الثلاثاء 07 تشرين أول , 2025 12:20

عامان على "طوفان الأقصى": الاقتصاد الإسرائيلي يغرق في وحل غزة

بعد عامين من فشل أمني غير مسبوق منذ قيام كيان الاحتلال وعملية "طوفان الأقصى" والحرب التي أعقبته، بات يتضح اليوم أن الاقتصاد الإسرائيلي يواجه تهديداً حقيقياً، خاصة وأن التطورات لم تعدّل موقف الحكومة الإسرائيلية، بقيادة اليمين المتطرف، التي ما زالت تميل إلى خيار الحرب الطويلة.

يبقى السؤال الأساسي: إلى أي مدى يمكن للاقتصاد الإسرائيلي الصمود أمام استمرار الحرب؟ تشير تقديرات معهد أهارون الاقتصادي إلى ثلاثة سيناريوهات رئيسية، كل منها يعكس درجة متفاوتة من المخاطر الاقتصادية والمالية، مع آثار مباشرة على النمو، الدين، العجز، والاستقرار المالي والاجتماعي.

-سيناريو التسوية وانهاء الحرب: إذا وصلت المفاوضات الحالية في مصر إلى اتفاق وقف اطلاق النار، سيكون الاقتصاد الاسرائيلي أمام فرصة صعبة للتعافي، على الرغم من انخفاض النمو إلى 2.2% وارتفاع العجز إلى 5.3% من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة الحالية. ومن المتوقع أن يتحسن النمو إلى نحو 3.6% في العامين المقبلين، بينما ينخفض العجز والدين تدريجيا إلى 4% و68-69% على التوالي بحلول 2026-2027.

هذا السيناريو يعتمد على تنفيذ إصلاحات هيكلية ضرورية لدعم النمو الاقتصادي، وهي أمام الانقسام السياسي الحاد لا تبدو ضرورية أو من الاولويات، خاصة وأن نتنياهو الهارب من قضايا الفساد وشبح الدخول إلى السجن، يستنجد اليمين المتطرف المطالب باستمرار الحرب، لعدم انهيار الحكومة.

-الاحتلال الكامل لغزة: في حال فشل التفاوض واستمرار الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة، يواجه الاقتصاد سيناريو كارثياً. يتطلب هذا الخيار تعبئة واسعة النطاق لحوالي 100 ألف جندي احتياطي، وتوفير الغذاء والخدمات الأساسية، ما يرفع الإنفاق العسكري إلى أكثر من 8.5% من الناتج المحلي الإجمالي في 2025، ويزيد العجز إلى 5.6%-6.9% في عامي 2025 و2026.

تؤكد تقديرات معهد أهارون أن هذا السيناريو سيؤدي إلى ركود اقتصادي، مع انخفاض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في 2025، وارتفاع الدين إلى نحو 75% بحلول 2026، وصولاً إلى 78% في 2027، ما قد يؤدي إلى تراجع تصنيف ديون إسرائيل وارتفاع كلفة التمويل الحكومي.

بالإضافة إلى ذلك، سيؤدي استمرار الاحتلال إلى تفاقم العزلة الدولية، وفرض عقوبات على التصدير، وخاصة في قطاع التكنولوجيا المتقدمة، ما يقلص النمو المحتمل على المدى الطويل إلى نحو 1% سنوياً في 2028-2035، مع هجرة حادة للكوادر والنخبة ورجال الأعمال وأصحاب الرساميل وتأثر سوق العمل المتخصص. كما ستتدهور الخدمات المدنية الأساسية، بما فيها الصحة والتعليم، بسبب ارتفاع الإنفاق العسكري وغياب الإصلاحات الاقتصادية.

-استمرار الوضع الراهن دون تسوية: السيناريو الثالث يمثل استمرار الوضع الراهن مع نشاط عسكري محدود ومسؤولية إسرائيل عن توزيع الغذاء في غزة. في هذا السيناريو، سيظل النمو منخفضاً عند 1.3% في 2025 و1.7% في 2026، في حين سيرتفع العجز إلى 5%-5.4% والدين إلى 72%، وصولاً إلى 88% بحلول 2035.

هذا السيناريو يعكس هشاشة الاقتصاد ويعزز المخاطر طويلة المدى، بما في ذلك تباطؤ النمو إلى متوسط 2% سنوياً، وتراجع إمكانات الاقتصاد نتيجة هجرة الأدمغة وحالة عدم اليقين المستمرة. مع عدم تنفيذ إصلاحات هيكلية، قد يصبح تمويل الحكومة مستحيلاً، ما يضعها على حافة الإفلاس الفعلي.

بين هذه السيناريوهات الثلاثة، يبدو أن مستقبل الاقتصاد الإسرائيلي مرتبط بشكل مباشر بمدى نجاح خطة ترامب في التوصل إلى تسوية سريعة مع غزة. التسوية توفر فرصة نادرة لإنقاذ الاقتصاد، بينما الاحتلال الكامل أو استمرار الوضع الراهن يضعان الاقتصاد أمام مخاطر حقيقية تشمل ركوداً طويل الأمد، زيادة الدين والعجز، هجرة الأدمغة، وتراجع الاستقرار المالي والاجتماعي.

تشير هذه التقديرات إلى أن استمرار النزاع دون حل سياسي يعرض إسرائيل لفقدان مكتسبات قطاع التكنولوجيا، ويضعف قدرتها على الحفاظ على سوق عمل نشط، كما يزيد من الضغوط الدولية على الحكومة، ما قد يؤدي عملياً إلى إفلاس الكيان أو انهيار القدرة على تمويل الدفاع والخدمات الأساسية.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور