الأربعاء 29 تشرين أول , 2025 05:03

أكثر من 2000 ضحية في الفاشر... والقاتل معروف والراعي إماراتي

عناصر من ميليشيا الدعم السريع

ارتكبت ميليشيا قوات الدعم السريع في السودان وما تزال ترتكب، جرائم حرب وإبادة جماعية بحق المدنيين، وأخرها في منطقة الفاشر التي سيطر عليها عسكرياً، لكنه لم يكتف بذلك فعمد الى تصفية أكثر من 2000 شخص مدني، ومن ضمنهم جرحى في المستشفيات وأطقم إسعاف في الصليب الأحمر، والمسؤول الأول عن التعمية على هذه الجريمة حكام الإمارات، الذين يدعمون ميليشيا قوات الدعم السريع، والذين أبدت وسائل الإعلام التابعة لهم فرحها بسقوط المدينة.

جرائم مروعة

ومن أشد الأمور الغريبة والمستهجنة، هو قيام عناصر الدعم السريع بتصوير مقاطع فيديو توثّق جرائمهم التي يرتكبونها في مدينة الفاشر، والتي يظهرون فيها وهم يتفاخرون بقتل المدنيين العزل. ومن هذه المشاهد الذي وثّق الجرائم داخل المستشفى السعودي بالفاشر، حيث نشر عناصر من قوات الدعم السريع مقطع فيديو يوثق إعدام مرضى وعزل على مرأى الجميع، وسط صيحات فرح ورفع شعارات النصر. ومن أكثر المشاهد إيلاما، هو ذلك الفيديو الذي أظهر رجلين مسنين أثناء محاولتهما النزوح، لكن أفراد المليشيا أوقفوهما ووجهوا إليهما خطابات كراهية وعنصرية فاحشة، ثم يظهر طفل لا يتجاوز عمره 10 سنوات يحمل سلاحا، ليقتل أحد الرجلين الذي يقدر عمره بنحو 70 سنة بدم بارد.

هذه المقاطع أثارت غضبا شديدا عالمياً على منصات التواصل الاجتماعي، وقد اعتبر مغردون أن هذه المشاهد المروعة تكشف عن الوجه الإرهابي لهذه الميليشيا التي احترفت القتل والاغتصاب والنهب دون وازع من إنسانية، وسط صمت دولي مستمر تجاه تصنيف هذه المليشيا كجماعة إرهابية (فيما يسارع هذا العالم الى اتهام حركات وقوى المقاومة بهذه التهمة)، وكل هذا يؤكد وجود تواطؤ دولي – تقف خلفه السلطات الإماراتية - أمام إبادة ممنهجة بحق الأبرياء.

السيطرة على الفاشر في ميزان الحرب

أما على صعيد الحرب، فقد عدّ خبراء عسكريون ومحللون سيطرة ميلشيا الدعم السريع على مدينة الفاشر، بعد حصارها أكثر من 500 يوم، كتحول بارز ومفصلي في مسار الحرب المستمرة منذ نحو 30 شهرا، لأنه يمكن أن يعيد القتال مرة أخرى إلى وسط البلاد، ويطيل أمده ويرسم خريطة سياسية وإدارية جديدة في المنطقة، أو يدفع نحو إنهاء الحرب بضغوط دولية. فيما يعتقد البعض بأن هذا التحول كي يدفع نحو سيناريو تقسيمي جديد للبلاد، خاصة أن من شأن السيطرة على الفاشر احتفاظ الجيش بالسيطرة على المناطق الممتدة على طول نهر النيل والبحر الأحمر في شمال البلاد وشرقها ووسطها، بينما تُهيمن ميليشيا حميدتي على دارفور وأجزاء من ولايات إقليم كردفان الثلاث. ومدينة الفاشر تعدّ العاصمة التاريخية والسياسية لإقليم دارفور، وتمثل الثقل السياسي والثقافي والعسكري للإقليم، والصلة بينه وبين شمال السودان والدول الأفريقية المجاورة. فهذه المدينة التاريخية تقع عند تقاطعات جيوستراتيجية تربط السودان بتشاد وأفريقيا الوسطى وليبيا، مما يجعل السيطرة عليها ورقة تفاوضية تتجاوز الداخل إلى أبعاد إقليمية.

أزمة الفاشر الإنسانية بالأرقام

وبالأرقام يسكن الفاشر 1.5 مليون نسمة، من بينهم 800 ألف نازح من المدن الأخرى في إقليم دارفور، الذين نزحوا اليها بسبب النزاع المسلح الدائر في الإقليم منذ سنة 2003، ولم يتبقَّ فيها اليوم سوى 260 ألفا محاصرين داخلها، بينهم 130 ألف طفل، وهم يعانون من انقطاع المواد الغذائية والأدوية والمياه الصالحة للشرب.


الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور