منذ بدايات معركة طوفان الأقصى قبل عامين تقريباً، وحتى ما قبلها بسنوات، بات تحدي الدرونات والمسيّرات الصغيرة المعروفة بطائرات FPV وطائرات الـ Quadcopter، تشكّل تحدياً عسكرياً رئيسياً لحركات وقوى محور المقاومة، سواء من قبل الكيان المؤقت أم حتى من الولايات المتحدة الأمريكية، وبالعكس أيضاً.
ومؤخراً نشرت القيادة المركزية الأمريكية - سنتكوم في هذا السياق، وحدة عسكرية جديدة في المنطقة للانتشار السريع للطائرات بدون طيار (REJTF)، بمسعى "منح" القوات الأمريكية المتواجدة في المنطقة "ميزة حاسمة في الاستخبارات والمراقبة والاشتباك الدقيق". وفي سياق متّصل يظهر الخشية الأمريكية بالمقابل من قدرات قوى المحور في هذا المجال أيضاً، أكملت القوات الأمريكية والسعودية الأسبوع الماضي، مناورة "الرمال الحمراء" التي تم وصفها بأنها أكبر مناورة بالذخيرة الحية لمكافحة أنظمة الطائرات بدون طيار في منطقة الشرق الأوسط. وكُشف بأن المناورة التي استمرت لعدة أيام وشارك فيها أكثر من 300 فرد، قد تضمنت استخدام 20 نظامًا مضادًا للطائرات بدون طيار في ميدان التدريب "شمال-2" شمال شرق المملكة العربية السعودية.
التهديد سيتحول فرصة والبداية من غزة
هذا التهديد المتصاعد والمتزايد، سيتم تحويله حتماً الى فرصة وهذا ما بدأ تحقيقه بالفعل في قطاع غزة عبر المقاومة الفلسطينية، التي استطاعت وبإمكانيات متواضعة تحقيق نتائج مهمة على هذا الصعيد.
ففي قطاع غزة المحاصر الذي يتعرض لحرب إبادة منذ عامين تقريباً، تمكّن المقاومون منذ الأشهر الأولى للمعركة، مرات عديدة من اسقاط مسيّرات إسرائيلية أو السيطرة عليها (وهو ما يعدّ أخطر وأعقد). حتى أن أحد ضباط جيش الاحتلال الإسرائيلي قد صرّح قائلاً: "في الواقع، أصبحت طائراتنا المسيّرة ذراع جمع المعلومات لحماس". فوفقاً لقناة 12 الإسرائيلية، في تقرير على موقعها، فإن كتائب القسام تمكنت من جمع معلومات عن جيش الاحتلال في غزة عبر الطائرات الصينية التي يستخدمها الجيش نفسه. ولا يقتصر هذا الإنجاز عند كتائب عز الدين القسام فقط، بل تبرع فيه أيضاً سرايا القدس التي استطاعت مرات عديدة اسقاط أو السيطرة على مسيّرات إسرائيلية.
أبرز المسيّرات الإسرائيلية
أما أبرز المسيّرات الصغيرة التي تستخدمها إسرائيل فهي:
1)سبايك فايرفلاي (Spike FireFly):
هي من أهم المسيّرات الهجومية الجديدة وهي ضمن عائلة صواريخ "سبايك" الموجهة بدقة التي تطورها وتنتجها شركة الأسلحة الإسرائيلية "رافائيل". تتخصص هذه المسيرة في تنفيذ العمليات الانتحارية، فهي تحمل قوة تفجيرية ويمكنها مهاجمة الأهداف مباشرة أو الطيران وانتظار ظهور الهدف. وقد صُممت هذه المسيّرة بوزن خفيف، نحو 3 كغ، لكي يستخدمها الجنود في حروب المدن، ورغم حجمها الصغير فإنها تملك قوة تدميرية كبيرة، لامتلاكها رأساً حربياً شديد الانفجار متعدد الاتجاهات، مما يوفر قوة قاتلة ضد الأهداف المتوارية خلف هياكل خرسانية وخارج إطار الرؤية.
2) سويتش بليد 600 - Switchblade 600 الأمريكية: لا تكتفي إسرائيل باستخدام المسيّرات التي تصنّعها، بل تلجأ أيضا إلى نماذج مصنوعة في الولايات المتحدة الأمريكية مثل المسيّرة الانتحارية من طراز "سويتش بليد 600" التي تمتلك كاميرا متطورة ويمكنها حمل كمية من المواد المتفجرة، ولديها القدرة على استقبال المعلومات من الطائرات بدون طيار القريبة منها، والتي تستطيع تنفيذ مهامها على بعد 40 كيلومترا.
3)مسيّرات "سكاي لارك": يستخدمها جيش الاحتلال في عمليات الاستطلاع والاستخبارات والتجسس والاستحواذ على الهدف في ساحة المعركة على مستوى كتيبة، وتصنعها وتنتجها شركة "أنظمة إلبيت" للأسلحة.
4)لانيوس: ذخيرة مُتسكِّعة من إنتاج شركة إلبيت. تُوصف بأن له قدرة عالية على المناورة ومتعددة الاستخدامات، وقادرة على حمل حمولات قاتلة أو غير قاتلة، ورسم خرائط، وتنفيذ عمليات استطلاع في حرب المدن.
5)مسيرات دي جي آي DJI الصينية من طراز أغراس ومافيك وأفاتا: وقد بات معلوماً بأن إسرائيل تستخدم هذه المسيرات بعد أن أجرت لها تعديلات، فمنها ما تم تزويده بقنابل، ومنها ما يتم استخدامه للاستطلاع وتحديد الأهدافن ومنها ما يستخدم لرسم الخرائط واستكشاف الأنفاق.
كيف يمكن مواجهة هذا التحدي؟
_التشويش والاختراق الإلكتروني: هذا الأمر يتم عبر تنفيذ عمليات تشويش عامة (jamming) يمكن أن تقطع وصلة التحكم بين الطائرة ومحطة التحكم، وفي بعض الأنظمة يؤدي فقدان الاتصال إلى هبوط الطائرة أو عودتها. كما يمكن في بعض الحالات اختراق روابط التحكّم (spoofing/hacking) إذا كانت الأخيرة غير محمية جيداً.
_الاعتراض الناري عبر البنادق والأسلحة الرشاشة المضادة للطائرات الخفيفة:
وفقاً لما تم نشره في ساحات القتال عديدة كغزة او حتى غيرها سواء في جنوبي لبنان أو في الجمهورية الإسلامية في إيران أو حتى خلال العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، فإن بالإمكان استخدام بنادق الصيد أو الأسلحة الرشاشة (الفردية والمتوسطة وصولاً الى الرشاشات الثقيلة، وحتى الأنظمة الصاروخية المحمولة على الكتف أرض-جو في حالات أخرى لا سيما اذا كانت طائرات مسيرة بأحجام كبيرة وبقدرات تسليحية وتتواجد في أماكن ذات أهمية للمقاومة) لإسقاط أو تعطيل هذه الطائرات.
كما يمكن في حالات معينة استخدام قاذفات المضادة للدروع RPG-7
_الاحتجاز الفيزيائي بعد سقوط/هبوط قسري: يمكن أيضاً استخدام أنظمة اعتراض غير قاتلة مثل الشِباك أو بنادق التشويش الالكتروني من أجل احتجاز هذه المسيرة والسيطرة عليها.