الأربعاء 08 تشرين أول , 2025 03:43

21.7 مليار دولار من الدعم الأميركي لإسرائيل غذّت إبادة غزة

غزة والعلمين الإسرائيلي والأميركي

تُظهر الحرب على غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 كيف أن الدعم الأميركي غير المحدود لإسرائيل تجاوز حدود التحالف التقليدي، ليتحول إلى شراكة مباشرة في الدمار والمعاناة الإنسانية. فبينما تتحدث واشنطن عن "القيم" و"النظام الدولي القائم على القواعد"، كانت مليارات الدولارات من الأسلحة والتمويل تتدفق لتغذية آلة الحرب الإسرائيلية، مانحةً تل أبيب القدرة على مواصلة الإبادة والتدمير دون رادع.

كشف تقرير صادر عن معهد كوينسي، ترجمه موقع الخنادق، أن الولايات المتحدة قدمت لإسرائيل مساعداتٍ عسكريةً بلغت 21.7 مليار دولار منذ اندلاع الحرب، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف الدعم السنوي المعتاد الذي تم تحديده في الاتفاقية العشرية البالغة 38 مليار دولار. هذه الأموال، إلى جانب الأسلحة التي وصلت سريعًا من المخازن الأميركية بقيمة تفوق 4 مليارات دولار، كانت العمود الفقري للحملة الإسرائيلية التي حصدت أرواح عشرات الآلاف من الفلسطينيين، ودفعت خبراء إلى وصفها بأنها "إبادة جماعية".

الاعتماد الإسرائيلي الكامل على المنظومات الأميركية يتجلى في كل تفاصيل المجهود الحربي: الطائرات المقاتلة من طراز إف-15 و16 و35، والمروحيات الهجومية، وقطع الغيار والصيانة التي لا يمكن للجيش الإسرائيلي الاستمرار من دونها. وبذلك، فإن الولايات المتحدة تمتلك فعليًا مفتاح وقف الحرب، لكنها ترفض استخدامه سواء في عهد ترامب أو بايدن.

إلى جانب التكلفة الإنسانية، يبرز البعد الاقتصادي لهذه الشراكة المدمّرة. فقد قدّرت دراسة الخبيرة ليندا بيلمز من جامعة هارفارد أن العمليات العسكرية الأميركية في المنطقة - من مواجهة أنصار الله في اليمن إلى قصف إيران - كلّفت ما بين 9.6 و12.7 مليار دولار منذ بدء حرب غزة، ما يجعل من الدعم الأميركي لإسرائيل عبئًا ماليًا إضافيًا على دافعي الضرائب الأميركيين.

أما التبعات الإنسانية فهي كارثية بكل المقاييس. تشير دراسات مشروع "تكاليف الحرب" إلى أن أكثر من 236 ألف فلسطيني في غزة قُتلوا أو جُرحوا، أي ما يعادل 10% من سكان القطاع، فيما نزح أكثر من 5 ملايين شخص في غزة والمنطقة المحيطة منذ بدء الحرب. هذه الأرقام تعكس حجم الكارثة التي غذتها واشنطن بأسلحتها وأموالها، والتي حوّلت غزة إلى مأساة إنسانية كبرى.

إن استمرار الولايات المتحدة في دعم إسرائيل لا يهدد فقط استقرار الشرق الأوسط، بل يُقوّض مكانتها الأخلاقية والسياسية عالميًا. فكيف يمكن لدولة تموّل حربًا توصف بأنها إبادة جماعية أن تعظ الآخرين بحقوق الإنسان أو تتحدث عن "القانون الدولي"؟ ومع كل غارة وصاروخ ممول من الخزانة الأميركية، تتآكل مصداقية واشنطن كقوة تدّعي الدفاع عن العدالة.

النص المترجم للمقال

يُظهر تقرير جديد كيف كان الدعم الأمريكي ضروريًا لما يطلق عليه العديد من الخبراء الآن إبادة جماعية

كشف تقرير صدر اليوم عن معهد كوينسي ومشروع تكاليف الحرب في جامعة براون أن الولايات المتحدة قدمت مساعداتٍ عسكريةً لإسرائيل بقيمة 21.7 مليار دولار منذ اندلاع الحرب في غزة إثر هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي أودى بحياة 1200 شخص في إسرائيل، معظمهم من المدنيين. ووصف عددٌ من الخبراء المستقلين الرد الإسرائيلي، الذي أودى بحياة عشرات الآلاف من الفلسطينيين، بأنه إبادة جماعية.

سواءٌ وصفنا أفعال إسرائيل بالإبادة الجماعية، أو سلسلة من الانتهاكات الصارخة لقوانين الحرب، أو اكتفينا باستعراض الخسائر البشرية، فقد ظلّ أمرٌ واحدٌ ثابتًا: الدعم العسكري والمالي الأمريكي للمجهود الحربي الإسرائيلي. يُعادل مبلغ 21.7 مليار دولار من المساعدات العسكرية الأمريكية المُقدّمة لإسرائيل في السنوات القليلة الماضية ما يقرب من ثلاثة أضعاف المبلغ الذي كانت ستحصل عليه تلك الدولة خلال عامٍ عادي، بناءً على التزامٍ بقيمة 38 مليار دولار لمدة عشر سنوات تفاوضت عليه إدارة أوباما.

ما كانت إسرائيل لتُلحق هذا الدمار بغزة لولا الأسلحة والتمويل الأمريكي، وستُقوّض قدرتها على توسيع نطاق الحرب لتشمل المنطقة بأسرها بشدة. وبينما قد لا تصل بعض الأسلحة المقرر دفع ثمنها من المساعدات الأمريكية قبل أشهر أو سنوات، فقد وصلت أسلحة بقيمة تزيد عن 4 مليارات دولار من المخازن الأمريكية في وقت قصير.

كان من الصعب على إسرائيل أيضًا خوض الحرب بهذه الوتيرة لولا مساعدة الولايات المتحدة في الصيانة وقطع الغيار. ذلك لأن كامل مخزون الطائرات المقاتلة الإسرائيلية يتكون من طائرات إف-15 وإف-16 وإف-35 الأمريكية، وكذلك معظم مروحياتها الهجومية.

باختصار، تستطيع الولايات المتحدة تقويض قدرة إسرائيل على شنّ حرب بشكل كبير إذا قطعت عنها الأسلحة والتمويل وقطع الغيار. لكن لا إدارة بايدن ولا إدارة ترامب اختارت فعل ذلك.

Top of Form

Bottom of Formوكما توضح دراسة جديدة أخرى بعنوان "تكاليف الحرب " للخبيرة الاقتصادية ليندا بيلمز من جامعة هارفارد، فإن المساعدات العسكرية ليست التكلفة الاقتصادية الوحيدة لدعم الولايات المتحدة لحرب إسرائيل على غزة. فقد كلفت العمليات العسكرية الأمريكية في المنطقة - بما في ذلك خوض معارك ضد قوات الحوثيين في اليمن وقصف إيران - ما بين 9.6 مليار دولار و12.7 مليار دولار منذ بدء حرب غزة.

كل هذا الدعم الأمريكي مكّن إسرائيل من ارتكاب مجازر جماعية، ذات عواقب إنسانية وخيمة. تُقدّر ورقة بحثية جديدة بعنوان "تكاليف الحرب"، أعدتها نيتا كروفورد من جامعة أكسفورد والمؤسسة المشاركة للمشروع، أن أكثر من 236 ألفًا من سكان غزة قُتلوا أو جُرحوا خلال الحرب، وهو ما يُمثل نسبة 10% من سكان القطاع. وفي الورقة البحثية الرابعة من سلسلة "تكاليف الحرب" المنشورة حديثًا، وجد عالم الأنثروبولوجيا ديفيد فاين أنه منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، نزح أكثر من 5 ملايين شخص بسبب الحرب في غزة والقتال الدائر في المنطقة.

إن التكاليف الإنسانية لحرب غزة باهظة، لكنها للأسف ليست نهاية المطاف. إن استمرار دعم جهود إسرائيل الحربية في غزة وخارجها قد يجر الولايات المتحدة إلى صراع مباشر وطويل الأمد في المنطقة، كما كاد أن يحدث عندما أمرت إدارة ترامب بشن غارات جوية على إيران في يونيو/حزيران من هذا العام. في غضون ذلك، سيُصعّب دعم أمريكا الثابت لحرب إسرائيل الوحشية على الدبلوماسيين الأمريكيين الضغط على الدول الأخرى بشأن قضايا حقوق الإنسان أو التحدث بمصداقية عن "نظام دولي قائم على القواعد".

لا جدوى من دعم حرب إسرائيل على غزة أو تصعيدها للصراع في المنطقة. متى سيمتلك رئيس أمريكي الشجاعة للتخلي عن سياسة "إسرائيل على حق أو على باطل" واستخدام نفوذ أمريكا لوقف القتل؟


المصدر: معهد responsible statecraft

الكاتب: William Hartung




روزنامة المحور