الخميس 22 كانون الاول , 2022 01:05

من جرائم اليهود المالية الكبرى

يهود فاسدون

"الجرائم المالية" هي الجرائم التي يرتكبها بعض كبار المموّلين، مثل جرائم التزييف والغش التجاري والتهريب. وقد لُّوحظ ازدياد نسبة ارتكاب مثل هذه الجرائم بين أعضاء الجماعات اليهودية، عن النسبة العامة السائدة في المجتمع، ومن المعروف أن هذه الجرائم انتشرت بين أعضاء الجماعات اليهودية في القرن التاسع عشر إلى درجة اضطرت معها الحكومات الى استصدار تشريعات خاصة.

ولكن لا تزال تظهر من آونة إلى أخرى فضيحة مالية ضخمة يتورط فيها أعضاء الجماعات اليهودية بشكل ملحوظ. ولقد شهد القرن التاسع عشر واحدة من أهم فضائح الفساد المالي والسياسي التي هزت المجتمع الفرنسي، وهي فضيحة انهيار شركة قناة بنما، والتي اعتبرت آنذاك أكبر سقطة مالية في تاريخ فرنسا، وقد تورط في هذه الفضيحة التي عُرفت باسم "فضيحة بنما" ثلاث شخصيات؛ هي: من أعضاء الجماعات اليهودية هم: البارون جاك دي رايناخ (مصرفي ومالي من أصل ألماني والوكيل المالي للشركة)، وكورنيليوس هرتز (طبيب أميركي)، وليوبولد إميل أرتون (مغامر فرنسي).

وترجع بدايات الفضيحة إلى عام 1888، حينما واجهت شركة قناة بنما أزمة مالية حادة نتيجة جملة من العوامل الطبيعية والمشاكل الفنية وسوء الإدارة. وكان الحل الوحيد أمام الشركة هو طرح سندات يانصيب لجمع الأموال اللازمة. ولكن ذلك كان يستلزم الحصول على موافقة البرلمان الفرنسي ولكن بعض الدوائر تؤكد أن وضع الشركة والمشروع قد انهار، وأن طرح سندات اليانصيب لن يجدي نفعاً.

ولذلك، لجأت الشركة إلى رشوة بعض أعضاء البرلمان الفرنسي الذين صوتوا بالفعل لصالح مشروع اليانصيب. لكن المشروع انهار، واعتبر انهيار الشركة أكبر سقوط مالي في فرنسا حتى ذلك الحين، حيث أدَّى إلى ضياع أموال أكثر من 800 ألف من المواطنين الفرنسيين من المساهمين في الشركة.

 ولم تتفجر فضيحـة قناة بنمـا إلا بعد سـقوط الشـركة بثلاث سنوات، حينما نشرت صحيفة لا ليبر بارول “La Libre Parole” التي أسسها إدوارد درومون المعادي لليهود سلسلة من المقالات تحت عنوان « أسرار بنما» ادعى فيها كشف النقاب عن "المؤامرة اليهودية" وراء كارثة بنما واتهم رايناخ بالتورط في رشوة أعضاء البرلمان الفرنسي. وكان من مفاجآت التحقيقات اللاحقة اكتشاف أن رايناخ (محور المؤامرة اليهودية) كان هو نفسه مصدر معلومات درومون، حيث تبين أنه في أعقاب تفجير القضية على صفحات الجريدة أبرم رايناخ اتفاقاً مع درومون يقضي بإخراج اسمه من موضوعات الصحيفة مقابل قيام رايناخ بتوفير جميع المعلومات المتصلة بالقضية وبتجاوزات الشركة.

وفي القرن العشرين، تعددت الفضائح المالية التي تورطت فيها شخصيات يهودية، ففي السبعينيات من القرن الماضي، أسس الأميركي برنارد كورنفلد مؤسسة استثمار أموال مشتركة في سويسرا باسم "إنفستورز أوفرسيز سيرفيسيز Investors Overseas Services" ونجح في جذب مستثمرين من أكثر من مائة دولة بلغت قيمة أموالهم المودعة لدى شركته ملياري دولار. ولم تجتذب شركته هذا الحجم من الأموال بفضل خبرتها في إدارة الأموال ولكن بفضل خبرتها في تهريب الأموال والعملات، وبخاصة من دول العالم الثالث. واكتسب كورنفلد عداء كثير من السلطات المالية في دول عديدة، وأثار قلق دوائر المالية السويسرية الحريصة على صورتها وسمعتها العالمية. وانهارت شركته بعد أن انخفضت قيمة بعض الأصول المهمة المملوكة لها وهبطت سوق الأوراق المالية الأميركية التي كانت أغلب أموال الشركة مستثمرة فيها. كما نجحت السلطات المالية السويسرية في اتخاذ إجراءات قانونية ضده، فسُجن لمدة عام ثم أُطلق سراحه بكفالة مالية.

وقد كان كورنفلد على علاقة بشخص ساهم في دفع كفالته يُدعى تيبور بنحاس روزنباوم، الذي تورط هو الآخر في فضيحة مالية كبرى، وروزنباوم يهودي سويسري من أصل مجري، كان والده حاخاماً، كما درس هو أيضاً ليصبح حاخاما. وخلال الحرب العالمية الثانية، عمل روزنباوم في المقاومة المجرية، وشارك في تهريب اليهود، وبعد الحرب، عمل لصالح الوكالة اليهودية، واشترك في عمليات تهجير وتوطين اليهود في فلسطين. كما كان عضواُ في المؤتمر اليهودي العالمي وفي حركة مزراحي الدينية الصهيونية. وعقب إقامة الكيان المؤقت، أسس رزونباوم شركة تجارية سويسرية – إسرائيلية.

وكان روزنباوم قد أسس مصرفاً في سويسرا باسم "انترناشيونال كريديت بنك" اعتمد على الايداعات السرية لأموال غير معلومة المصدر من اليهود الفرنسيين والمافيا الأميركية. وكان يتم تحويل هذه الأموال عن طريق فرع المصرف في جزر البهاماس. واستخدم روزنباوم مصرفه لتحويل بعض الأموال لشركة كورنفلد. كما قدَّم المصرف خدمات مالية للكيان المؤقت حيث يُقال إنه دبر قرضاً لوزارة الحرب الإسرائيلية قيمته وقتذاك 7 ملايين من الدولارات خلال 24 ساعة وتَلقَّى مقابلة ذلك عمولة قدرها نصف مليون دولار. كما شارك روزنباوم في تمويل بعض الشركات الإسرائيلية ومن بينها "إسرائيل كوربوريشن"، التي كانت عضواً في مجلس ادارتها، وهي شركة استثمارية قام بتأسيسها مجموعة من أثرياء اليهود في مقدمتهم إدموند دي روتشيلد الذي ترأس مجلس إدارتها. وترأس الشركة مايكل تسور. وقام روزنباوم وتسور، معاً، بتحويل عشرين مليون دولار من أموال الشركة إلى مصرف روزنباوم في سويسرا دون تفويض من المساهمين أو الأشخاص المعنيين. وقام روزنباوم بتحويلها بدوره إلى إمارة ليخنتشاين، واستخدم الأموال في بعض مشاريعه الخاصة. أما تسور، فكان يتلقى فائدة قدرها 8% على هذه الأموال، بينما كان يدفع للمستثمرين في الشركة 6.5% فقط ويضع الفارق في جيبه. وقد كشف إدموند دي روتشيلد النقاب عن هذه العمليات وهدّد بوقف انفاقاته في الكيان المؤقت إذا لم يتم إجراء تحقيق شامل في الأمر. وقد أدين تسور بأربع عشرة تهمة، وحُكم عليه بالسجن لمدة 15 عاماً. وفي سويسرا، تم إغلاق مصرف روزنباوم، الذي سُجن ثم أُفرج عنه بكفالة مالية قيمتها مليونان من الدولارات وهي كانت أعلى كفالة في تاريخ سويسرا.   


الكاتب: نسيب شمس




روزنامة المحور