الأربعاء 23 حزيران , 2021 04:03

الولايات المتحدة غارقة في مستنقع طويل الامد في الشرق الأوسط

أمريكا وغرب آسيا
التحركات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط

تسعى الإدارة الجديدة للولايات المتحدة للخروج من مستنقع الأزمات في منطقة الشرق الأوسط، خصوصًا بعد فوز الرئيس السيد إبراهيم رئيسي في الانتخابات الرئاسية الإيرانية، الأمر الذي يزيد من الاستقرار الإيراني والذي يقابله زعزعة في الوضع الأمريكي السياسي، وتحديدًا في ملف الاتفاق النووي. في هذا الإطار نصحت واشنطن حكومة الاحتلال الجديدة بالابتعاد عن نهج نتنياهو في المواجهة مع العرب، ودعتها إلى محاولة تحسين العلاقات مع العرب داخل تحالف التغيير.

أما على صعيد كل من لبنان وسوريا، تحاول أمريكا لملمة الأمور من جديد لبسط نفوذها في المنطقة، ففي لبنان تعمل على إعادة فكرة "استقلالية" الجيش اللبناني وأن يكون الضمانة الوحيدة لخلاص لبنان والحفاظ على أمنه. وتشير التقديرات إلى أن واشنطن تخطط لأمر ما في سوريا ضد الداعمين للحكومة السورية وذلك بعد ادراج سوريا كمنطقة عمليات رئيسية للناتو.

وبالنسبة لكل من والعراق وفلسطين واليمن، فإن السياسة الأمريكية تخشى من التهديدات التي ترشح عنها الأوضاع الداخلية في هذه البلاد، ففي العراق تُشكل الطائرات المسيرة التي تستهدف القواعد الأمريكية قلقًا كبيرًا لواشنطن، في الوقت الذي تسعى فيه الأخيرة للتسوية مع السلطة الفلسطينية بعد أن تراجعت عن فكرة "صفقة القرن"، إلا أنها تواجه في اليمن مشكلة تقدم اللجان الشعبية والجيش اليمني في مأرب على حساب السعودية ما يدفعها للمسارعة في الوصول إلى حلّ سريع بين البلدين.

وفيما يلي شرح مفصل عن التحركات الأمريكية في بلدان الشرق الأوسط:

لبنان

- يبدو أن خطة السفارات الاجنبية والمبعوثين الامريكيين والاوروبيين المتوسطة المدى تجاه الجيش اللبناني تضع في أولوياتها تجاهل الدولة اللبنانية اي السلطة السياسية المشرفة على قرار الجيش اللبناني والاستفادة من ذلك للتعامل المباشر وبدون وسيط مع الجيش، بتواطؤ كامل من قائده كمؤسسة مستقلة موازية لمؤسسات الرئاسة الثلاث رئاسة الجمهورية ومجلس النواب ومجلس الوزراء، مما يسهل في الامد البعيد نزع الوصاية السياسية عن الجيش اللبناني واستبدالها بوصاية قائد الجيش والمجلس العسكري.

- يعتبر آرام نركيزيان وهو مستشار أول لبرنامج العلاقات المدنية العسكرية الامريكية في الدول العربية، أن المطالب التي تريدها الولايات المتحدة من الجيش اللبناني تشمل التالي:

1- الاشياء التي يمكن أن تفعلها القوات المسلحة اللبنانية للمساعدة في هذه الحالة جهود مكافحة التهريب على طول الحدود مع سوريا، ودعم جهود مكافحة تنظيم داعش الارهابي.

2- الاستمرار في اعتماد الحكم الصائب في استخدام القوة في عمليات الاستقرار الداخلي.

3- الانخراط بحسن نية في المحادثات الثلاثية لترسيم الحدود البحرية مع "اسرائيل" والأمم المتحدة.

بالإضافة الى ذلك يعتبر نركيزيان، إن حكومة الولايات المتحدة لا تزال ترى قيمة حاسمة في الجيش اللبناني كعنصر فاعل لتحقيق الاستقرار الذي هو نفسه بحاجة إلى الحفاظ على استقراره، وحقيقة أنه إذا لم تكن واشنطن شريكًا نشطًا في محاولة الحفاظ على تماسك الجيش اللبناني واستغلاله، أو حصول ما هو أسوأ من قبل دول مثل إيران وروسيا وحتى سوريا يمكن أن تفعل ذلك.

- تسعى قوى نافذة في الكونغرس الامريكي إلى اصدار قانون لتجريم منظمات مسلحة كحزب الله وحلفائه في المنطقة كالفصائل الفلسطينية والعراقية واليمنية تحت عنوان "مكافحة استخدام الدروع البشرية من قبل ارهابيين" ويبدو أن خطوات ديبلوماسية ستتلو إقرار هذا القانون لطرحه في الأمم المتحدة وجعله أيضًا قرارًا ملزمًا في مجلس الامن الدولي.

- مؤشرات تدل على أن ألمانيا بصدد جس نبض حزب الله لتخفيف الاجراءات ضده في ألمانيا لقاء مكاسب ألمانية في سوريا وإيران.

كيان الاحتلال

- تدرس "اسرائيل" فكرة قيام بعض اجهزتها الاستخبارية بنشاط تجسس صناعي لتنظيم عملية استطلاعية طويلة الامد في دول الخليج لرصد النشاط والاستثمارات الصينية هناك وانشاء قاعدة بيانات للاستثمارات الصينية في منطقة غرب آسيا ككل، يقوم الكيان بتقاسمها مع واشنطن. وتعتقد الجهات التي طرحت الفكرة أنه "يجب على اسرائيل ايضًا توسيع آلياتها للإشراف على الاستثمارات، من أجل ضمان تنظيم منسق مع الولايات المتحدة ضد المخاطر المشتركة التي يواجهها كلا البلدين".

- خلاف قوي في المؤسسة السياسية الاسرائيلية على تقييم الاضرار الناتجة عن معركة "سيف القدس" وعلى معايير ومسؤوليات الجهات المسؤولة عن هذه التقديرات، حيث تبين أن هذه الجهات أي وزارة الدفاع من جهة ووزارة المالية من جهة أخرى، لها مصالح متعارضة في هذا الشأن.

- نصح الأمريكيون حكومة بينيت بتجنب المواجهة الذي تبناه نتياهو مع العرب وتوجيه موارد اقتصادية كبيرة نحو القطاع العربي المهمل مما سيقوي الاحزاب والقوى العربية التي تؤيد التحالف والاندماج في الكيان.

سوريا

- ما رشح من مداولات في قمة مجموعة السبع الكبار التي عقدت في بريطانيا، معطوفًا على ما أنتجته اللقاءات الأمريكية مع عدد من الدول العضاء في الناتو خلال الاسابيع الماضية، ثبت ادراج سوريا كمنطقة عمليات رئيسية للناتو، مما يؤشر إلى أن الامريكيين يحضرون لشيء ما في سوريا ضد الفاعلين الخارجيين الداعمين للحكومة السورية (دول ومنظمات).

- من المتوقع أن تشن واشنطن وحلفائها الاوروبيين حملة شرسة عبر المنظمات الدولية في الاسابيع القادمة لزيادة الضغط على الحكومة السورية وعلى الوجود الروسي في سوريا. فبعدما فشل بايدن في اقناع بوتين بفتح أكثر من معبر لتمرير المساعدات الامريكية والاوروبية الى سوريا، تدرس أمريكا إعادة تحريك ملفي سوريا وروسيا في منظمة الصحة العالمية ومنظمة حقوق الانسان ومنظمة الحد من الاسلحة غير التقليدية، وقد أبدت مصادر أمريكية في سوريا انزعاجها لاستهداف دورية سورية في ريف حلب الشمالي مما تسبب بمقتل ضابط روسي واستخدام الروس لهذا العمل كحجة في مجلس الامن للدفاع عن صوابية الرأي الروسي في قضية المعابر.

- تعتبر المصادر الامريكية المعنية بالملف السوري أن الغارات الروسية التي استهدفت مؤخرًا هيئة تحريرالشام في إدلب لم تكن تهدف إلى محاربة الارهاب، بل كانت رسالة إلى الولايات المتحدة حول النفوذ الروسي في سوريا قبل الاجتماع مع بايدن، حيث قد يسعى بوتين إلى تخفيف العقوبات من الولايات المتحدة مقابل فتح طرق المساعدات عبر الحدود. بالإضافة إلى ذلك، تستعد شركات الطاقة الروسية للحصول على مزيد من السيطرة على نفط سوريا، وبالتالي يؤكد الكرملين مزيدًا من زيادة نفوذه في سوريا والبحر المتوسط.

- رصد تقرير استخباراتي لوزارة الدفاع الامريكية أنشطة لفصائل "موالية للنظام السوري وايران"، تعمل على بناء علاقات مع القبائل المحلية في شرق سوريا لإضعاف الوجود الأمريكي هناك، واعتبر التقرير الاستخباراتي الذي تم تسليمه إلى الكونغرس، بحسب ما نقلت صحيفة "الشرق الاوسط" أن "ايران وروسيا و حزب الله اللبناني، يحاولون تأمين وجودهم العسكري والاقتصادي الدائم بالمنطقة".

إيران

- لا يمكن الحكم بعد على حقيقة موقف الادارة الامريكية من فوز السيد ابراهيم رئيسي بالانتخابات الرئاسية الايرانية، ففي حين يقدر الصقور بأن السيد رئيسي سيقلص فرص المناورة التي كانت تسعى واشنطن لاستغلالها بوجود الشيخ روحاني فإن "حمائم" الادارة الأمريكية إن جاز التعبير يعتبرون أن غياب الازدواجية أو الثنائية ستقلل فرص ايران بالمناورة وتلزمها بحسم سريع للملف النووي سلبًا أو ايجابًا.

- رغم قلقها واتساع النقاش حول موضوع ارسال ايران لسفن عسكرية الى فنزويلا، يبدو أن الادارة الامريكية ما زالت تدرس خياراتها في هذا المجال وعلى رأسها خيارين:

1- منع السفن من الرسو في أي دولة في أمريكا اللاتينية والضغط على هذه الدول لعدم استقبال هذه السفن أو تزويدها بالمؤن والوقود.

2- القيام بعملية عسكرية بحرية مشتركة مع دول أمريكا اللاتينية لإبعاد تلك السفن ما أمكن إلى أعالي المياه في المحيط.

- قدر مركز أبحاث "هوفر" بأن الصين تعمل وفق خطة استراتيجية لإبقاء الولايات المتحدة متورطة في مستنقع طويل الامد في الشرق الاوسط بأكمله، حيث أن إيران الاكثر استقرارًا من الناحية المالية سترعى بشكل أكثر نشاطًا "الارهاب والجهات المارقة" في المنطقة.

العراق

تقديرات عسكرية تفيد أن تهديد الطائرات بدون طيار المسلحة والموجهة بنظام تحديد الموقع العالمي أصبح مشكلة خطيرة للقوات الامريكية في مسرح العمليات في العراق. ومن المرجح أن يزداد التهديد الذي تشكله هذه الطائرات في الأشهر والسنوات المقبلة.

السلطة الفلسطينية

تجمعت عدة مؤشرات لتؤكد أن الادارة الامريكية الجديدة قد تخلت نهائيًا عن فكرة "صفقة القرن" واستبدلتها بمشروع حل الدولتين، حيث أن مصادر البيت الأبيض أكدت أنها وخلال معركة "سيف القدس" تمكنت من التقرب أكثر من السلطة الفلسطينية وعقدت معها تفاهمًا بشأن موضوع الدولتين وما يرتبط بهما من التزامات على الأمريكيين والفلسطينيين، ويبدو في هذا المجال أن المبعوث الأمريكي هادي عمرو للشؤون الفلسطينية قد يفتح لإدارته فرصة أكبر للتعاطي مع السلطة الفلسطينية في الترتيبات القادمة.

اليمن

- أعاد البنتاغون بشكل كلي ربط منطقتي الحوض الشرقي للمتوسط والبحر الأحمر بعدما تجاهلهما طيلة فترة حكم ترامب، مما يؤشر أن استعجال المفاوض لفرض الحل في اليمن قد يكون إلى حد كبير مرتبطًا بالنزاع القادم في البحر الأحمر مع إبقاء عدم ابعاد تأثير النزاع اليمني على السعودية من الحسبان.

- نتيجة لدورها القريب من المفاوض اليمني وعلاقتها القوية بأنصار الله تسعى كل من بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية الى نسف دور الوساطة العمانية في الازمة اليمنية وهناك نقاش أمريكي وبريطاني لإنهاء أي أدوار وساطة لسلطنة عمان في كل أنحاء المنطقة.


المصدر: مركز دراسات غرب آسيا




روزنامة المحور