الثلاثاء 13 أيلول , 2022 12:24

ماذا يحدث في مخيم الهول؟!

الجنرال "مايكل إريك كوريللا" في مخيم الهول

جاءت زيارة الجنرال "مايكل إريك كوريللا" من القيادة المركزية الأمريكية إلى معسكر الهول في التاسع من أيلول الجاري، بعد يوم من قيام قوى الأمن الداخلي (الأسايش) وبدعم من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بعملية ضد جماعات من تنظيم "داعش" الارهابي. وفي بيان، أعلن الوفد الأمريكي بحضور القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، أن داعش يحاول السيطرة على المخيم ويستعد لخلافة ثانية، ويستخدم أساليب مختلفة من الضغط والقتل والأسر داخل المخيم. وقد أسفرت العملية عن تحرير خمس نساء، واعتقلت العناصر الأمنية أكثر من 150 من أعضاء داعش المشتبه بهم، بما في ذلك العشرات من النساء، كما صادرت عددًا لا يحصى من الأسلحة واكتشفت مخابئ تحت الأرض، وكذلك أحبطت هروب خلية من سبعة أفراد.

 قلةٌ من لا يعرف أن المخيم بمثابة قنبلة موقوتة من عناصر التنظيم، رجالًا ونساءً وأولادًا، وأنّ المخيم هو ورقة استثمار أمريكية في الضغط والابتزاز على كل الأطراف العدوة والوكيلة والحليفة، لكن الأمر الصادم هو ما جاء في بيان كوريلا، بقوله: "لقد رأينا بالفعل أعضاء داعش يحتجزون نساء وفتيات مستعبدات بالسلاسل داخل المخيم، ويعذبون سكان المخيم". لقد وصلت وقاحة المحتل الأمريكي الذي يتشدّق في تقريره الرسمي السنوي حول عملية "العزم الصلب" عن إنجازاته في محاربة تهديد داعش، ومدى تنامي كفاءة وكيله الكردي، قسد، في القدرة على التعامل مع تهديد هؤلاء الإرهابيين؛ وإذ بالمخيم والأمور داخله نقطة أخرى في ملف الهزائم الأمريكية على التعامل مع تهديدات المنطقة، وإدارة مشكلاتها.  

وفي حضن سياسة الازدواجية الأمريكية المعهودة وتحت عين إدارتها ومنظمتها بالوكالة، نما الإرهاب داخل المخيم لوجستيًّا وإيديولوجيًّا، تمامًا كما نضج حديث المشاعر الأمريكي بمعاناة قاطني المخيم والبحث في ضرورة عودة هؤلاء إلى بلدانهم الأصلية، وإعادة تأهيلهم "إذا لزم الأمر" على حد تعبير القائد كوريلا، تُرى أفي شك في ذلك؟ اليوم، يحاول الأمريكي ابتزاز المجتمع الدولي بورقة "داعش"، تحت عنوان خطورة الوضع، والهدف ببديهية الأمر ليس إلا تحصيل أوراق سياسية معينة يظهر عنوانها العام في محاولة واشنطن استجرار "حل دولي"، على حد تعبير كوريللا؛ قد تكشف المرحلة المقبلة معالمه. ولعل سيناريو الحل يكون في سياق حضور دولي متعدد الجنسيات تحت ذريعة إدارة المخيم، مع ما يحكم به المنطق من عدم قبول أي من الدول الأوروبية استعادة التهديدات التي صدّرتها يومًا إلى سوريا، وأكثر ما يمكن أن يصار إليه من تلك الدول تقديم الدعم من حيث إعادة التأهيل وكبح انفجار المخيم. بيد أن الحكمة، إن وجدت، لأدرك المجتمع الدولي أن أمريكا قد تكون بصدد استدراج حلفائها إلى مستنقع من الرمال المتحركة.  وفي سيناريو أقل ديناميكية، قد تحافظ واشنطن على وضع المخيم في حالة من الستاتيكو، تفعّل ديناميته كلما اقتضت الحاجة.


الكاتب:

د. مريم رضا خليل

  كاتبة صحفية/ دكتوراه علوم اجتماعية




روزنامة المحور