الخميس 13 أيار , 2021 09:02

إرادة أهل غزة تصنع المفاجآت.. تطوير الصناعات العسكرية

ترتكز معادلات فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة، في عملها العسكري وتوازن الردع والرعب مع كيان الإحتلال الإسرائيلي، على التصنيع المحلي لأسلحتها المتنوعة. وقد استطاعت رغم الحصار المطبق عليها براً وبحراً وجواً، من تحقيق إعجاز على هذا الصعيد.

فتوسيع مخزون سلاحها في ظل هذا الظروف، يتطلب جهداً ومعرفةً ليس باليسير تحقيقه، لما يتطلبه من توفر لمواد تصنيع السلاح الأولية، وآلات تصنيع ملائمة من جهة أخرى. لكنها تخطت هذه العقبات، بالإبتكار الثوري للحلول، بواسطة مهندسيها الذين رفدوا هذه التجربة بجهودهم. فظهرت مفاجئاتها النوعية في كل المواجهات، لتسبب ذهول الإحتلال والدول المساندة له، بتخطيها لإجراءات حصارهم.

الأنفاق والخيم، معامل وورش تصنيع للأسلحة

من الصعب تحديد خط بداية، أو رصد ما يمكن اعتباره شرارة انطلاق عمليات التصنيع العسكريّ المحلي. إذ أن هذه التجارب تميزت بالجهد المتواصل، خلال كل مراحل انطلاق المقاومة العسكرية. فتجربة التصنيع المحلي ليست وليدة حدث ما أو انتفاضة واحدة، بل هو نتيجة تجارب واختبارات متراكمة. أما ارتفاع وتيرةِ جهودها وتطوّر آلياته ومنتجاته، كان نتيجةً لارتفاع وتيرة العمل المسلح آنذاك، وازدياد حجم التحدّيات الميدانية المفروضة على المقاومة، خصوصاً مع تحرر القطاع من الإحتلال عام 2005.

فالمقاومة الفلسطينية عانت أيضاً، من صعوبات أمنية عدة في الضفة والقطاع ومناطق الداخل المحتلة. ما دفعها لإنشاء ورش متحركة، تتكون من مخارط وآلات للإستعمال المدني. في ظلّ هذا الوضع، أجريت أغلب عمليات التصنيع داخل بيوت ومستودعات وأنفاق، وأيضاً في أراضٍ وخيم مؤجرة. كما استفادت المقاومة من الورش والمخارط التجارية، معتمدة على خبرات أصحابها الحرفيين، المقربين والواثقة بهم، لما يحتاجه هذا العمل من سريّة تامّة. الأمر الذي جعل هذه الورشات محلّ استهداف دائم من قبل الاحتلال، عبر قصفها خلال أي جولة قتالية.

أما أغلب من أشرفوا على تطوير الأسلحة وتصنيعها، فكانوا من المطلوبين والمطاردين. وأبرز مثال على ذلك هو اغتيال إسرائيل للعديد منهم مثل: الشهيد عدنان الغول (قائد وحدة التصنيع في كتائب القسام) واغتيال الشهيد محمد الزاوري المسؤول عن برنامج تصنيع الطائرات يدون الطيار.

أنواع الأسلحة

_ العبوات المضادّة للدروع والأفراد: تطور سلاح العبوّات كما غيره من الأسلحة، فظهرت نماذج متعدّدة من العبوّات الناسفة، بسبب الاهتمام الذي تركز على تطويرها، نظراً لسهولة تصنيعها وتجهيزها وبساطة استخدامها، إضافةً إلى فاعليتها وقدرتها التفجيرية الكبيرة، التي ظهرت ضدّ مدرعات جيش الاحتلال وآلياته.

كانت أوّلى هذه النماذج عبوة "شواظ 1" كبيرة الحجم، التي تحتوي على 40 كيلوغرام من المواد شديدة الانفجار، والتي جرى تطويرها إلى عبوات "شواظ 2" و"شواظ 3". خصوصاً بعد تطوّر صناعة المواد المتفجرة لتصبح أكثر فعالية وتدمير.

_ القنابل اليدوية: استفاد المصنعون بداية، من تقنية النموذج الأولي من القنبلة اليدوية المصنّعة محلياً، التي تستخدم عود كبريت لاشعال القنبلة يدوياً. ثمّ تطوّرت إلى الطريقة الميكانيكية، بعد تمكن مهندسي المقاومة من صناعة الصاعق الميكانيكي، الذي جرى تصنيعه بطريقة عكسية للنموذج الأميركيّ من القنبلة.ما جعل كلفة إنتاجها منخضة، بإنتاج أعداد كبيرة. ولم يقتصر تصنيعها على جناح عسكريّ بعينه، بل انتقلت خبرة تصنيعها إلى مُعظم الأجنحة العسكريّة.

_القذائف والصواريخ المضادّة للدروع: صنّعت وطوّرت أجنحة المقاومة، عدداً من القذائف المضادّة للدروع. فكانت أولى عمليات التصنيع، لقذائف "الأنيرغا" المضادّة للدروع، وكان استخدامها منتشراً بين فصائل المقاومة خلال عمليات عدة.

تلاها بعد ذلك، تصنيع قذائف "البنا" التي اسُتخدمت للمرّة الأولى، خلال الهجوم على ثكنة لجيش الإحتلال شمال قطاع غزة في شهر نيسان 2002. ثم تطورت لاحقاً إلى نماذج أُطلق عليها إسم "البنا 1" و"البنا 2". كان ممّن أشرف على تطويرها الشهيد عدنان الغول والقائد محمد الضيف. تلاها بعد ذلك ظهور صواريخ "البتار" ضدّ الدبابات. واستخدمت هذه الصواريخ لصد محاولات التوغل الإسرائيلية في شمال قطاع غزّة. وما يميز صاروخ "البتار" عن "البنا"، بأنه يُنصب على الأرض ويُطلق عن بعد بواسطة جهاز سلكيّ، وبلغ مداه ما يقارب الكيلومتر.

أما عام 2004، فتم الكشف عن "قاذف الياسين"، الذي يشبه قاذف RBJ الروسي.وجاء قرار تصنيع هذا السلاح، في ظل صعوبات تهريب النسخة الروسية، والسعر المرتفع لها.

_ قذائف الهاون والمورتر: شكلت قذائف الهاون، أبرز صناعات المقاومة الفلسطينية، على الرغم مما شابها من بعض المشاكل التي تتعلق بالمدى وعملية التوجيه. لكن المقاومة نجحت في مراكمة خبرة كبيرة في عمليات التصنيع، وحل المشاكل عبر إطالة المدى وتحسين الدقة وزيادة القوة التفجيرية.

تجدر الإشارة ألى أن التمكن من التصنيع المحلي، لصواريخ ضد الدروع وقذائف الهاون، ساعد المقاومة لاحقاً على بدأ مشروع التصنيع المحلي لصواريخ أرض-أرض.

_صواريخ أرض-أرض: يعتبر شهر آذار 2002، موعد الإعلان عن تصنيع الصواريخ المحلية. حيث تم إطلاق أول صاروخ من مدينة طولكرم تجاه مستوطنة "نتانيا"، وكان الصاروخ من طراز "قسام 2". ليتم لاحقاً تطوير التصنيع من مختلف الفصائل، وأطلق عليها أسماء تمثل كل فصيل مثل: قسام، وقدس، وأقصى، وناصر.

كما جرى تطويرها باستمرار، مع ازدياد العمليات العدوانية للإحتلال. لتشمل مديات من كيلومترات تستهدف مستوطنات غلاف غزة، إلى مديات تطال كامل أراضي فلسطين المحتلة. جرى تنسيق الكشف عنها، لتكون مفاجئات للإحتلال خصوصاً خلال حروب 2008 و2012 و2014.

 


مرفقات


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور