الخميس 17 حزيران , 2021 01:10

"سيف القدس": كيف حققت وسائل التواصل الاجتماعي النصر أيضا !

كانت الوظيفة الأولى للعمل الالكتروني منذ انطلاقته تقتصر على تحقيق التواصل واختصار المسافات بين الناس، فيما كانت تستهدف بداية القضايا الشخصية لكل فرد على هذه المنصات، لتتطور مع الوقت وتشمل الحديث حول الملفات الاجتماعية والاقتصادية في العالم. لكن وبعد فترة قليلة اتخذت هذه المنصات منحًا آخر، لتصبح لاعبًا قويًا على الساحة السياسية.

وقد برز الدور السياسي لهذه الوسائط جليًا بعد المعركة الأخيرة في قطاع غزة "سيف القدس"، ما شكّل أرضية لانطلاقة التفاعل العالمي مع القدس المحتلة والمقدسيين، وبالتالي نجح الفلسطينيون عبر هذه الوسائط بكسب تعاطف الجمهور حول العالم نصرةً للقضية الفلسطينية في سابقة يمكن القول إنها الأولى من نوعها.

مواقع التواصل والصراعات الدولية

- الفيديوهات التي تنتشر عبر الشبكة العنكبوتية العالمية كالجائحة، أخرجت كل النزاعات من المحلية إلى العالمية، كما أخرجتها من قبضة الطرف الأقوى أو المسيطر.

- كان Facebook أول منصة وسائط اجتماعية تضيف فلسطين إلى قائمة الدول الخاصة بها، جاء هذا الاعتراف نتيجة لنشاط شرس من المستخدمين تم تنظيمه وفَرَض نفسه.

كيف استخدم الجيش الإسرائيلي مواقع التواصل المختلفة؟

- يعتبر الإسرائيليون ان وسائل التواصل الاجتماعي مهمة لدعم الدبلوماسية العامة، وقد طور جيش الاحتلال "استراتيجية معلوماتية استباقية".

- كانت سياسة حكومة الاحتلال للفوز بالفضاء الافتراضي ودعم الجيش بمثابة بداية لجامعة تعمل على تسليح مجموعة من الطلاب تسمى "ساعدنا على الفوز" بأجهزة كمبيوتر من أجل الوصول إلى منصات التواصل الاجتماعي وإخبار العالم بالقصة الإسرائيلية عن الحرب.

- في حساب Instagram العبري لجيش الاحتلال، تميل القصص إلى أن تكون عدوانية وعسكرية، وغالبًا ما تتضمن لقطات لمباني في غزة يتم قصفها، أما على الحساب الإنكليزي، غالبًا ما يكون المحتوى أكثر دفاعية، حيث يقدم "إسرائيل" كضحية في عمليات العنف.

- عادة ما تستخدم سلطات الاحتلال المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة كجزء أساسي من دعايتها.

القيود والرقابة على المحتوى الفلسطيني

- ترافقت أعمال العنف ضد غزة والمقدسيين مع أمثلة متكررة لقيود المحتوى وإزالته على وسائل التواصل الاجتماعي.

- تجاوزت القيود نشاط الشيخ جراح. مع اقتحام شرطة الاحتلال للمسجد الأقصى لقمع المصلين بوحشية في الأيام الأخيرة من شهر رمضان، على Instagram تم إخفاء علامة التصنيف "الأقصى" مؤقتًا.

- تم توثيق 12000 عملية رقابة على Instagram وحده منذ فترة بداية الأحداث في حي الشيخ جراح.

- فيسبوك امتثل لـ 81% من طلبات "إسرائيل" لإزالة المحتوى.

- اعتبر ناشطون عالميون أن القضية الفلسطينية الأوسع هي قضية حقوق إنسان.

- علقت العديد من الجمعات الحقوقية على أن أي رقابة من قبل عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن ترقى إلى مستوى تدمير الأدلة في توثيق جرائم الحرب، والتي تراقبها المحكمة الجنائية الدولية.

كيف استخدم الفلسطينيون مواقع التواصل لصالحهم

- التشبيك الاجتماعي: استخدام الناشطين لمختلف المواقع أنتج جماعة افتراضية وفقًا لاهتمام مشترك وهو التضامن مع الفلسطينيين بسبب إجراءات التهجير القسري، وتم تجاوز الهوية الفردية للناشطين وانخرط الجميع في الهوية الاجتماعية للمقدسيين.

- توحيد الشعارات: عادة لا يهتف الفلسطينيون في المسجد الأقصى لأي شخصية بحسب المراقبين، لكنهم اجتمعوا على عنوان للمقاومة يرهب الإسرائيليين، فبات شعار "إحنا رجال محمد ضيف" الأكثر إجماعًا والأكثر ترديدًا في مدينة القدس المحتلة.

- توحيد الهدف: كانت ثمة هدف واحد للناشطين الفلسطينيين وداعميهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو وقف عملية الاستيطان في حي الشيخ جراح.

- التحفيز: كان الخبر الميداني والحدث على أرض الواقع هو المحفز الأول.

- الارتباط: ارتبط الناشطون في الأحياء المقدسية مع بعضهم على الرغم من فرض حظر التجول، كما ارتبطوا بباقي المناطق الفلسطينية وغزة، في حركة متدفقة وعفوية لم تتمكن مواقع التواصل الوقوف في وجهها.

- نقل الحدث بتجرد: النشر والتغريد بتلقائية وعفوية وصدق عبر منصات التواصل، أسقط الرواية الإسرائيلية التي كان الاحتلال يدعي فيها بأنه الطرف المعتدى عليه، كما أن سياسة التدمير الممنهج كانت واضحة للمراقبين العالميين.

تراجع ميزة "إسرائيل" في معركة وجهات النظر واكتساب الجمهور العالمي

- في الكفاح للسيطرة على الرواية العامة للصراع، يبدو أن ميزة الكيان تتراجع في تشكيل السرد لصالحها، وتصوير نفسها على انها أمة تتعرض للهجوم ظلمًا مع الدولة الوحيدة، هدف الدفاع عن نفسها.

- لقد سمحت الاتصالية الجديدة للأصوات الفلسطينية وقصصهم بالظهور خلال الأزمة بينما أضعفت الاحتكار المعتاد الذي تتمتع به حكومة الاحتلال للرسائل.

- يقول نشطاء مؤيدون للفلسطينيين إن الوقت قد فات على المسؤولين الإسرائيليين أو شركات التكنولوجيا لقلب التيار على وسائل التواصل الاجتماعي، وبالتالي "إسرائيل" والصهيونية تخسران حرب العلاقات العامة.

- غالبًا ما يكون القيام بذلك مكلفًا للغاية فيما يتعلق بالآفاق الوظيفية أو الادراج على القائمة السوداء على مواقع الويب Canary Mission التي تحتفظ بملفات مفصلة ومضللة لمؤيدي القضية الفلسطينية، إلا أن هذه المرة كانت مختلفة جدًا.

- أصبح النضال الفلسطيني أيضًا قضية مؤثرة لأشخاص مثل الموسيقيين، وكذلك الممثلين ومذيعي الأخبار العالميين.

- استخدام كلمات مثل "الفصل العنصري" أو "التطهير العرقي" لم تعد مواقف هامشية راديكالية لا يمكن قولها بعد الآن في المحافل الدولية وتحديدًا الكونغرس الأمريكي.

لماذا نجحوا هذه المرة؟

- الأجيال المقدسية: يدور الحديث عن شباب في أوائل العشرينيات من أعمارهم، بقصات شعر حديثة، وجدوا رمزًا للصمود والكبرياء الوطني، وهو القائد محمد الضيف، بعدما كانوا يناشدون العرب والمسلمين لإدراكهم، ويستمعون لأناشيد المقاومة الفلسطينية في سياراتهم، أدرك هذا الجيل أن ليس ثمة تعويل إلى على مقاومتهم.

- القوة والقدرة على إيلام العدو: لأول مرة منذ حرب أوكتوبر 1973 يتعرض كيان الاحتلال لحرب هجومية.

- الإدارة الأمريكية الجديدة: لأول مرة أيضًا ثمة أصوات في الكونغرس تهاجم الكيان، وتتهمه بارتكاب "أعمال إرهابية" و"الفصل العنصري" دون أن يتم مقابلتها بمعارضة داخل الكونغرس.

- خصوصية القدس: القدس المحتلة ليست موضع خلاف لا داخلي ولا عربي ولا إسلامي، خاصة وان كل شيء يتمتع بالقدسية والقوة ولا يتحمل التأويل.

- الواقع الخليجي: امتاز التطبيع الإماراتي بالاندفاع الى أبعد حد في العلاقات والتصريحات دون روادع أو خطوط حمراء، هذا الاندفاع على المستوى الرسمي ولّد قوة دفع عكسية على الصعيد الشعبي سواء داخل فلسطين المحتلة أو الدول العربية بشكل عام.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور