الجمعة 19 تشرين ثاني , 2021 05:08

كيف دعمت قطر الجماعات المسلحة في سوريا وليبيا؟

جماعات مسلحة

سعت قطر لانتهاج سياسة خارجية توسعية تجاه محيطها الإقليمي والدولي من خلال عدد من الأدوات التي مكنتها من لعب دور تدخلي بارز في عدد كبير من القضايا الاقليمية، بدأ هذا الدور يتوسع مع ثورات "الربيع العربي" عبر دعم الإخوان المسلمين في مصر وتسخير وسائلها الإعلامية لهم، وتوسعت مع إنطلاق الأزمة في سورية حيث لعبت دورًا كبيرًا فيها على عدة أصعدة عسكرية وسياسية. 

كانت قطر سباقة في دعمها للمعارضة السورية _ خاصة الحركات ذات الطابع الإسلامي _ في حراكها ضد الدولة السورية، ولعبت دوراً خطيراً في تسليح الحراك السوري، أنه بات من المسلم به أنها أنفقت ملايين الدولارات على أطراف سياسية وجهات خدمية وكذا فصائل عسكرية في مضمار موقفها من الأزمة السورية ووجهة نظرها إزائها. 

في الأشهر الأولى الصاخبة من الربيع العربي بلورت قطر، عبر شبكة الجزيرة الفضائية، سرديات الاحتجاج البازغة، كما عبأت الدعم العربي، بداية لصالح التدخّل الدولي في ليبيا في آذار/مارس 2011، ثم لاحقاً لفرض العزل الدبلوماسي على الدولة السورية.

وامتلكت قطر، على وجه الخصوص، القدرة على تحويل الكلمات إلى أفعال، لأنها تسنّمت الرئاسة الدورية للجامعة العربية في الفترة 2011-2012، وشعرت براحة أكبر من الدول المجاورة إزاء رياح التغيير السياسي في الدول التي لفح وجهها "الربيع العربي".  

لقد قرّرت الدوحة دعم الإسلاميين في المنطقة نظراً إلى اعتياد الحكومة القطرية منذ فترة طويلة توفير ملاذٍ للإسلاميين والمعارضين السياسيين من مختلف أرجاء العالم العربي والإسلامي، وقد تقاطعت هذه العوامل في علاقة قطر الوثيقة بجماعة الإخوان المسلمين.  وأقامت، نتيجةً لتواصلها مع شخصيات إسلامية، روابط مع العديد من قادة الجماعات الإسلامية الذين اضطّلعوا بأدوار قيادية في الاضطرابات والأحداث في تونس ومصر وليبيا وسورية واليمن.  

وعلى الرغم من الانتقادات الدولية، قامت قطر بإيواء الجماعات المسلحة في سوريا، ما جعل الولايات المتحدة ترى في حليفتها المقرّبة بؤرةً لتمويل الإرهاب، إلى حد أن واشنطن وصفت هذه الدولة الخليجية الصغيرة بأنها بيئة متساهلة مع تمويل الجماعات الإرهابية. واعتقدت واشنطن أن أفراداً في قطر يساهمون على المستوى الشخصي في تمويل تنظيم "داعش" وغيره، لا بل تعتبر أنها لا تبذل جهوداً كافية لوضع حد لهذه الظاهرة.

وذكر نائب وزير الخزانة الأمريكية ديفيد كوهين أن قطر على وجه الخصوص، تعطي "صلاحية سامحة" لتمويل الإرهاب، ولاحظ كوهين أن الرقابة القطرية متساهلة لدرجة أن"عدداً من من الممولين الذين يتخذون من قطر مقراً لهم يعملون كممثلين محليين لشبكات أكبر لتمويل الإرهاب مقرها الكويت. 

وأضاف كوهين، أن قطر  دعمت تنظيمات متشددة تعمل في سوريا، وقد وضعت وزارة الخزانة الأميركية الأكاديمي ورجل الأعمال القطري عبد الرحمن النعيمي على قائمة الإرهاب في كانون الأول/ ديسمبر 2014، وأشارت إلى أنه "أمر بتحويل نحو 600 ألف دولار لـ تنظيم القاعدة عبر ممثل لها في سوريا هو أبو خالد السوري، وكان ينوي تحويل 50 ألف دولار إضافية." 

وذكرت الخزانة أن النعيمي لم يبخل على تنظيمات أخرى بالمال، وأرسل أموالاً لـ تنظيم داعش في العراق". واعترف رئيس وزراء قطر السابق  حمد بن جاسم بن جابر آل ثاني، بوجود روابط بين حكومته وفروع القاعدة في سوريا.

وقال في مقابلة مع التلفزيون القطري إن "حكومته كانت ستنهي الدعم لجماعات مثل جبهة النصرة بعد فترة من الزمن عندما أصبح عملها غير مقبول. وكشف عن أن "دعم المعارضة السورية المسلحة كان يحصل بموافقة الولايات المتحدة الأميركية وتركيا، وكان توزيع المساعدات يحصل بعلمهما"، مشيراً إلى أنه كان "هناك تنسيق في هذا الأمر بين قطر والسعودية في عهد الملك عبد الله".  

لقد دعمت قطر خلال الحرب على السورية، مختلف الجماعات المسلحة، سواء تلك التي انضوت في كنف "الجيش السوري الحر"، أو التنظيمات التي تتبع "الإخوان المسلمين"، وتنظيم "القاعدة"، بشكل أدى إلى تقوية هذه الجماعات وانتشارها، ما أدى إلى تأزيم الوضع في سوريا، وضرب بنية الدولة، وسيطرة "داعش" و"جبهة النصرة" ما انعكس على استقرار وأمن الدولة السورية، وتهديد  الأمن القومي العربي نتيجة انتشار الإرهاب في معظم الدول العربية، لكن هذا الدور الذي كان علنياً وواضحاً في السابق، لم يعد كما هو اليوم، أو على الأقل بات غير واضح.

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة رأي الموقع


الكاتب:

د.علي مطر

باحث في العلاقات الدولية 

[email protected]




روزنامة المحور