الإثنين 03 آذار , 2025 01:26

الأمن القومي الإسرائيلي: مبادئ توجيهية للعقيدة والسياسة

الأمن القومي الإسرائيلي

مع بداية عصر جديد في الشرق الأوسط، نتيجة الأحداث الدراماتيكية التي كانت "إسرائيل" طرفاً فيها، وبعد النكسات التي تعرّض لها الأمن القومي الإسرائيلي منذ عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، مروراً بحربي لبنان وغزة، أصبح من واجب "الدولة الإسرائيلي" إعادة تشكيل استراتيجية أمنها القومي، على ضوء التجارب السابقة والتحديات القادمة.

في هذا الإطار، نشر معهد الأمن القومي الإسرائيلي، دراسة مفصّلة، ترجمها موقع الخنادق، بعنوان "الأمن القومي لدولة إسرائيل: المبادئ التوجيهية للعقيدة والسياسة لفترة 2025-2026"، تقوم الدراسة على إعادة صوغ عقيدة الأمن القومي الإسرائيلي وتقديم توصيات سياسية بحسب كل منقطة من مناطق الصراع. يمكنكم تحميلها بشكل كامل في الأسفل.

النص المترجم للمقال

تحدد هذه الوثيقة عقيدة الأمن القومي الإسرائيلي وتقدم توصيات معهد دراسات الأمن القومي بشأن التحديات القادمة. والسياسات المقترحة مهنية وأخلاقية، وتوازن بين الواقعية والالتزام القائم على القيم بحماية الهوية الوطنية والأمن الإسرائيلي.

الافتراضات الأساسية التي تقوم عليها هذه الوثيقة هي:

- إسرائيل دولة يهودية وديمقراطية

- إسرائيل تريد أن تنتمي إلى العالم الليبرالي الديمقراطي

- إسرائيل هي الدولة القومية للشعب اليهودي

- يتألف المجتمع الإسرائيلي من مواطنين من مجموعات عرقية وأديان ودول مختلفة، في حين أن غالبية مواطنيه هم من اليهود.

- جيش الدفاع الإسرائيلي هو جيش يعتمد على التجنيد، ويعتمد في الأصل على الخدمة الوطنية الإلزامية

- تتميز البيئة الإقليمية لإسرائيل بعدم الاستقرار والصراع العنيف

- يعتمد الاقتصاد الإسرائيلي على العلاقات والتجارة الدولية.

لقد تم إعداد هذه الوثيقة في خضم حرب مطولة أكدت على الحاجة إلى إعادة تقييم وتكييف عقيدة الأمن القومي الإسرائيلي. لقد هزت الحرب التي بدأت في السابع من أكتوبر 2023 أسس الأمن القومي الإسرائيلي، وكشفت عن فشل عميق للمؤسسة الدفاعية في مهمتها الأساسية - حماية مواطني البلاد. تلوح هذه الحقيقة بشكل كبير فوق التحليل المقدم هنا. في حين أن التداعيات الكاملة لم تتضح بعد، فإن الحرب والإخفاقات التي كشفت عنها توفر السياق الأكثر أهمية لمراجعة استراتيجية الأمن القومي.

خلاصة الدراسة

إن إسرائيل المعاصرة، ربما أكثر من أي وقت مضى، تحتاج إلى عقيدة أمنية وطنية مقبولة على نطاق واسع ـ ترتكز على القيم التي نص عليها إعلان استقلال إسرائيل. وتتلخص أهدافها الشاملة في ضمان أمن إسرائيل وازدهارها وطابعها الديمقراطي اليهودي، مع أغلبية يهودية راسخة وحدود قابلة للدفاع عنها ومعترف بها.

لقد أعادت الحرب الحالية تشكيل الشرق الأوسط في خضم صراع عالمي بين القوى التي تسعى إلى تفكيك النظام الليبرالي وتلك التي تدافع عنه. وفي هذا السياق، تشهد المنطقة منافسة ثلاثية: ما يسمى "محور المقاومة" الإيراني، وجماعة الإخوان المسلمين (بدعم من تركيا وقطر)، وتحالف من الدول المعتدلة ــ بما في ذلك إسرائيل ومصر والأردن ودول الخليج ــ التي تسعى إلى تحقيق الاستقرار والتقدم المشترك.

إن إضعاف محور إيران وحماس يفرض على إسرائيل مجموعة متنوعة من المخاطر والفرص. وربما للمرة الأولى، هناك إمكانية لمتابعة رؤية أمنية دبلوماسية جريئة: حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من موقع قوة مع تعميق العلاقات الاستراتيجية مع دول الخليج من أجل إضعاف إيران وعزلها. ومن الممكن أن تضع مثل هذه الشبكة الأساس لكتلة إقليمية تعمل على تعزيز المكانة العالمية لأعضائها.

التوصيات السياسية الرئيسية، حسب المنطقة

الساحة العالمية

إن إسرائيل مطالبة بتعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة من خلال إبرام معاهدة دفاعية، وتعزيز الدعم الحزبي، وإشراك اليهود الأميركيين. ولمنع العزلة الدبلوماسية، يتعين على إسرائيل أن تؤكد على القيم الديمقراطية المشتركة مع الغرب ــ وهو الجهد الذي تدعمه التقدم المحرز في القضية الفلسطينية.

الساحة الإقليمية

إيرانعلى إسرائيل أن تستعد لثلاثة سيناريوهات:

- اتفاق نووي جديد بين الولايات المتحدة وإيران – ينبغي لإسرائيل أن تشكل المفاوضات، وليس أن تقاومها، لضمان عدم حصول إيران على أسلحة نووية.

- نجاح إيران في الحصول على السلاح النوويوهذا يتطلب رداً عسكرياً فورياً، ويفضل أن يتم التنسيق مع الولايات المتحدة.

- جمود طويل الأمدمن المتوقع أن تستمر الضغوط الاقتصادية والعمليات السرية في إضعاف النظام.

سوريا: هناك ثلاث نتائج محتملة تتطلب اتخاذ تدابير مضادة مختلفة:

- دولة إسلامية – يجب على إسرائيل مواجهة التهديدات الجهادية بالقرب من حدودها.

- سوريا مستقرة مع حكومة معتدلة – ينبغي لإسرائيل أن تقيم علاقات سرية لمراقبة التطورات.

- سوريا المنقسمةينبغي لإسرائيل أن تدعم الفصائل المعتدلة لمنع انتشار عدم الاستقرار.

تركيا: نظراً لدور أنقرة في الإسلام السياسي، فيتعين على إسرائيل أن تراقبها باعتبارها تهديداً محتملاً ــ ولكن ليس كجزء من تهديد مرجعي للبناء العسكري ــ مع الحفاظ على التواصل الدبلوماسي. ويتعين على إسرائيل أيضاً أن تدفع باتجاه إنهاء مقاطعة تركيا التجارية.

لبنان: يجب على إسرائيل منع تعزيز حزب الله عسكرياً وتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار لعام 2024 وقرار مجلس الأمن رقم 1701. وإذا استقر لبنان، فيجب على إسرائيل السعي إلى اتفاقيات حدودية وحتى محادثات السلام.

الساحة الفلسطينية

يتعين على إسرائيل أن تعطي الأولوية لعودة جميع الرهائن، حتى ولو كان ذلك على حساب وقف إطلاق النار وانسحاب قوات الدفاع الإسرائيلية من غزة. ويتعين على إسرائيل أيضاً أن تحتفظ بالسيطرة الأمنية الكاملة على قطاع غزة (على غرار المنطقة ب في الضفة الغربية) من أجل منع حماس من إعادة بناء قدراتها. ولابد من نقل الحكم المدني في غزة إلى كيان فلسطيني محايد غير حزبي (بدون مشاركة حماس أو فتح)، ويحظى بدعم إقليمي ودولي.

وبناء على ذلك، وفي ظل الواقع الحالي، لابد من إعادة تعريف الإطار من خلال إصلاحات شاملة في السلطة الفلسطينية. وفي سياق التطبيع السعودي الإسرائيلي المحتمل، لابد من تنفيذ تدابير بناء الثقة بين الجانبين، وضمان الفصل الكامل في الأراضي، والحكم، والإطار الاقتصادي المستقل.

وبصرف النظر عن خريطة الطريق هذه، يتعين على إسرائيل مكافحة الإرهاب الفلسطيني دون قيد أو شرط، بالتنسيق مع الجهات الفاعلة الإقليمية وقوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية. ولا ينبغي ضم أي أرض خارج اتفاق شامل، لأن الضم من جانب واحد من شأنه أن يعمق عزلة إسرائيل الدبلوماسية ويسرع التحولات الديموغرافية، ويحولها في نهاية المطاف إلى دولة ثنائية القومية ذات أغلبية عربية.

الساحة المحلية

إن عودة جميع الرهائن تشكل ضرورة أساسية لتعافي إسرائيل الوطني. والفشل في تأمين إطلاق سراحهم من شأنه أن يؤدي إلى تعميق الأزمة الداخلية المستمرة.

ولتعزيز التماسك الوطني، يتعين على إسرائيل أن:

- تحد من عدم المساواة من خلال التشريعات المتعلقة بتقاسم الأعباء الأمنية والأحوال المدنية.

- الحفاظ على التوازن بين جميع فروع الحكومة دون تفاقم الانقسامات المجتمعية.

- توسيع ميزانية الدفاع بحكمة ــ استناداً إلى استراتيجية أمنية وطنية متفق عليها، بدلاً من الاستجابات قصيرة الأجل للحرب الحالية.

إن تحسن الوضع الأمني ​​يسمح بتخصيص المزيد من الموارد للتعليم والبنية الأساسية والصحة والاقتصاد لمواجهة بعض المخاطر المدروسة. ولابد أن تعطي جهود إعادة الإعمار الأولوية لإعادة تأهيل المناطق المتضررة من الحرب، بما يتناسب مع احتياجاتها الفريدة. ولابد أن تزدهر منطقة النقب الغربي وشمال إسرائيل، وبالتالي تعزيز قدرة المجتمع الإسرائيلي على الصمود. وتشكل إعادة بناء هذه المناطق التي مزقتها الحرب أولوية وطنية، مع تخصيص الموارد اللازمة لتعافيها وتنميتها، وضمان ازدهارها وتعزيز قدرتها على الصمود على المستوى الوطني.


المصدر: معهد دراسات الأمن القومي

الكاتب: تمير هيمان




روزنامة المحور