الخميس 28 آب , 2025 11:51

طهران تايمز: المقامرة الأوروبية بإعادة تفعيل آلية "سناب باك"

قمة ترامب مع رؤساء أوروبا

وفقاً لهذا المقال الذي نشره موقع صحيفة "طهران تايمز" وترجمه موقع الخنادق الالكتروني، فإن الترويكا الأوروبية تخطّط بشكل غير قانوني لتفعيل آلية إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران "سناب باك snapback"، وهو ما سيؤدي حتماً الى تداعيات خطيرة، أهمها تقويض مصداقية الاتفاق النووي بشكل أكبر، ومصداقية المسارات الدبلوماسية. وقد شدّد المسؤولون الإيرانيون مرارًا بأن أي محاولة لإعادة فرض العقوبات تعني عمليًا إلغاء الاتفاق النووي.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه، عن ماهية الدوافع التي تؤثر على الترويكا الأوروبية للقيام بهذه الخطوة والمقامرة؟

النص المترجم:

في خطوة قد تزيد التوتر مع طهران، تستعد بريطانيا وفرنسا وألمانيا – المعروفة مجتمعة باسم E3لتفعيل ما يُسمّى بآلية "العودة التلقائية للعقوبات" (Snapback) الواردة في الاتفاق النووي لعام 2015.

وبحسب وكالة رويترز، تعتزم الدول الأوروبية الثلاث بدء العملية رسميًا لإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران في وقت مبكر من يوم الخميس، مع ترك الباب مفتوحًا لإمكانية تأجيل التنفيذ الفعلي لمدة 30 يومًا إذا ما قدمت طهران التزامات جديدة بشأن برنامجها النووي.

وأقرّ الدبلوماسيون المشاركون في محادثات جنيف بأن الاجتماع الذي عُقد الثلاثاء بين إيران والترويكا الأوروبية لم يسفر عن أي نتائج ملموسة. ورغم تأكيد الأوروبيين استعدادهم لترك مجال لمزيد من الدبلوماسية، إلا أنهم بدوا عازمين على إبقاء خيار "سناب باك" مطروحًا، بحجة منع انتهاء صلاحية قرار مجلس الأمن 2231 في منتصف أكتوبر. هذا القرار، الذي اعتُمد بعد خطة العمل المشتركة الشاملة (JCPOA) عام 2015، رفع العقوبات مقابل قيود نووية وكان من المقرر أن ينقضي بعد عشر سنوات من توقيعه.

لكن ما وراء التفاصيل التقنية، يُظهر سعي الأوروبيين لتفعيل "سناب باك" أزمة أعمق: إنهم يحاولون إثبات سلطة جيوسياسية في وقت لم يكن فيه تبعيتهم لواشنطن أوضح مما هي عليه الآن.

قبل أيام فقط، قام قادة أوروبيون برحلة مُعلنة إلى واشنطن لحضور قمة مع الرئيس دونالد ترامب حول أزمة أوكرانيا. لكن بدلاً من إظهار وحدة الصف، اعتُبرت صور الاجتماع مهينة لأوروبا.

فقد أظهرت الصور ترامب جالسًا بفخامة وراء مكتبه في البيت الأبيض، فيما جلس القادة الأوروبيون – رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، المستشار الألماني فريدريش ميرتس، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني وآخرون – متزاحمين على الجانب الآخر. حتى وسائل الإعلام الأوروبية المتعاطفة لم تستطع تجاهل المشهد: ما كان يُفترض أن يرمز إلى التضامن كشف في الواقع عن تسلسل هرمي صارخ، حيث بدا ترامب هو صاحب القرار الوحيد وأوروبا مجرّد تابع.

في هذا السياق من التراجع في المكانة، تسعى الترويكا الأوروبية لاستخدام ورقة "سناب باك" ضد إيران.

إيران رفضت بشكل قاطع آلية "سناب باك"، معتبرة إياها غير شرعية. فقد جرى تضمينها في الأصل داخل الاتفاق النووي لطمأنة الأطراف بأن العقوبات يمكن أن تعود بسرعة إذا أخلّت طهران بالتزاماتها. لكن إيران ترى أن انسحاب الولايات المتحدة الأحادي من الاتفاق عام 2018 أسقط حق واشنطن في استخدام هذه الآلية.

أما أوروبا فموقفها أضعف. فبعد فشلها لسنوات في الوفاء بالتزاماتها الاقتصادية المنصوص عليها في الاتفاق – مثل إنشاء آليات تجارية لتخفيف أثر العقوبات الأميركية – تدّعي الآن أنها تملك الحق في معاقبة إيران على ما تصفه بانتهاكات. وتصرّ طهران على أن الأوروبيين يفتقرون إلى الشرعية القانونية والسلطة الأخلاقية للقيام بذلك.

حتى ضمن القانون الدولي، فإن الموقف الأوروبي هش. فالقرار 2231 جاء ثمرة تسوية متفاوض عليها بين جميع الأطراف، بما في ذلك روسيا والصين. وأي محاولة أوروبية لتفعيل "سناب باك" من دون توافق تهدد بانهيار الإطار الذي يزعمون أنهم يريدون الحفاظ عليه.

وإذا مضت الترويكا قدمًا، فالنتيجة الأرجح ليست استعادة النفوذ، بل تقويض مصداقية الاتفاق بشكل أكبر. كما شدّد المسؤولون الإيرانيون مرارًا: أي محاولة لإعادة فرض العقوبات تعني عمليًا إلغاء الاتفاق النووي.

كما حذّرت طهران من "ردّ قاسٍ" إذا أقدمت أوروبا على هذه الخطوة. غير أن القادة الإيرانيين يدركون عمليًا أن العقوبات ليست أمرًا جديدًا. فمنذ عقود تعيش الجمهورية الإسلامية تحت أشكال مختلفة من القيود الاقتصادية الغربية.

وخلال السنوات الخمس عشرة الماضية خصوصًا، شهدت إيران دورات متكررة من الإجراءات القاسية – قيود مصرفية، حظر نفطي، منع تقني – تهدف إلى عزلها. ورغم تكلفتها الواضحة، دفعت هذه الضغوط البلاد إلى التكيّف، ما عزّز مناعتها الذاتية وابتكاراتها في قطاعات أساسية. وقد تسارعت إنجازاتها في مجالات الطيران، والتقنيات الحيوية، والصناعات الدوائية، وحتى التكنولوجيا النووية، تحديدًا لأن الضغط الخارجي لم يترك خيارًا سوى تطوير القدرات محليًا.

لهذا السبب، ترى طهران أن تهديد أوروبا بآلية "سناب باك" ذو طابع رمزي أكثر من كونه ماديًا. فإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة لن تغيّر جذريًا من الظروف التي اعتادت إيران العمل تحتها. بل ستؤكد مجددًا أن الوعود الغربية بالدبلوماسية لا يُعتمد عليها.

وفي الوقت نفسه، يبقى الملف النووي موضع نزاع. فقد عاد مفتشو الأمم المتحدة هذا الأسبوع إلى إيران للمرة الأولى منذ أن علّقت طهران تعاونها إثر الضربات الأميركية والإسرائيلية على منشآتها النووية في حزيران / يونيو. لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن نطاق عملهم أو الوصول إلى المواقع.

وعرضت الترويكا الأوروبية تأجيل "سناب باك" حتى 6 أشهر إذا استأنفت إيران عمليات التفتيش الكاملة ودخلت في محادثات مع الولايات المتحدة الأمريكية. لكن هنا أيضًا تكمن المفارقة: أوروبا تشترط الدبلوماسية بتهديد العقوبات، وهي وسيلة يصعب أن تنجح مع دولة اعتادت الضغوط.

وأشارت إيران إلى استعدادها لاستئناف الحوار مع واشنطن بشرط واحد: تقديم ضمانات بعدم مرافقة المفاوضات لأي ضربات عسكرية جديدة. وبالنظر إلى هجوم حزيران / يونيو على المنشآت الإيرانية، الذي جرى بالتنسيق بين إسرائيل والولايات المتحدة، فإن هذا الشرط ليس تافهًا ولا غير منطقي.


المصدر: طهران تايمز - Tehran times

الكاتب: غرفة التحرير




روزنامة المحور