسي لكسر مشروعية هذا الفعل العدواني . أما المستوى الثاني، عمليا تعد الولايات المتحدة الامريكية أغنى سوق تجارية في العالم، وتتمتع بأكبر البورصات العالمية وسيولة كبيرة مقارنة ببقية الدول، وتسعى كافة البنوك والمؤسسات المالية والتجارية والمستثمرين للتعامل معها. هذا السبب الذي يجعل اصدقاءها الأوروبيين يستثمرون لديها، لكن فيما يسمى بالدول النامية، فالإدارة الأمريكية تجبر هذه الدول على وضع أصولها واحتياطاتها لديها لكي تبقيها تحت رحمتها في حال تمردت على السياسات الامريكية، وتنهيها في حال الانهيار وهناك نماذج كثيرة. لهذا عندما تصدر الإدارة الامريكية الإجراءات الاقتصادية العدوانية، تلجأ المؤسسات المالية والتجارية إلى تنفيذها، خشية من المحاسبة والعقاب. تشكل الإجراءات الاقتصادية العدوانية جزءًا مهمًا من نهج الولايات المتحدة في السياسة الخارجية، وتُستخدم لتحقيق أهدافها السياسية وتثبيت هيمنتها على الأنظمة المالية في كل دول العالم. أٍنّ منظومة الإجراءات الاقتصادية العدوانية الامريكية، منظومة معقدة وتتغير باستمرار استجابةً لمصالح الأمن الداخلي والتطورات الجيوسياسية، إذ يتم إدراج اجراءات جديدة وسحب أخرى. كما أنّ المؤسسات التي لا تمتثل لهذه الاجراءات تواجه عقوبات صارمة. من هنا، يأتي التساؤل حول انواع هذه الإجراءات الاقتصادية العدوانية وتصنيفاتها وأهدافها ومدى فعاليتها والجهات المخولة لإصدارها إضافة الى الجهات المستهدفة بهذه الاجراءات؟ للإجابة على هذه الإشكاليات، تطرح هذه الدراسة جملة من العناوين التي تتعلق بالوكالات والأجهزة الامريكية المخولة لفرض ومراقبة تنفيذ الإجراءات الاقتصادية العدوانية (أولاً)، ثمّ أنواع الإجراءات الاقتصادية العدوانية (ثانيًا)، إضافة الى اتجاهات الإجراءات الاقتصادية العدوانية والجهات المستهدفة(ثالثا).

أولًا: الوكالات والاجهزة المخولة لفرض ومراقبة تنفيذ الإجراءات الاقتصادية العدوانية

بداية، لابدّ من التأكيد على دور وزارة الخزانة الأمريكية (1) المهندس الأساسي لمنظومة الإجراءات الاقتصادية العدوانية، والاستراتيجيات المرتبطة بها. إضافة الى الوكالات الأساسية المرتبطة بالوزارة بشكل مباشر، وعلى رأسها مكتب الأصول الأجنبية (OFAC) (2)، وحدة المعلومات المالية الامريكية (FIN-CEN) (3)، وبنك التسويات الدولية (BIS)(4). الى جانب الوكالات التنفيذية المذكورة، تتداخل أيضا بعض الوزارات في الحكومة الأمريكية للقيام بنفس المهام المتعلقة بمراقبة سير تنفيذ الإجراءات العدوانية على الدول والافراد والكيانات.

1-وزارة الخزانة الامريكية: وزارة حرب:

تتمتع وزارة الخزانة بصلاحيات واسعة ومهمة، حيث تلعب دور أساسي في هندسة الحرب المالية (العقوبات) ووضع الاستراتيجيات المناسبة لكيفية استخدامها وتوظيفها لتحقيق الأهداف المطلوبة. بحسب "خوان سي زاراتي  "هذه الاستراتيجيات المالية لا غنى عنها لاستهداف وعزل الأنظمة في كوريا الشمالية وسوريا وإيران وغيرها من الجهات التي هددت الأمن القومي للولايات المتحدة وانخرطت في السلوك المعادي للسياسات الامريكية. لقد أعدنا تعريف الطريقة التي تنخرط بها حكومة الولايات المتحدة في الحرب المالية، وأعدنا في هذه العملية بشكل أساسي تشكيل دور وزارة الخزانة الأمريكية نفسها. لقد نجحنا في صياغة واستخدام هذه الاستراتيجيات خلال إدارة الرئيس جورج دبليو بوش، ومنذ تغيير الإدارات، واصل الرئيس باراك أوباما وفريقه الاعتماد بشكل كبير على هذا النوع من الحرب المالية. لا يزال العالم يواجه تحديات من الدول والشبكات والجهات الفاعلة المعادية للسياسات الامريكية، ولكن يوجد الآن نظام دولي متطور لاستخدام المعلومات المالية والسلطة والإقناع لعزل المحتالين من النظام المالي المشروع. على الرغم من أن هذا النوع من الحرب وحده لا يمكن أن يحل القضايا ذات الاهتمام الأعمق بالأمن القومي، فإن هذا النموذج القائم على القطاع الخاص يمنح الولايات المتحدة وحلفائها الأدوات والنفوذ الذي يحتاجون إليه للتأثير على الجهات الفاعلة المارقة ومصالحهم."

نظّم خوان سي زاراتي في كتابه، مسار الهجمات -ضد من يطلق عليهم "أعداء أمريكا "-المستمدة من الاليات القادرة على الحرب المالية التي طورتها الولايات المتحدة منذ سنوات. ومن خلال هذا الكتاب، تم تعريف هذه الحرب من خلال استخدام الأدوات المالية والضغط وقوى السوق للاستفادة من القطاع المصرفي ومصالح القطاع الخاص والشركاء الأجانب من أجل عزل الجهات المصنّفة بالدول "المارقة" عن الأنظمة المالية والتجارية الدولية والقضاء على مصادر تمويلها. وفقا للكاتب، بدأت هذه الحقبة الجديدة من الحرب المالية بعد 11 سبتمبر2001، حيث طورت حكومة الولايات المتحدة هذه التقنيات لاستخدامها ضد من تصنفهم وفقا لسياساتها بالإرهابيين أو الأنظمة المارقة والجهات المالية غير المشروعة. هذه القدرات - التي تقع بين الدبلوماسية الشرسة والحرب المتنقلة - ستصبح بشكل متزايد أدوات الأمن القومي المفضلة امريكيا، ومن قضايا الأمن الدولي الصعبة التي تواجه الولايات المتحدة، لأنها أدوات لا تخضع لتوافق دولي، فقد ترفض بعض القوى الدولية الحليفة لأمريكا في تفاصيل كثيرة اللجوء الى العقوبات كحل لتحقيق الأهداف وفقا لمصالحها التي قد لا تتوافق مع المصالح الامريكية في عناوين كثيرة. المحرك الأساسي لمخطط البناء والتصميم والتنظيم والتنفيذ للإجراءات الاقتصادية العدوانية داخل وزارة الخزانة هو بالتأكيد مكتب مراقبة الأصول الأجنبية الذي يعتبر أداة التنفيذ الأولى داخل الوزارة.

2-مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC)

التعريف: هو وكالة الاستخبارات المالية وتنفيذ القانون في وزارة الخزانة الامريكية. يدير ويفرض عقوبات اقتصادية وتجارية لدعم الولايات المتحدة لأجل ما يعتبر حماية للأمن القومي والسياسة الخارجية. وهو أيضا خليفة مكتب مراقبة الأموال الأجنبية ("FFC")، الذي تم إنشاؤه في بداية الحرب العالمية الثانية بعد الغزو الألماني للنرويج في عام 1940. يديربرنامج FFC وزير الخزانة الامريكية. كان الهدف الأولي لقوات الحرية والتغيير هو منع استخدام النازيين لممتلكات الدول المحتلة من النقد الأجنبي والأوراق المالية ومنع إعادة الأموال المملوكة لمواطني تلك الدول قسريًا، وتم توسيع هذه الضوابط لاحقًا لحماية أصول الدول التي تعرضت للغزو. بعد أن دخلت الولايات المتحدة رسميًا الحرب العالمية الثانية، لعبت قوى الحرية والتغيير دورًا رائدًا في الحرب الاقتصادية ضد قوى المحور من خلال منع أصول العدو وحظر التجارة الخارجية والمعاملات المالية.

تم إنشاء مكتب مراقبة الأصول الأجنبية نفسه رسميًا في ديسمبر 1950، بعد دخول الصين في الحرب الكورية، عندما أعلن الرئيس ترومان حالة طوارئ وطنية وحظر جميع الأصول الصينية والكورية الشمالية الخاضعة للولاية القضائية الأمريكية.

المهام: مكتب مراقبة الأصول الأجنبية مسؤول عن إدارة وإنفاذ العقوبات الاقتصادية والتجارية الأمريكية التي يتم اتخاذها لتحقيق أهداف سياسية ودبلوماسية أو ردًا على الجرائم أو انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها الأفراد أو الحكومات.

-يدير مكتب مراقبة الأصول الأجنبية ويفرض برامج الإجراءات الاقتصادية العدوانية في المقام الأول ضد البلدان والأفراد، مثل الإرهابيين ومهربي المخدرات.

-يمكن أن تكون الإجراءات الاقتصادية العدوانية شاملة أو انتقائية، باستخدام حظر الأصول والقيود التجارية لتحقيق أهداف السياسة الخارجية والأمن القومي.

-ينشر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية قوائم بأسماء الأفراد والشركات التي تملكها أو تسيطر عليها أو تعمل لصالح أو نيابة عن البلدان المستهدفة. كما يسرد الأفراد والجماعات والكيانات، مثل الإرهابيين ومهربي المخدرات المصنفين في إطار برامج غير خاصة ببلد معين.

3-وحدة المعلومات المالية الامريكية (FIN-CEN)

التعريف: هو مكتب تابع لوزارة الخزانة الأمريكية، كما يتم تعيين مدير FinCEN من قبل وزير الخزانة، وهو مسؤول أمام وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية.

-فوض وزير الخزانة إلى مدير FinCEN سلطة تنفيذ وإدارة وفرض الامتثال لقانون مراقبة الأعمال واللوائح المرتبطة به.

-أعطى الكونجرس FinCEN واجبات ومسؤوليات معينة للتجميع المركزي وتحليل ونشر البيانات التي يتم الإبلاغ عنها بموجب لوائح وحدة المعلومات المالية وغيرها من البيانات ذات الصلة لدعم الحكومة وشركاء الصناعة المالية على المستويات الفيدرالية والمحلية والدولية.

المهام: تتمثل مهمة FinCEN في:

-حماية النظام المالي من الاستخدام غير المشروع ومكافحة غسيل الأموال وتعزيز الأمن القومي من خلال جمع وتحليل ونشر المعلومات الاستخبارية المالية والاستخدام الاستراتيجي للسلطات المالية.

-تلقي بيانات المعاملات المالية وحفظها وأرشفتها.

- تحليل ونشر تلك البيانات لأغراض إنفاذ القانون.

-بناء تعاون عالمي مع الوحدات المماثلة في البلدان الأخرى ومع الهيئات الدولية.

تمارس FinCEN وظائف تنظيمية في المقام الأول بموجب قانون الإبلاغ عن المعاملات المالية والعملة لعام 1970، بصيغته المعدلة بموجب الباب الثالث من قانون باتريوت الأمريكي لعام 2001 والتشريعات الأخرى، والتي يشار إليها عادةً باسم "قانون السرية المصرفية" (BSA). كذلك في قانون مكافحة غسيل الأموال (BSA)، وهو القانون الفيدرالي الأول والأكثر شمولاً في البلاد لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب (AML / CFT). يفوض مجلس إدارة الخزانة وزير الخزانة بإصدار لوائح تتطلب من البنوك والمؤسسات المالية الأخرى اتخاذ عدد من الاحتياطات ضد الجرائم المالية، بما في ذلك إنشاء برامج مكافحة غسيل الأموال وتقديم التقارير المستفادة من التحقيقات والإجراءات الجنائية والضريبية والتنظيمية، وبعض مسائل الاستخبارات ومكافحة الإرهاب. للوفاء بمسؤولياتها تجاه الكشف عن الجرائم المالية وردعها، قامت شبكة FinCEN بما يلي:

-متابعة القضايا وتفسير اللوائح التي أذن بها القانون.

-فرض الامتثال لتلك اللوائح.

-تنسيق وتحليل البيانات المتعلقة بوظائف فحص الامتثال المفوضة إلى المنظمين الفيدراليين الآخرين.

-إدارة جمع ومعالجة وتخزين ونشر وحماية البيانات المودعة بموجب متطلبات الإبلاغ لوحدة المعلومات المالية الامريكية.

-تسهيل خدمة وصول الحكومة لبيانات وحدة المعلومات المالية، وشبكات المستخدمين ذوي الاهتمامات المتداخلة.

-دعم التحقيقات والملاحقات القضائية لإنفاذ القانون.

-تجميع البيانات الداخلية والخارجية المتصلة بالموارد في المجالات التي تنطوي على أكبر مخاطر الجرائم المالية.

-تبادل المعلومات والتنسيق مع نظرائهم في وحدة الاستخبارات المالية الأجنبية (FIU) بشأن جهود مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.

-إجراء تحليلات لدعم صانعي السياسات في وكالات إنفاذ القانون والتنظيم، والاستخبارات، ووحدات الاستخبارات المالية والصناعة المالية.

تعمل وحدة المعلومات المالية كوحدة استخبارات مالية للولايات المتحدة وهي واحدة من أكثر من 100 وحدة استخبارات مالية تشكل مجموعة Egmont، وهي كيان دولي يركز على تبادل المعلومات والتعاون بين وحدات الاستخبارات المالية. وحدة الاستخبارات المالية هي وكالة وطنية مركزية مسؤولة عن تلقي، وتحليل ونشر تصريحات السلطات المختصة في المعلومات المالية بشأن عائدات الجريمة المشتبه بها والتمويل المحتمل للإرهاب أو التي تتطلبها التشريعات أو اللوائح الوطنية من أجل مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. باعتبارها واحدة من وحدات الاستخبارات المالية الرائدة في العالم، تتبادل FinCEN المعلومات المالية مع نظيراتها من وحدات الاستخبارات المالية في جميع أنحاء العالم لدعم التحقيقات في الجرائم المالية الأمريكية والأجنبية.

المفهوم الأساسي الذي تقوم عليه الأنشطة الأساسية لـ FinCEN هو "تتبع الأموال". الدافع الأساسي للمجرمين هو المكاسب المالية، وهم يتركون آثارًا مالية أثناء محاولتهم غسيل عائدات الجرائم أو محاولتهم إنفاق أرباحهم غير المشروعة. تتعاون FinCEN مع أجهزة إنفاذ القانون على جميع مستويات الحكومة وتدعم السياسة الخارجية للدولة وأهداف الأمن القومي.

تستخدم وكالات إنفاذ القانون تقنيات مماثلة، بما في ذلك البحث عن المعلومات التي جمعتها FinCEN من الصناعة المالية، للتحقيق مع مجموعة واسعة من المجرمين ومحاسبتهم، بما في ذلك مرتكبي الاحتيال والمتهربين من الضرائب وتجار المخدرات. في الآونة الأخيرة، تم أيضًا تطبيق الأساليب المستخدمة لمتابعة مسارات الأموال للتحقيق في مصادر الجماعات الإرهابية وتعطيلها، والتي غالبًا ما تعتمد على الشبكات المالية وغيرها من شبكات الدعم.

4- بنك التسويات الدولية (BIS)

التعريف: نشأ بنك التسويات الدولية في 1930 وقبل أن يباشر أعماله في العام 1931 اعتبر Manley.O. Hudson وهو أحد أبرز اعلام القانون الدولي العام في الولايات المتحدة الامريكية واخر قضاتها في المحكمة الدائمة للعدل الدولي، " انّ انشاء البنك يمثل نقطة انطلاق مهمة في الحياة الدولية".

جاء انشاء هذا البنك لتحديد الملامح الأساسية للتنظيم النقدي والمالي الدولي. في الوقت الذي لم ينظر فيه كثيرون الى البنك أكثر من كونه أداة مالية لا يتعدى دورها حدود قضية التعويضات العالقة التي أقرّتها اتفاقيات السلام في فرساي، والتي كانت قد تشكلت من اجل إيجاد الحلول لها عدة لجان دولية لكن من دون جدوى توقع هودسن "أن يمتلك البنك مع مرور الزمن صلاحيات واسعة تؤهله في مرحلة معينة للعب دور كبير ان لم يكن الدور المسيطر في الحياة المالية الدولية". لقد تحوّل البنك منذ الربع الأخير للقرن الماضي ليكون أحد اللاعبين الأساسيين في بناء الهيكل التنظيمي للنظام المالي الدولي المعاصر وتوجيه هيئاته.

المهام: يعمل مكتب الصناعة والأمن (BIS) على تعزيز الأمن القومي للولايات المتحدة والسياسة الخارجية والأهداف الاقتصادية من خلال ضمان نظام فعال للرقابة على الصادرات والامتثال للمعاهدة، ومن خلال تعزيز القيادة الأمريكية المستمرة في التقنيات الاستراتيجية.  كما ينجز بنك التسويات الدولية مهمته من خلال تعزيز ضوابط التصدير القابلة للتكيف، وأنظمة الامتثال للمعاهدات، إلى جانب القيادة النشطة والمشاركة في أنظمة مراقبة الصادرات الدولية.

الى جانب الوكالات التنفيذية المذكورة تتداخل أيضا بعض الوزارات في الحكومة الأمريكية للقيام بنفس المهام المتعلقة بمراقبة سير تنفيذ العقوبات على الدول والافراد والكيانات:

5- وكالة مراقبة التجارة الدفاعية (DDT)

التعريف: يؤدي ضمان الصادرات التجارية للمواد والخدمات الدفاعية  إلى تعزيز أهداف الأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة. وزارة الخارجية هي المسؤولة عن التصدير والاستيراد المؤقت للمواد والخدمات الدفاعية التي يحكمها القانون22 U.SC. 2778 المتعلق بمراقبة تصدير الأسلحة (AECA) والأمر التنفيذي 13637.

المهام: تقوم وكالة ضبط التجارة الدفاعية (DDTC) في مكتب الشؤون السياسية والعسكرية في وزارة الخارجية الأمريكية بتنفيذ لوائح الاتجار الدولي بالأسلحة (ITAR) بما في ذلك قائمة الذخائر الأمريكية (USML).

6- لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة (CFIUS)

التعريف: هي لجنة مشتركة بين الوكالات مخولة لمراجعة بعض المعاملات التي تنطوي على استثمار أجنبي في الولايات المتحدة وبعض المعاملات العقارية من قبل أشخاص أجانب، من أجل تحديد تأثير هذه المعاملات على الأمن القومي للولايات المتحدة.

المهام: تم توفير سلطة الرئيس لتعليق أو حظر معاملات معينة في البداية من خلال إضافة القسم 721 إلى قانون الإنتاج الدفاعي لعام 1950 من خلال تعديل عام 1988 المعروف باسم تعديل Exon-Florio. تمت مراجعة القسم 721 بشكل كبير من خلال قانون الاستثمار الأجنبي والأمن القومي لعام 2007 (FINSA)، والذي أصبح ساريًا في 24 أكتوبر 2007، وقانون تحديث مراجعة مخاطر الاستثمار الأجنبي لعام 2018 (FIRRMA)، والذي أصبح ساريًا في 13 أغسطس 2018.  القسم 721 من قانون الإنتاج الدفاعي لعام 1950، بصيغته المعدلة، المقنن. تعمل اللجنة وفقًا للقسم 721 من قانون الإنتاج الدفاعي لعام 1950، بصيغته المعدلة، وكما تم تنفيذه بموجب الأمر التنفيذي 11858، بصيغته المعدلة، واللوائح الواردة في الفصل الثامن من العنوان 31 من قانون اللوائح الفيدرالية. وزير الخزانة هو رئيس CFIUS، ويتم استلام الإشعارات في CFIUS ومعالجتها وتنسيقها على مستوى الموظفين من قبل رئيس موظفي CFIUS، وهو مدير مكتب مراجعة التحقيقات حول الاستثمار في إدارة الخزينة. يشمل أعضاء CFIUS رؤساء الإدارات والمكاتب التالية:

قسم الخزينة (رئيس): والذي يتألف من وزارة العدل، وزارة الأمن الداخلي، وزارة التجارة، وزارة الدفاع، إدارة مقاطعة، قسم الطاقة، مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة، ومكتب سياسة العلوم والتكنولوجيا.

مكاتب البيت الأبيض التالية التي تقوم بالمراقبة والمتابعة أيضًا، وعند الاقتضاء، تشارك في أنشطة CFIUS:

-مكتب الإدارة والميزانية

-مجلس المستشارين الاقتصاديين

-مجلس الأمن الوطني

-المجلس الاقتصادي الوطني

-مجلس الأمن الداخلي

ملاحظة: مدير المخابرات الوطنية ووزير العمل غير مصوتين، بحكم منصبهما، هم فقط أعضاء في CFIUS مع أدوار يحددها القانون واللائحة.

7-هيئة الجمارك وحماية الحدود بالولايات المتحدة (CBP)

تعريف: هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية هي وكالة تابعة لوزارة الأمن الداخلي الأمريكية، تأسست في 1 مارس 2003. يقع مقرها الحالي في مبنى رونالد ريغان في مدينة واشنطن العاصمة.

المهام: تتمثل المهمة الأساسية لهذه الوكالة في منع التسلل الإرهابي إلى أراضي الولايات المتحدة وإدخال الأسلحة. هي أيضا لديها دور في مكافحة الهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتحدة. كما تعمل على التصدي الى إدخال المخدرات والممنوعات والمنتجات غير المصرح بها في الإقليم، مثل المنتجات الزراعية من البيئات الاستوائية التي تخضع للمراقبة الدقيقة لمنع انتشار التلوث. وهي تقوم أيضا بحماية الملكية الفكرية.

8-وزارة التجارة بالولايات المتحدة (أنظمة إدارة الصادرات، EAR))

التعريف: ما يهم في هذا العنوان هو اللوائح التي تصدر عن إدارة التصدير (EAR)، والتي يتم إدارتها من قبل مكتب الصناعة والأمن، وهو جزء من وزارة التجارة الأمريكية.

المهام: تنظم لوائح EAR قيود التصدير: ما إذا كان بإمكان الشخص تصدير شيء ما من الولايات المتحدة؛ إعادة تصدير شيء ما من بلد أجنبي؛ أو نقل شيء من شخص إلى آخر في بلد أجنبي. تنطبق هذه اللوائح على الأشياء المادية - التي يشار إليها أحيانًا باسم "السلع" - وكذلك الملكية الفكرية مثل التكنولوجيا والبرمجيات. تحتوي اللوائح على قائمة تسمى قائمة التحكم التجاري (CCL)، وهي قائمة محدودة من العناصر التي تدخل في نطاق اللوائح، والتي تستحق اهتمامًا خاصًا لأنه من المحتمل أن يكون لها استخدام عسكري بالإضافة إلى استخدام تجاري. غالبًا ما يشار إلى العناصر المدرجة في قائمة CCL باسم "الاستخدام المزدوج". كما يتم تنظيم العناصر المدرجة في CCL وفقًا لتعيينات أبجدية رقمية تسمى "أرقام تصنيف مراقبة الصادرات" (ECCNs).

9- وزارة الدفاع الامريكية:

وزارة دفاع الولايات المتحدة هي الإدارة التنفيذية لحكومة الولايات المتحدة المسؤولة عن توفير القوات العسكرية اللازمة للدفاع عن الولايات المتحدة، في وقت الحرب وفي وقت السلم. وهي جزء من مجلس الوزراء الرئاسي. وتتدخل تحت غطاء حماية الامن القومي الأمريكي في كل المسائل التي يمكن ان تشكل تهديدا للأمن والسلم في الولايات المتحدة، وتشكل خطر على مصالحها السياسية والاستراتيجية. هي أيضا تعتبر من الوكالات التنفيذية للعقوبات المفروضة على الدول والافراد والكيانات الفاعلة غير الحكومية.

10- وزارة الطاقة بالولايات المتحدة (التكنولوجيا النووية)

تتمثل مهمة مكتب الطاقة النووية (NE) في النهوض بعلوم وتكنولوجيا الطاقة النووية لتلبية احتياجات الولايات المتحدة من الطاقة والبيئة والاقتصاد. حدد مكتب الطاقة النووية أهداف لمواجهة التحديات في قطاع الطاقة النووية، والمساعدة في تحقيق إمكانات التكنولوجيا المتقدمة. من بين مهامها الحفاظ على ريادة الولايات المتحدة في تكنولوجيا الطاقة النووية.

11- وزارة الأمن الداخلي (المعابر الحدودية)

دور وزارة الامن الداخلي هو حماية الحدود من النقل غير المشروع للأسلحة والمخدرات والممنوعات والأشخاص، مع تعزيز الدخول والخروج القانونيين، أمر ضروري لأمن الوطن والازدهار الاقتصادي والسيادة الوطنية.

12- وزارة العدل بالولايات المتحدة

تحدد التشريعات الامريكية مهمة وزارة العدل (DOJ) في دعم سيادة القانون، والحفاظ على أمن الولايات المتحدة، وحماية الحقوق المدنية. وهي كغيرها من الوزارات والوكالات لديها دور أساسي في تنفيذ الإجراءات الاقتصادية العدوانية ومراقبة مسارها عن طريق ما يسمى بمكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات.

13- مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجرات

هو وكالة لإنفاذ القانون في وزارة العدل الأمريكية، هدفها الأساسي حماية المجتمع الامريكي من المجرمين العنيفين، والمنظمات الإجرامية، والاستخدام غير القانوني للأسلحة النارية والمتاجرة بها، والاستخدام غير القانوني للمتفجرات وتخزينها، وأعمال الحرق العمد والتفجيرات، وأعمال الإرهاب. إضافة الى التحويل غير القانوني للكحول ومنتجات التبغ.

14- مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)

مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI، هو جهاز الشرطة القضائية الفيدرالية الرئيسي وخدمة المخابرات الداخلية، وهو أيضا له دور أساسي في متابعة المستهدفين خاصة من الافراد المنتسبين او غير المنتسبين لكيانات فاعلة غير حكومية مدرجة في القائمة السوداء الامريكية.

15- وزارة خارجية الولايات المتحدة

مهمتها: تنفيذ السياسات الامريكية من خلال مراقبة تنفيذ الإجراءات الاقتصادية العدوانية واستمرارها واستخدامها كأدوات ضغط مستمرة على الدول والكيانات المستهدفة. كما تتعزز اهداف السياسة الخارجية بجملة من اللوائح التجارة الدولية في الأسلحة (ITAR) هي نظام تنظيمي للولايات المتحدة لتقييد ومراقبة تصدير التقنيات الدفاعية والعسكرية ذات الصلة لحماية الأمن القومي.

ثانيًا: أنواع الإجراءات الاقتصادية العدوانية الأمريكية

تكتسب وحدات المعلومات المالية أهميتها من انها تمثل الممر الالزامي على مستوى الداخل الامريكي لتنفيذ الإجراءات المالية" ذات الصلة بحماية أنظمتها، ومنع إساءة استعمالها. ولا تقتصر الإجراءات على الإجراءات الوطنية بل تتعداها الى الإجراءات الدولية، وعلى رأسها تلك التي يتخذها مجلس الامن الدولي بموجب الفصل السابع لمنع استخدام النظام المالي الدولي في تمويل الإرهاب وتبييض الأموال وانتشار أسلحة الدمار الشامل وغيرها من الاستخدامات غير المشروعة لهذا النظام التي قد تهدد السلم والامن الدوليين، والتي عادة ما تندرج من ضمن" العقوبات الجماعية" التي يفرضها المجلس.

تفرض العقوبات الامريكية التي ينفذها مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، بشكل أساسي حظرًا تجاريًا على مواطني الولايات المتحدة وكياناتها للدخول في علاقات تجارية أو اقتصادية مع المستهدفين بالعقوبات وتجميد أصولهم الموجودة في المؤسسات المالية الأمريكية. الإجراءات الاقتصادية العدوانية التي تفرضها الولايات المتحدة الامريكية هي:

-الإجراءات الاقتصادية العدوانية الرئيسية:

تحظر بشكل مباشر التجارة أو تجميد أصول دولة مستهدفة أو شخص مستهدف. تنطبق العقوبات الأساسية على جميع المواطنين الأمريكيين والمقيمين الدائمين وكذلك الكيانات الموجودة في الولايات المتحدة.

-الإجراءات الاقتصادية العدوانية الثانوية:

تمنع الأجانب من إجراء معاملات مع دول ثلاث، ولا سيما إيران وروسيا وكوريا الشمالية. تهدف العقوبات الثانوية إلى منع الأشخاص غير الأمريكيين من الانخراط في أنشطة يمكن أن تضر بالمصالح الأمنية الأمريكية.

-الإجراءات العدوانية الأحادية:

هي تدابير قسرية انفرادية غير متوافقة مع هدف ومقصد الأمم المتحدة، كما أنها تتعارض تماما مع نص وروح الميثاق، وان كانت تتداخل وتتكامل مع الإجراءات الاقتصادية العدوانية الجماعية في أحيان كثيرة، ومن ضمنها ما يعرف بالإجراءات "الذكية"  أو الاجراءات "المستهدفة"  التي تتخذها الدول-الأسواق الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية، ضد دول أخرى والكيانات المرتبطة بها والافراد والمؤسسات المالية القادمين منها. من أجل حماية نظامها المالي ومنع إساءة استخدامه، وقبل ذلك من أجل تحقيق مصالحها السيادية المختلفة من سياسية وامنية واقتصادية، تلجأ الدول-الأسواق الكبرى وباستمرار الى إجراءات/ عقوبات مالية أحادية موجهة ضد كيانات وأفراد ودول أخرى وذلك بهدف منعها من الدخول الى نظامها المالي او الإفادة منه في تعاملاتها التجارية على المستوى المالي، ففي النظام الدولي المعاصر تتداخل الدول والأسواق وتتطابق حدودهما ومصالحهما التي يحددها تفاعلهما المشترك.

الإجراءات الاقتصادية العدوانية الذكية هدفها سياسي، فبعد تجسيدها في الواقع العملي ثارت عدة أسئلة ونقاشات حول مدى فعاليتها وإمكانية تطبيقها، ما دفع الى ظهور مبادرات وجهود دولية لتطويرها وصقلها، ومن بينها: ندوة انتر لاكن 1998، عملية بون-برلين ، ومبادرة ستوكهولم . تم تقديم التقرير النهائي للمبادرة الى مجلس الامن في 25 فبراير 2003، حيث تضمن ثلاثة أجزاء: (1) نص على ضرورة اختيار العقوبات المستهدفة كحل للانتقال من العقوبات الشاملة الى العقوبات الذكية. (2) وضع تدابير لتعزيز دور الأمم المتحدة في تنفيذ هذه العقوبات. (3) تم اقتراح بعض التدابير لدعم قدرة الدول الأعضاء على تنفيذ العقوبات المستهدفة، بالإضافة الى تقديم توصيات من اجل السير الفعال لكل نوع من العقوبات التي تم دراستها وتصنيفها -في عمليتي انترلاكن التي قامت بدراسة نوع واحد من العقوبات وهي العقوبات المالية) بينما عملية بون-برلين درست ثلاثة أنواع وهي حظر السفر، الحظر التجاري على سلع أساسية وحظر السلاح والطيران. اما مبادرة ستوكهولم فقامت بدراسة كل هذه الأنواع فيما يخص مجال تنفيذها- سواء من خلال وضع إطار قانوني نموذجي على الصعيد الوطني او التنفيذي او فيما يخص متابعة ورصد العقوبات لسد ثغرات التهرب من العقوبات ومن بين الاقتراحات أوصت المبادرة ب:

-تعديلات على العقوبات الاقتصادية لتصبح قائمة اما على الاستهداف او الانتقاء مع تعدد أنواع التدابير المفروضة.

-تنتقل من عقوبات شاملة الى عقوبات انتقائية (الاعتماد على الأسلوب الانتقائي في فرض العقوبة بدلا من الأسلوب الشامل الذي كان قائما في النظام القديم).

-وضع تدابير لها علاقة بالحظر التجاري على السلع الأساسية، الحظر على توريد الأسلحة، العقوبات الثقافية وغيرها.

بدأ التوجه أكثر نحو تقنية الاستهداف في فرض الإجراءات الاقتصادية العدوانية، فبعد ان كانت الإجراءات توجه ضد الحكومات والشعوب، أصبحت محددة الهدف، تستهدف النخبة من صناع القرار وتوجه ضد الكيانات والافراد ذات الميزة والاهمية البارزة في الدولة المستهدفة. ان الإجراءات الاقتصادية العدوانية المستهدفة هي مجموعة من التدابير تتخذ عدة أشكال من بينها تجميد أصول الأموال والموارد الاقتصادية، تقييد الوصول الى الأسواق المالية، والحد من القروض والائتمان، وتقييد عملية بيع الممتلكات في الخارج. طبعا فيما يخص تدابير التجميد للأصول المالية، المقصود هنا-وفقا للجنة العقوبات في مجلس الامن الدولي ليست المصادرة او نقل الملكية، وانما منع وحرمان المستهدفين من استخدام اصولهم المالية ومواردهم الاقتصادية لفترة مؤقتة الى حين العدول عن السلوك المخل بالسلم والامن وفقا للجنة. يسري مصطلح التجميد الأصول على جميع الموارد المالية والاقتصادية بجميع اشكالها، والتي تشمل على سبيل المثال، المبالغ النقدية والشيكات والمطالبات المالية والفواتير والحوالات والصكوك لحاملها وأدوات الدفع بالإنترنت وغيرها من وسائل الدفع الى غير ذلك.

 

فاعلية هذه الإجراءات تتحدد بالاستناد الى قوة سوق-الدولة/الدول التي تفرضها ومحوريتها في التعاملات التجارية والمالية الدولية، في مقابل أهمية الدولة/الدول-السوق المستهدفة بها ومقدار اعتمادها على هذه المعاملات للحصول على امداداتها التجارية المختلفة. ولذلك كانت الولايات المتحدة-يليها الاتحاد الأوروبي-أبرز الدول التي تلجأ الى هذه العقوبات مستفيدة من هيمنتها المالية شبه المطلقة، وهي الهيمنة التي تجعل من إجراءاتها المالية الوطنية مصدرا احاديا للقانون المالي الدولي، بحيث تلتزم بها المؤسسات المالية حول العالم بسبب تعاملها مع السوق الامريكية التي لا غنى عنها لاي منها.  بحسب مجموعة العمل المالي (FATF) فاٍنّ "المقصود بعبارة العقوبات المالية المستهدفة هو تجميد الأصول واجراء الحظر لمنع اتاحة الأموال واصول أخرى، بشكل مباشر وغير مباشر، لمصلحة افراد أو هيئات تم تعيينها أو تسميتها". هذه الإجراءات الاقتصادية العدوانية تندرج ضمن فئة العقوبات الاقتصادية، وأكثر من لجأ اليها بين الدول منذ الحرب العالمية الأولى هو الولايات المتحدة الامريكية التي كانت أيضا اول من اعتمد الادراج على "اللائحة السوداء" التي اشتهرت بها لاحقا مجموعة العمل المالي.

تتداخل الإجراءات الاقتصادية العدوانية الأحادية والإجراءات الاقتصادية العدوانية الشاملة من خلال اللوائح الدولية والوطنية التي تضمن أسماء الأشخاص الطبيعيين والشركات وغيرها من الكيانات القانونية التي يحظر التعامل معها ويطلب تجميد ارصدتها، ويتعذر في أحيان كثيرة التمييز بين الأساس القانوني لاستهداف هؤلاء.  هذه اللوائح الوطنية غالبا ما تأتي من ناحية أخرى امتثالا للإجراءات الدولية، وعلى راسها توصيات مجموعة العمل المالي التي نصت التوصية 21 منها على أنه " ينبغي أن تكون المؤسسات المالية مطالبة بتطبيق تدابير العناية الواجبة المشددة على علاقات العمل والعمليات مع الأشخاص الطبيعيين والأشخاص الاعتبارية والمؤسسات المالية من الدول التي تحددها مجموعة العمل المالي، وأن تكون هذه التدابير "فعالة ومتناسبة مع المخاطر". كذلك،" أن تكون الدول قادرة على أن تتخذ تدابير مضادة مناسبة عندما تدعوها مجموعة العمل المالي لذلك. كما ينبغي أن تكون الدول قادرة على ان تتخذ تدابير مضادة بصورة مستقلة عن أي دعوة من قبل مجموعة العمل المالي. وينبغي ان تكون هذه التدابير المضادة فعالة ومتناسبة مع المخاطر" . هذا التداخل بين الإجراءات الاقتصادية العدوانية الجماعية والاحادية الجانب، يزيد في تأثيره مدى تحكّم الولايات المتحدة والدول التي تدور في فلكها ولا سيما منها دول مجموعة السبعة بدرجة شبه كاملة بآليات الادراج على اللوائح الدولية، واسبقية هذه الدول في اعتماد اللوائح الوطنية التي تعود وتتبناها بحرفيتها تقريبا اللوائح الدولية، ومن ثم الطلب من الدول الأخرى من خلال وحدات المعلومات المالية فيها انفاذها وتبادل المعلومات بشأنها مع لجان العقوبات الدولية المنشأة بموجب الفصل السابع.

 

ثالثًا: اتجاهات الإجراءات الاقتصادية العدوانية والجهات المستهدفة

يدير مكتب مراقبة الأصول الأجنبية أكثر من 35 برنامج إجراءات اقتصادية عدوانية مختلف - كل منها مصمم للرد على تهديدات محددة ولتعزيز السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وأهداف الأمن القومي. نتيجة لذلك، قد تختلف أنواع الإجراءات المستخدمة في كل برنامج. بشكل عام، يمكن أن تكون عقوبات مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) إما شاملة أو مستهدفة بطبيعتها ويمكن أن تتطلب حظر الأصول أو فرض قيود على الأنشطة المالية أو المتعلقة بالتجارة مع شخص أو دولة أو منطقة أو حكومة معينة. تتضمن برامج الإجراءات الاقتصادية العدوانية الأكثر شمولاً التي يديرها مكتب مراقبة الأصول الأجنبية عادةً العديد من النماذج بعضها أو/جميعها، بينما قد تستخدم برامج العقوبات الأخرى بعضًا من هذه الخيارات فقط. يحتفظ مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، في إطار إدارته للعقوبات القائمة على القوائم، بالعديد من القوائم العامة للأفراد والكيانات وممتلكاتهم المحظورة المحددة، مثل الطائرات والسفن، التي تستهدفها عقوبات مكتب مراقبة الأصول الأجنبية. ومن بينها قائمة الأشخاص المحظورين والمواطنين المعينين خصيصًا، والمعروفة باسم "قائمة الأشخاص المحددين بشكل خاص". كل من قائمة SDN وقائمة العقوبات الموحدة - وهي قائمة تضم جميع قوائم العقوبات الأخرى التي يحتفظ بها مكتب مراقبة الأصول الأجنبية - متاحة للاستخدام العام في عدد من البيانات المختلفة.

اتجاهات الإجراءات الاقتصادية العدوانية

-مكافحة غسيل الأموال وتهريب المخدرات ومكافحة الإرهاب

تعتبر الولايات المتحدة الامريكية أنّ تعقيد الأنظمة المصرفية والمالية العابرة للحدود وتنوع البيئات التنظيمية العالمية يعني أن البلدان والمجرمين من الأفراد غالبًا ما يكونون قادرين على استغلال نقاط الضعف للقيام بعملية غسيل الأموال وتمويل الأنشطة الإرهابية. من خلال تقييد ومنع العلاقات التجارية مع وداخل هذه البلدان، أصبحت العقوبات الاقتصادية أساسًا لسياسات مكافحة غسيل الأموال في الولايات القضائية في جميع أنحاء العالم. نتيجة لذلك، تفرض على المؤسسات المالية دمج عمليات البحث عن العقوبات الاقتصادية كجزء من برامج مكافحة غسيل الأموال القائمة على المخاطر: وهو التزام يتطلب من الشركات فحص ومراقبة عملائها ومعاملاتها. يمكن أن يؤدي عدم الامتثال للإجراءات الاقتصادية العدوانية إلى غرامات ومقاضاة جنائية. في عام 2019، أصدر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية عقوبات بقيمة 1.29 مليار دولار على 22 شركة لعدم امتثالها - ارتفاعًا من 71.5 مليون دولار ضد سبع شركات في عام 2018.

 

-اجراءات تتعلق بالفضاء الإلكتروني 

فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية (OFAC) مجموعة من العقوبات والإجراءات لمواجهة ما يسمى بالعملات الافتراضية، الأنشطة السيبرانية، القرصنة الالكترونية. تقوم وزارة الخزانة أيضًا بتحديث قائمة المواطنين المعينين خصيصًا والأشخاص المحظورين (قائمة SDN) لتحديد عناوين العملات الافتراضية الإضافية التي تستخدمها مجموعة Lazarus لغسل العائدات غير المشروعة. تلتزم وزارة الخزانة بكشف مكونات النظام الإيكولوجي للعملة الافتراضية، مثل Blender، التي تعتبر بالغة الأهمية لإخفاء أثر العائدات المسروقة من النشاط السيبراني غير المشروع. قام مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بفرض عقوبات على مجموعة لازاروس في 13 سبتمبر 2019، بموجب الأمر التنفيذي (EO) 13722، وحددها باعتبارها وكالة أو أداة أو كيانًا خاضعًا لسيطرة حكومة جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، بناءً على علاقتها بالولايات المتحدة والأمم المتحدة. مكتب الاستطلاع العام المعين، المنظمة الاستخبارية الأولى في كوريا الديمقراطية، والتي تشارك أيضًا في تجارة الأسلحة التقليدية.

-اجراءات التدخل الأجنبي في الانتخابات الأمريكية

 يمثل التدخل الأجنبي في برنامج عقوبات الانتخابات بالولايات المتحدة تنفيذ للعديد من السلطات القانونية. بعض هذه السلطات في شكل أمر تنفيذي صادر عن الرئيس. السلطات الأخرى هي قوانين عامة (تشريعات) يقرها الكونغرس. يتم تقنين هذه السلطات من قبل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في لوائحها المنشورة في قانون اللوائح الفيدرالية (CFR). يتم نشر التعديلات على هذه اللوائح في السجل الفيدرالي.

-اجراءات ماغنتسكي 

هو قانون صدر عام 2012 في الولايات المتحدة ضد مسؤولين روس، تدعي الولايات المتحدة الأمريكية أنهم قتلوا سيرغي ماغنتسكي، واستفادوا من قتله بالدليل القاطع. ودفاعاً عن روح ومبادئ ماغنتسكي صدر هذا القانون، الذي تبناه الاتحاد الأوروبي عام 2014 ولاحقاً أصبح قانوناً عالمياً، بمعنى أن الولايات المتحدة والاوروبيين، يستخدمون القانون ضد أي خصم آخر داخل أو خارج روسيا، وهو ما عرف بتدويل قانون ماغنتسكي.

 

-قانون قيصر 

أبقت الولايات المتحدة على الإجراءات الاقتصادية العدوانية التي فرضتها على سوريا منذ السبعينيات. لكنّ القسم الأكبر من الإجراءات الاقتصادية العدوانية الأميركية على سوريا فُرض في مرحلتين عريضتين: الأولى في العقد الأول من الألفية الجديدة، وقد عازها صنّاع السياسات الأميركيون إلى دعم سوريا للإرهاب، وإلى أنشطتها في لبنان، وغيرها من أنشطة الحكومة السورية؛ والثانية منذ العام 2011 وحتى يومنا الحاضر، فُرضت، وفقاً لصنّاع السياسات الأميركيين، بسبب الحرب الأهلية السورية. فرضت الولايات المتحدة إجراءات اقتصادية عدوانية "أساسية" و"ثانوية" على سوريا. هي إجراءات تحظّر مزاولة الأعمال التجارية من قبل المواطنين الأميركيين والشركات الأميركية باستثناء أنواع معيّنة من أعمال الإغاثة الإنسانية (، كما تحظّر المعاملات المالية التي تمرّ عبر النظام المالي الأميركي، وبيع السلع الأميركية الصنع إلى سوريا. أما الإجراءات الاقتصادية العدوانية الثانوية، فقد توسّع فيها الكونغرس الأميركي في أواخر 2019 من خلال اقرار "قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين"، وهي اجراءات تحظّر معاملات البلدان الثالثة مع سوريا، كحظر تعامل فئات معيّنة من الشركات الفرنسية، أو الألمانية، أو الروسية مع سوريا. تصل الإجراءات الاقتصادية العدوانية الأساسية الأميركية إلى مصاف حظر كافة الروابط التجارية والمالية تقريباً بين الولايات المتحدة وسوريا، مع تسجيل استثناءات محدودة.

وفقا لقانون قيصر تتمثّل الفئات الرئيسية للإجراءات الاقتصادية العدوانية الأساسية الأميركية بما يلي:

-حظر تقديم المساعدات ا لخارجية ا لأميركية إلى الحكومة السورية ومعارضة الولايات المتحدة للدعم الذي تقدّمه المؤسسات المالية الدولية إلى سوريا.

-حظر الإتجار بالأسلحة الأميركية مع سوريا.

-حظر تصدير أو إعادة تصدير السلع الأميركية إلى سوريا (باستثناء فئات معيّنة من المساعدات الإنسانية، كالمواد الغذائية والأدوية (.

-حظر تصدير الخدمات الأميركية إلى سوريا.

-حظر استيراد الولايات المتحدة لمنتجات سورية معيّنة، بما فيها النفط.

-القيود المالية والاستثمارية على سوريا التي تحظّر الاستثمارات الأميركية في سوريا والمعاملات المالية الأميركية مع سوريا.

-تجميد أصول الحكومة السورية في الولايات المتحدة وحظر تعامل الأشخاص الأميركيين والشركات الأميركية مع الحكومة السورية، بما في ذلك الشركات السورية المملوكة للدولة.

-مجموعة من العقوبات المحدّدة الهدف ضدّ مسؤولين في الحكومة السورية وشركات وكيانات سورية مختلفة.

-حظر سفر على معظم السوريين المسافرين إلى الولايات المتحدة.

فضلاً عن ذلك، تفرض الولايات المتحدة إجراءات اقتصادية عدوانية "ثانوية" لحظر أنواع معيّنة من التجارة بين بلدان ثالثة وسوريا. وقد كانت الاجراءات الثانوية الأميركية المفروضة على سوريا محدودةً نسبياً حتى أواخر العام 2019، أي عندما أقرّ الكونغرس قانون قيصر. لكن تبقى الإجراءات الثانوية أكثر محدوديةً من الاجراءات الأساسية. فتتمثّل الفئات الرئيسية للإجراءات الثانوية، وبعضها، بما يلي: دخل حيّز التنفيذ في حزيران/يونيو 2020.

-عقوبات على الشركات غير الأميركية التي تدعم أو تشارك في معاملات كبيرة مع الحكومة السورية، بما في ذلك الكيانات التي تملكها أو تسيطر عليها الحكومة السورية.

-عقوبات على المتعاقدين العسكريين والقوات شبه العسكرية غير الأميركية العاملين لدى الحكومة السورية، الحكومة الروسية و/أو الحكومة الإيرانية.

-عقوبات على الشركات غير الأميركية التي تدعم أو تشارك في معاملات كبيرة مع الشركات، أو الافراد، أو الكيانات السورية الخاضعين للعقوبات.

-عقوبات على الشركات غير الأميركية التي تدعم إنتاج النفط والغاز الخاص بالحكومة السورية.

-عقوبات على الشركات غير الأميركية التي تقدّم خدمات ملحوظة في مجال البناء والهندسة إلى الحكومة السورية.

-عقوبات على الشركات غير الأميركية التي تؤمّن طائرات أو قطع غيار معدّة للاستخدام العسكري في سوريا.

-عقوبات على الشركات غير الأميركية التي تدعم برامج أسلحة الدمار الشامل الخاصة بسوريا.

الجهات والكيانات الفاعلة المستهدفة

لم تقتصر هذه الإجراءات الاقتصادية العدوانية على الدول التي تعتبرها الولايات المتحدة الامريكية بمفهومها السياسي" دولا مارقة"  صنفتها على أنها دولا راعية للإرهاب والعمليات الإرهابية مثل إيران وسوريا وكوريا الشمالية وفينزويلا، بل اضافت لتلك القائمة روسيا والصين  كدول منافسة ومهددة للمصالح الامريكية. كما حددت قوائم إضافية شملت الافراد في هذه الدول وبمستويات مختلفة ومتعددة سواء كانوا شخصيات سياسية او عسكرية، وامنية، أو استخباراتية، او رجال اعمال ومستثمرين. اما الكيانات الفاعلة غير الحكومية فكان لها أيضا حصة من هذه الإجراءات العقابية شملت الكيانات باسمها وأجهزتها ورجالاتها وحساباتها المصرفية او تلك المتعاملة معها وكل منابعها المالية واللوجستية. من اهم هذه الكيانات التي استهدفت ولا تزال بالإجراءات الاقتصادية العدوانية، حزب الله وحركات المقاومة في فلسطين والحرس الثوري الإيراني، وغيرها من الكيانات التي تعتبرها الولايات المتحدة تهديدا حقيقيا لمصالحها في العديد من المناطق في العالم.

مع الحرص على تصويب الإجراءات الاقتصادية العدوانية بالشكل الذي يخدم الأهداف الامريكية، باتت الإجراءات المستهدفة او الانتقائية من اهم الأدوات التي تستخدمها الإدارات الامريكية المتعاقبة لتسليط أقسى القيود على الافراد والكيانات الفاعلة غير الحكومية، التي ترى فيها تهديدا لسياساتها الخارجية ومصالحها في المنطقة. من هذا المنطلق، يقوم مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بإعداد، وفهرسة القوائم التي تحمل أسماء الافراد والكيانات والدول الخاضعة للإجراءات الاقتصادية العدوانية الأمريكية. يدير مكتب مراقبة الأصول الأجنبية عددًا من برامج الإجراءات الاقتصادية العدوانية المختلفة. يمكن أن تكون الاجراءات شاملة أو انتقائية، باستخدام حظر الأصول والقيود التجارية لتحقيق أهداف السياسة الخارجية والأمن القومي. يسعى مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) للحفاظ على قائمة الإجراءات الاقتصادية العدوانية الأمريكية محدثة. كما انه في حالة حدوث انتهاك، يمتلك مكتب مراقبة الأصول الأجنبية ترسانة كاملة من سلطات الإنفاذ، بما في ذلك فرض عقوبات مالية وأحكام بالسجن (بعد التحقيق القضائي). تتكون قائمة العقوبات الأمريكية في الواقع من عدة قوائم منفصلة تحدد فئات مختلفة من الأهداف.

من خلال هذه الحروب المالية حققت الولايات المتحدة وما تزال إنجازات كثيرة وخاصة أنها ذات تكلفة محدودة بالنسبة اليها مقارنة بالحروب التقليدية سواء على المستوى المادي ام البشري. مستفيدة في ذلك من التعقيد الذي يتصف به نظامها القانوني والمالي وتعدد هيئات هذا الأخير واستقلاليتها. وهنا من الأهمية بمكان أن نشير الى أن هذه الحروب لم تضطلع بها فقط الدولة الفدرالية الامريكية، وانما تعدّتها الى الولايات والمدن وفي مقدمها ولاية نيويورك، وأيضا الى قطاعات واسعة من المواطنين الأمريكيين والمنظمات غير الحكومية بما يشبه حالة التعبئة العامة او الاستنفار العام. ولم تقتصر ادواتها أو أسلحتها بتعبير ادق، على الإجراءات التي تصدر عن الهيئات التنظيمية والرقابية، او القوانين التي يقرها الكونغرس ومجالس نواب الولايات والاوامر التنفيذية التي يصدرها الرئيس وتصدر لوائحها التنفيذية لاحقا وزارة الخزانة من خلال مكتب مراقبة الأصول الأجنبية فيها، بل تعدتها الى الملاحقات القضائية او التهديد بها على أساس هذه الإجراءات، وعلى أساس القوانين الفدرالية والمحلية الأخرى ذات الصلة بالإرهاب وتمويله وقوانين العقوبات التي تفرضها ضد الدول الأخرى لغايات سياسية مختلفة. هذه الملاحقات لم يحركها فقط المدعون العامون الامريكيون وحسب، وعلى رأس هؤلاء المدعي العام لجنوب ولاية نيويورك حيث تقع مانهاتن المركز المالي للمدينة التي تمثل الشريان العالمي للتعاملات المالية الدوليةِ، وانما أيضا كثير من المدعين والمحققين الخاصين ولحساب افراد وجمعيات أمريكية مختلفة. وهي شملت قضايا تحفظها الذاكرة الامريكية بشكل كبير، من تفجير مقر المارينز في بيروت واتهام حزب الله وإيران بالتفجير، وصولا الى الثابتة الرئيسية في السياسة الخارجية الامريكية وهي حماية كيان الاحتلال من خلال رفع دعاوى ضد حركات المقاومة في المنطقة وتحميل المسؤولية المالية عن اعمال هذه الحركات للبنوك والمؤسسات المالية الأخرى التي تتعامل معها، ومن ثم تجميد ومصادرة الأرصدة التي تعود لهذه الدول والكيانات الموجودة في الولايات المتحدة او التي قد توجد بسبب تعامل مالي ما تحت سيطرة مؤسسة مالية أمريكية في أي مكان في العالم. يبقى ان مفاعيل هذه العقوبات ومدى تأثيرها مرتبط بكيفية التصدي والتكيف من قبل الجهات المستهدفة سواء كانت دولا او افرادا او كيانات فاعلة غير حكومية. الى حد الان وباعتراف الأمريكيين تبدو التأثيرات غير مرضية بسبب قدرة الردع التي تعتمدها الجهات المستهدفة وهذا يطرح سؤالا مهما حول مدى فعالية أدوات الردع المستخدمة لمقاومة هذه الإجراءات الاقتصادية العدوانية من جهة، وكيفية تعامل الجهات الامريكية المختصة مع هذا الامر؟


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور